تقارير رقابية تكشف «فساد برائحة البنزين»:
بيزنس الكبار فى «بونات السولار» داخل شركات الأدوية العامة
كشفت تقارير رقابية عن وقائع فساد غريبة وطريفة انتشرت في الآونة الأخيرة في بعض شركات الأدوية، وربما يكون الأمر مدهشًا إذا علمنا أن تلك الوقائع تتعلق بعمليات فساد وتلاعب وبيزنس في وقود السيارات المملوكة لتلك الشركات يقودها الكبار على نحو واسع حتى أصبحت تلك الوقائع محل فكاهة بين العالمين لدرجة وصلت إلى التغامز فيما بينهم بالعبارة الأشهر «فساد بطعم البنزين».
وبحسب التقارير، فإن أبرز المخالفات في ملف وقود السيارات داخل شركات الأدوية، تتمثل في عمليات التلاعب في المسافات المقطوعة للسيارات والمسجلة بدفاتر الشركات والتي تختلف اختلافًا كليًا عن المسافات المقطوعة من واقع قراءة العدادات وأوامر التشغيل لكل سيارة، مما ترتب عليها صرف وقود دون وجه حق دون محاسبة السائقين عليها.
ومن المخالفات أيضًا تعطيل طلمبات تمويل السيارات التي تم إنشائها داخل بعض شركات الأدوية، من أجل اللجوء إلى بعض شركات البترول وعقد صفقات يطلق عليها صفقات «بونات البنزين» خاصة مع شركة التعاون للبترول.
هذا بخلاف تدمير الورش الداخلية وإدارة الحركات المخصصة بإصلاح السيارات وعمل العمرات لها داخل كل شركة، حيث تبين أن الهدف من ذلك اللجوء إلى الورش الخارجية دون وجود عقود مبرمة، مما ترتب عليه صرف مبالغ مالية كبيرة دون وجه حق نظيرًا لتكرار عمليات الإصلاح للسيارة الوحدة أكثر من مرة خلال الشهر الواحد.
يضاف إلى ما سبق، عدم الاستغلال الأمثل لكامل طاقة السيارات الملاكي داخل شركات الأدوية، بسبب استحواذ رؤساء الشركات والقطاعات وكبار الموظفين على معظم تلك السيارات واستغلالها في غير أوقات العمل لمصالحهم الخاصة.
وأكدت التقارير الرقابية، أن وقائع الفساد المتعلقة بوقود السيارات داخل شركة النيل للأدوية هي الأشهر على مستوى قطاع الأدوية ككل، خاصة أنه تبيّن أن الوقود المنصرف بالشركة خلال الفترة من يوليو2021 وحتى فبراير 2022 نحو 2.681 مليون جنيه، مقابل 2.198 مليون جنيه عن الفترة المثيلة بالعام السابق بزيادة بنحو 483 ألف جنيه، ويرجع ذلك لغياب الرقابة من القطاعات المختصة -القطاع المالي والإداري والتفتيش- على صرف الوقود.
وبحسب تقرير الفحص المحدود للقوائم المالية لشركة النيل للأدوية والصناعات الكيماوية الصادر في تاريخ 16/5/2022، فقد تبين عدم وجود معدلات معيارية حديثة لاستهلاك الوقود للرقابة على حركة تشغيل السيارات المملوكة لشركة النيل للأدوية، حيث تبيّن سريانها منذ أكثر من عشر سنوات وهي معدلات مبالغ فيها للوقود المنصرف مقابل مسافات متدنية؛ الأمر الذي أدى إلى التفاوت في الاستهلاك من شهر لآخر للسيارة الواحدة، بالإضافة إلى التفاوت في الاستهلاك للسيارات المتشابهة في الماركة والموديل، ومن الأمثلة على ذلك السيارات التي تعمل بفروع العامرية وأسيوط.
وأشار التقرير إلى أن عدم وجود معايير حديثة لاستهلاك الوقود تسبب أيضًا في وجود فروق بين المسافات المقطوعة بدفاتر الشركة لبعض السيارات الملاكي المنصرف بشأنها الوقود طبقًا للمعدلات المتدنية خلال الفترة من يوليو وحتى ديسمبر2021، وبين المسافات المقطوعة من واقع قراءة العداد وأوامر التشغيل لكل سيارة، مما ترتب عليها صرف وقود دون وجه حق دون محاسبة السائقين عليها، مثل ما تم صرفه للسائق «صبحي أحمد» عن السيارة رقم «869»، والسائق «إسماعيل عبدربه» عن السيارة رقم «521»، والسائق «مجدي عبده» عن السيارة رقم «386»، الأمر الذي يشير إلى عدم متابعة المختصين للوقود المنصرف طبقًا للمعدلات الموضوعة وربطه بالمسافات بأوامر التشغيل.
وأظهر التقرير، أن المعدل الموضوع بالشركة بلغ 133 كيلو مترا لكل 20 لتر بنزين 95 للسيارة رقم «269» بيجو موديل 2021 والمخصصة للعمل مع العضو المنتدب التنفيذي والساري منذ تاريخ شراء السيارة في فبراير وحتى أكتوبر2021، وتم تعديل هذا المعدل في شهر نوفمبر 2021 إلى 167 كيلو مترا لكل 20 لتر، في حين أن معدل الاستهلاك طبقًا للشركة المصنعة هو 20 لترا لكل 300 كم، هذا بالإضافة لعدم تدوين قراءة العداد عند ساعة القيام والوصول وعند أول وآخر كل يوم لمتابعة المسافات المقطوعة وربطها بالوقود المنصرف بزعم أن العداد معطل بأوامر الشغل ودفاتر البوابة بالشركة علي خلاف الحقيقة، حيث إن السيارة حديثة والعداد يعمل حسب إفادة رئيس الحركة وتم التحقيق من ذلك.
