شرب النبيذ ومنع العلاقات الجنسية والإجهاض..
أغرب الفتاوى والآراء الشاذة عن حقوق المرأة على الزوج
على مدار الأيام الماضية، أثارت تصريحات متتالية حول مهام الحياة الزوجية والأسرية، من جهة الحقوق والواجبات، جدلا واسعا في مصر، وأفرزت حالة استقطاب حاد، ظهرت جلية في تباين آراء مستخدمي مواقع التواصل في البلاد إزاء توقيته وجدواه، وانعكاساته على تماسك الأسرة، خاصة بعدما دخل على الخط عدد من رموز المجتمع آخرهم المحامية نهاد أبو القمصان، واستشارية العلاقات الأسرية هبة قطب.
وتركزت أهم محاور النقاش حول عدد من القضايا، من أبرزها: المفاضلة بين عمل المرأة ورعايتها لمنزلها، وضوابط مشاركة الزوجين في المهام المنزلية، وخدمة كل منهما للآخر، ومسؤولية إرضاع الأم لأطفالها.
بدأ الجدال بعد تصريحات للدكتورة شيرين غالب، نقيب أطباء القاهرة، نصحت فيها الطالبات الخريجات بأهمية أن تكون «الأولوية للمنزل ولتربية الأولاد قبل المهنة».
بعد ذلك تصدر اسم الدكتورة هبة قطب، استشارية العلاقات الأسرية، «تويتر» بعد تصريحاتها لوسائل الإعلام عن ضرورة مشاركة الرجال لزوجاتهم في دخول المطبخ والطهي، وتأكيدها أنه لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها دون مشاركة أو تبادل للأدوار.
ثم تصدر اسم المحامية نهاد أبو القمصان مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت مقطع فيديو عبر صفحتها الشخصية على «فيسبوك» قالت فيه إن «القرآن لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن».
واستشهدت «أبو القمصان» في كلامها بالآية القرآنية: «والوالِدَات يُرضِعنَ أَولَادَهن حولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أَن يُتِم الرضَاعَةَ، وَعَلَى الْمَولُودِ لَه رزقهن وكسوتهن بالمعروف فإِن أَرضَعنَ لَكُم فَآتُوهن أُجُورَهُن».
في المقابل أيدت الدكتورة سعاد صالح، أستاذة ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في جامعة الأزهر، الرأي الذي يرى أن الزوجة ليست مجبرة على خدمة الزوج ولا الطبخ وإذا فعلت فذلك يكون من باب الفضل والمروءة.
من جانبها، حصلت «النبأ» على أغرب الآراء الشاذة عن حقوق المرأة وعلاقتها بالرجل داخل كتب التراث المليئة بالفتاوى الشاذة عن هذا الأمر، ومن أبرز الآراء الفقهية في حقوق المرأة بكتب التراث، حقّ المرأة في التصرّف في جسدها، حيث حقها في تنظيم الولادات وتحديد النسل واتخاذ قرار الإجهاض.
كما تناولت كتب التراث الفقهية، فتاوى وآراء عديدة عن حقّ المرأة في المتعة وحقّها فى المطالبة برفع الضيم الذى يلحقها نتيجة استهتار الزوج بحقّها أو غيابه.
كما توجد آراء تدعو المرأة إلى عدم الطاعة للزوج في الفرش ما دام، لا يمتعها جنسيًا أو لديه ضعف جنسي، أو لا يستطيع أعطاءها حقها من الإشباع الجنسي، وأكدوا أصحاب تلك الآراء أن جسد المرأة ليس مستباحا للرجل يفعل به ما يشاء وقتما يحتاج، فهذا الجسد له الحق في المتعة هو الآخر.
ومن الآراء الغريبة المنتشرة بكتب التراث الفقهية، الفتوى بأنه ليس للزوج الحق في منع زوجته من شرب النبيذ ما دامت تعتقد إباحته.
