علي الهواري يكتب: معركة إنكار «الشريعة الإسلامية؟»
جدل كبير حول التصريحات التي أطلقها الإعلامي إبراهيم عيسى، والتي أكد من خلالها على عدم وجود شئ اسمه «الشريعة الإسلامية»، ووافقه في هذا الرأي الدكتور سعد الدين الهلالي، استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، كما أكدت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي على عدم وجود شئ اسمه «الدولة الإسلامية».. فأين الحقيقة؟
لا يوجد شئ اسمه الشريعة الإسلامية
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى على أنه لايوجد شيء اسمه الشريعة الإسلامية من الأساس، مشيرًا إلى ان هذا يسمى اجتهاد شخصي.
وقال الإعلامي إبراهيم عيسى خلال تقديم برنامجه “حديث القاهرة” على شاشة “القاهرة والناس”: “مفيش حاجة اسمها الشريعة الإسلامية أصلا.. ده اجتهاد بشري استخلصه البعض لكن مفيش كتاب اسمه الشريعة الإسلامية.. مفيش حاجة من دي خالص".
وتابع: "المصدوم يتصدم لكن يروح يدور على الحقيقة".
وليست المرة الأولى التي يردد فيها الإعلامي إبراهيم عيسى هذا الكلام، ففي 2014 قال من خلال برنامج «25\30» الذي كان يذاع على قناة «أون تي في»، إنه لا يوجد «شيء اسمه الشريعة الإسلامية».
وأضاف «عيسى» في برنامجه: «ربنا مقالش حاجة اسمها شريعة، ولا يوجد حديث نبوي صحيح به كلمة شريعة، أو خلافة في الإسلام».
وأوضح: «مش مشكلتي مين يقتنع بالكلام، أنا مشكلتي الناس تسمع وتفهم وبعد كدا تقرر براحتها».
ليس إبراهيم عيسى وحده الذي أنكر وجود شئ اسمه «الشريعة الإسلامية، ولكن الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أكد أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمي بـ" الشريعة الإسلامية"، مؤكدا على أن الإسلام هو المصحف الشريف فقط.
وقال "الهلالي": "هل سمعنا عن شريعة إسلامية خلال عهد الرسول عليه السلام والخلفاء؟، بالطبع لا، كما أن الأزهر أيضا لم يصدر كتاب بعنوان الشريعة الإسلامية"، لافتا إلي أن كتب الفقه تنسب لأصحابها وليس للإسلام.
وأوضح الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، أن «فقه أبي حنيفة النعمان لا يزيد على كونه فهم وفتاوى»، وأن «فقه الإمام مالك ينسب إلى مالك ولا ينسب إلى الشريعة الإسلامية»، وبالمثل فإن «فتوى الأزهر تنسب إلى الأزهر وليس للشريعة الإسلامية».
لا يوجد شئ اسمه الدولة الإسلامية
الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي، قالت: "العلمانية تعني أن الدولة حاجة والدين حاجة تانية، وهذا المجتمع مسلم لأن الأغلبية الساحقة من الشعب مسلمين إنما مفيش حاجة اسمها دولة إسلامية".
وفي كتابه، الإسلام وإنسانية الدولة، يؤكد الدكتور سعد الدين الهلالي، استاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة المنورة لم يطلق عليها اسم الدولة الإسلامية، ولما فتح مكة أبقى أسمها دون إضافة وصف الإسلامية، وفي سائر الفتوحات لم يصف المسلمون هذا الوصف الذي ابتدعه المغالون من المعاصرين.