وأوضح التقرير، أن المسافة المقطوعة للسيارة المخصصة للعضو المنتدب التنفيذي للشركة من بدء استخدامها في فبراير 2021 وحتى 10/ 3/ 2021 بلغت «45230 كيلو مترا» بوقود منصرف 6360 لترا، وطبقًا لمعدل الشركة المصنعة للوقود المنصرف يقطع مسافة 95400 كيلومتر بانحراف بلغ «50170» كيلو مترا بوقود منصرف 3345 لترًا دون وجه حق بالزيادة، ويتصل بذلك ما لوحظ من تدني المسافات المقطوعة البالغة 270 كيلو مترا مقابل وقود منصرف 30 لترا للسيارات الملاكي أرقام «983، 984، 524» ماركة فيرنا موديل 2012.
ولفت التقرير إلى لجوء شركة النيل للأدوية للتعامل مع شركة التعاون للبترول لشراء بونات البنزين والسولار ومنحها للسائقين، في ذات الوقت يوجد موقع مخصص بالشركة لتموين السيارات، حيث يوجد طلمبة سولار بحالة جيدة سبق العمل بها منذ عدة سنوات لكنها الآن غير مستغلة.
ولفت التقرير إلى تعطيل عدادات السيارات بأوامر الشغل للسيارات أرقام «269 بيجو، 547 شاهين، 513 باص، 312 باص»؛ مما يضعف من الرقابة على حركة تشغيل السيارات لربط المسافة بالوقود المنصرف.
كما كشف التقرير، عن طول فترة إصلاح السيارات لعمل عمرة موتور وما لذلك من آثار على استغلال السيارات طيلة تلك الفترة، ومن الأمثلة على ذلك السيارة رقم «289» موديل 2008 شاهين خلال أشهر «6،7، 8، 9» من عام 2021، والسيارة رقم «6327» شيفورليه خلال أشهر «9، 8، 7» من عام 2021.
وطالب التقرير الرقابي، إدارة شركة النيل للأدوية بضرورة اتخاذ الإجراءات الواجبة لوضع معدلات معيارية لكافة أسطول النقل بالشركة طبقًا لحالة كل سيارة، ودراسة استغلال طلمبة تموين السيارات إحكامًا للرقابة، مع حصر ما تم صرفه لكافة السيارات دون وجه حق ومحاسبة السائقين بشأنها وضبط عدادات الكيلو متر، ومتابعة عملية الإصلاح حتى لا تستغرق مددا طويلة، مع التنبيه على المختصين بمتابعة ذلك الأمر حفاظًا على أموال الشركة.
كما كشف التقرير عن عدم استغلال كامل سعة السيارات الملاكي، حيث لوحظ ذلك من خلال تخصيص عدد 2 سيارة لمدينة العبور أرقام «148» أوبل مخصصة لرئيس القطاع الإداري فقط، والسيارة رقم «547» شاهين مخصصة للعمل مع 3 موظفين، بالإضافة للسيارة شانجي رقم «981» خط المعادي مخصصة للعمل مع أربعة موظفين وحمولتها 6 أفراد، مطالبًا بحصر كافة السيارات (الملاكي، والباصات) سواء المملوكة للشركة والمستأجرة من الغير والعمل على استغلال السعة المتاحة لكل سيارة ذات الخطوط المشابهة ترشيدًا للانفاق في ظل ارتفاع أعباء الصيانة والوقود وخلافه.
وبحسب التقرير، تبيّن تكرار إصلاح الإطارات لسيارات الشركة بـ«ورشة السلام لإصلاح الكاوتش» دون وجود تعاقد مبرم في هذا الشأن، وقد وصل عدد الإصلاح للسيارة الواحدة 3مرات شهريًا، بالرغم من وجود ورش بالشركة وعاملين بإدارة الحركة يقوموا بهذا الغرض، الأمر الذي يستوجب ضرورة إعادة النظر في الإصلاح في الورش الخارجية دون إبرام عقود منظمة واللجوء لإصلاحها داخل الشركة ترشيدًا للإنفاق وإحكامًا للرقابة.
ووفقًا للتقرير، فقد بلغت السلفة المستديمة لصيانة السيارات ما قيمته 25 ألف جنيه، في حين بلغ متوسط الصرف الشهري لها 21130 جنيهًا مما يشير إلى كبر حجم السلفة، مطالبًا بإعادة النظر في قيمة السلفة الممنوحة على مستوى الشركة طبقًا لمتوسط الصرف حتى تتواكب مع الغرض المنصرف من أجلة.
وطبقًا للتقرير، تبين وجود عدد 13 سيارة مكهنة بأرض الشركة لم تتخذ أي إجراءات للتصرف فيها، الأمر الذي يستوجب اللجوء لهيئة الخدمات الحكومية للتصرف فيها حفاظًا على أموال الشركة.
من جانبها، تؤكد «النبأ» أنها لا تسئ لأحد، ولا تسعى لصنع عداوات مع الشركات المذكورة، ولكن الجريدة في الوقت نفسه تمارس دورها المهم في تغطية الأحداث في كل القطاعات على مستوى الجمهورية، وذلك تطبيقا لدور الجريدة وصحفييها في كشف الحقائق، وتنتظر الجريدة أي رد من الشركات المذكورة، إعمالًا بأن حق الرد مكفولا بالقانون.