الموقف الفقهي من خدمة المرأة لزوجها
وناقش الفقهاء قضية قيام الزوجة بأعباء البيت من حيث الأعمال المنزلية، من طبخ، وخبز، وغسل، ورعاية للبيت وأهله، بل ولأهل الزوج نفسه، وهو ما كان يحدث إلى فترات قريبة وبخاصة في البيوت الريفية وغيرها، دون هذه الضجة من النقاش الحادث الآن، واختلفوا في المسألة.
وبدراسة موقف المذاهب الأربعة في هذه الأمر نجد أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن الزوجة يجوز لها أن تخدم زوجها في البيت، سواء أكانت ممن تخدم نفسها أو ممن لا تخدم نفسها، إلا أنهم اختلفوا في وجوب هذه الخدمة، فذهب الجمهور -الشافعية والحنابلة وبعض المالكية- إلى أن خدمة الزوج لا تجب عليها لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به.
وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة المرأة لزوجها ديانة لا قضاء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قسم الأعمال بين علي وفاطمة -رضي الله عنهما-، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على عليّ، ولهذا فلا يجوز للزوجة -عندهم- أن تأخذ من زوجها أجرا من أجل خدمتها له.
وذهب جمهور المالكية وأبو ثور، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، إلى أن على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها، لقصة علي وفاطمة -رضي الله عنها-، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى عليّ بما كان خارج البيت من الأعمال.
وبالنسبة لخدمة الزوج زوجته، فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز خدمة الرجل الحر لزوجته، ولها أن تقبل منه ذلك.
وعلمت «النبأ» أن الأزهر الشريف ينوي تشكيل لجنة من كبار علماء الدين للرد على ما يثار بشأن حقوق المرأة في الإسلام وعلاقتها بالزوج والأبناء، وإعداد تفسير كامل شرعيا عما ذكر من نقاط من قبل البعض عن حقوق المرأة، وخدمة زوجعها أوهل بيته.
وكشفت المصادر، أن اللجنة سوف تفند فتاوى كتب التراث للرد عليها، باعتبار أن تلك الكتب وراء نشر الأفكار الصادمة من قبل البعض مؤخرًا.
في الوقت ذاته خرج الأزهر برد حاسم لجميع القضايا الأخيرة، مؤكدًا أن الخوض فى أحكام الأسرة بغير علم يُشْعِل الفتن، ويُفسد الأسرة، ويعصف باستقرار المُجتمع.
وتابع الأزهر، أن العلاقة الزّوجية علاقة سَكَن تكامُليّة، تقوم على المودة والمُسامحة، وحفظ حقوق الرّجل والمرأة والطّفل، وليست علاقة نديّة أو استثمارية نفعيّة، وتغذيةُ روح المادية والعدائيَّة فيها جريمة أخلاقيّة.
واستكمل: «كما أن أُمومة المرأة وزوجيتها، ورعايتها بيتها، وتخريجها أجيالًا صالحة للمجتمع رسالةٌ عظيمة، لا تضاهيها رسالة، وادعاء دونية هذه الأدوار طرح كريه؛ يُقصد به تخلى المرأة عن أهم أدوارها وتفكك أسرتها، ولا يليق بقدسيّة الزّواج ومكانة الزّوجة فيه أن تُعامَل معاملة الأجير فى أسرتها، بأن تُفرَض لها أجرة محددة نظير أعمال رعاية أولادها وزوجها، وإنما على الزّوج واجب النّفقة بالمعروف لها ولأولادهما، وإفساد منظومة الأسرة يؤذن بفساد المُجتمعات».
وأوضح الأزهر، أن للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على أدوار ومهمات حياتهما وفق ما رأيا، وفى حال الاختلاف يُردّ الأمر المُتنازَع فيه للشَّرع الشريف والأعراف المُستقرة التى لا تخالفه، والحقوقُ الزوجيةُ متشابكةٌ ومرتبةٌ على بعضها.