وأضاف «الهلالي»، أن إضافة «الإسلامية» لاسم الدولة لم يحملها تكاليف شرعية بحيث تجعلها من أهل الجنة أو من أهل النار على ضوء أثر الامتثال، كما أن وصف الدولة الإسلامية على أنها شخص اعتباري يحمل بعض التكاليف الشرعية مزايدة على صاحب الشرع، وغلو في الدين، مطالبا بعدم النص على أن الإسلام دين الدولة في الدستور قائلا«ولا داعي للنص على أن الإسلام دين الدولة، فهي ليست شخصا طبيعيا مكلفا، وليست نصا دينيا مقدسا، ويكون هذا الدستور نموذجا يحتذى به في كل دول العالم، لا يتضمن من المواد الخاصة سوى مادة واحدة تحمل اسم الدولة ولغتها، وذلك تمهيدا لتوحيد العالم على كلمة الحق وحكم العدل، وقد يكون هذا هو السبيل لنشر الإسلام بلغة الحضارة المعاصرة بدلا من لغة العصبية التي تجعل بعض الشعوب تنص في دساتيرها على أن دين دولتهم هو الإسلام، فترد عليها شعوب أخرى بالنص في دساتيرها على أن دين دولتهم هو المسيحية، وهكذا في اليهودية والبوذية وغيرهما، فنجد الدول قد قسمت حسب أسماء الأديان، وهذا ما يعقد الطريق أمام المسلمين في نشر دعوتهم العادلة والحامية لكرامة الإسنان مهما اختلفت عقيدته، لذلك كان الحل في الدولة الإنسانية التي تحتضن الإنسان وترعاه بكل اختياراته دون تصادم، كما قال تعالي: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿118﴾ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿119﴾ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿120﴾ وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ﴿121﴾ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ﴿122﴾ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿123﴾».
حزب النور يعلق على تصريحات إبراهيم عيسى
عقب المهندس صلاح عبد المعبود، عضو الهيئة العليا لحزب النور، تصريحات إبراهيم عيسى التي يزعم فيها أنه "لا يوجد شيء اسمه الشريعة الإسلامية من الأساس"، حيث أكد عبد المعبود أن الشريعة هي الدين.
وقال عبد المعبود في منشور له عبر "فيس بوك" إن الشريعة تشمل جميع الأحكام التي أنزلها الله في كتابه أو جاءت في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، سواء كانت في مجال الاعتقاد أو العمل أو الأخلاق، فالشريعة هي الدين.
وأشار عضو الهيئة العليا لحزب النور إلى أن إبراهيم عيسى يطعن في الدستور المصري الذي ينص في مادته الثانية على مايلي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
وتساءل عبد المعبود قائلا: وعندما يقول إبراهيم «مفيش حاجة اسمها الشريعة الإسلامية...» أليس هذا طعنًا في الدستور الذي وافق عليه الشعب؟!
كما استنكر الدكتور محمد إبراهيم منصور، رئيس حزب النور، تصريحات الإعلامي إبراهيم عيسى، التي أنكر فيها وجود الشريعة الإسلامية باعتبارها اجتهادا بشريًا، مؤكدًا أن هذه التصريحات تمثل استفزازًا صريحًا لمشاعر المسلمين، حيث اختار منذ اللحظة الأولى أن يوجه سهامه للإسلام وعلمائه حتى وصل الحال لتكدير السلم المجتمعي بإنكار المسلمات.
وقال منصور، في بيان صحفي، إن مناقشة هذا الإدعاء وجمع الأدلة على صحته ليس محل نقاش لسخافة القول بإنكار مجمل الشريعة، بالإضافة إلى أن نص المادة الثانية من الدستور ذكر لفظ الشريعة الإسلامية، وهو ما نصت عليه أحكام المحاكم الدستورية في أكثر من حكم يفسر مبادئ الشريعة الإسلامية، متسائلًا: هل يدعو إبراهيم عيسى لعدم احترام الدستور وأحكام المحكمة الدستورية؟ وهل سيحترم إبراهيم عيسى الدستور الذي خرج جموع المصريين للتصويت عليه بمختلف أطيافهم؟.
وأوضح أن طعن إبراهيم عيسى المستمر ولمزه للدين الإسلامي وشعائره، يكدر السلم المجتمعي ويزيد الاحتقان لدى صاحب كل فطرة سوية وسليمة، كما أنه خطرٌ على هوية الشعب المصري، مؤكدًا أن هذه المواقف تفضح كذب ادعاء التيار العلماني بالحرية، وكأن الحرية المقصودة والمقبولة عندهم هي حرية انتقاص الدين الإسلامي ورموزه.
الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية يرد
ويقول الشيخ على عبد الباقي شحاتة، الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، أن الإخوان والسلفيين والعلمانيين يسعون إلى هدم الدولة وتدمير الدين، مشيرا إلى أن من أسماهم بوكلاء العلمانية والصهيونية يريدون التشكيك في الدين وتشويه صورة الإسلام من أجل أن يفقد الشباب المسلم الثقة في بلده وفي دينه.
وأضاف«شحاتة»، أنه بعد أحدث 25 يناير 2011 تم نشر الكثير من الأفكار الدخيلة على المجتمع المصري المتدين مثل، الإلحاد وعبدة الشيطان والأناركية وغيرها من الأفكار التي تشكك في الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي وتنكر وجود الله وتتنكر للأديان، مشيرا إلى أن هذه الأفكار الجديدة يتم نشرها من خلال الكثير من الإعلاميين المأجورين ومن خلال منصات مأجورة وممولة من دول وجماعات كارهة للدين وللدولة المصرية، لافتا إلى أن الكثير من الذين ينكرون وجود الشريعة الإسلامية الأن ينكرون وجود الله، وأغلبهم من الملحدين والعلمانيين المتطرفين الذين لا يعترفون بالأديان، مؤكدا على أن الإخوان والسلفيين والعلمانيين وجهان لعملة واحدة، فجميعهم يعمل على تدمير الدول وتشكيك الناس في الأديان وتشويه صورة الدين، مشيرا إلى أن الكثير من الإعلاميين يهاجمون التراث وينشرون الإلحاد ويهاجمون الأزهر الشريف، من أجل تشكيك المسلمين في دينهم ونشر الفوضى والفتن.
وأكد الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، على أن الله تعالى اختار الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل انقاذ مصر التي كانت في طريقها للإنهيار بعد الفوضى التي حدثت في 2011، مشيرا إلى أن مصر الأن أصبحت أقوى من أي وقت مضى، وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي نجح في استعادة مكانة مصر بين الأمم، كما نجح في فرض هيبة الدولة المصرية في العالم كله، لافتا إلى أن سبب الهجوم التي تتعرض له مصر هو لأنها حاملة شعلة الدعوة الإسلامية في العالم كله، مؤكدا على أن هناك توزيع أدوار بين الإخوان والسلفيين والعلمانيين، والهدف هو تدمير الدولة وتشويه الدين الإسلامي، موضحا أن ما يفعله الإخوان والسلفيين والعلمانيين يمثل خروجا عن الدين، مؤكدا على أن جميعهم يعمل ضد الدولة وضد الدين الإسلامي.
وأوضح «شحاتة»، أن الشريعة الإسلامية هي القوانين التي استنبطها الأئمة المجتهدون عبر العصور من القواعد الكلية للدين والتي تتعلق بالمعاملات وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان، متسائلا: ماذا يضير العلمانيين من وجود الشريعة الإسلامية، مؤكدا على أن حذف كلمة «الإسلامية» من الدولة لا تقدم ولا تؤخر، منوها أن الدولة الإسلامية تعنى أن أغلب سكانها من المسلمين، مشيرا إلى أن كل أصحاب الأديان الذين يعيشون في الدول الإسلامية ينعمون بالعدل الذي فرضه الإسلام على كل مسلم، موضحا أن بعض العلمانيين لديهم حساسية من أي مصطلحات لها علاقة بالإسلام، لافتا إلى أن بعض الكارهين للإسلام والشريعة الإسلامية يريدون تضليل الشباب من أجل أن يفقدوا ثقتهم في بلدهم ودينهم، مؤكدا على أن ما يقولونه ويرددونه ما هو إلا هلوسة لا قيمة لها، الهدف منها إثارة البلبلة بين الشباب والتشكيك في الدين، من أجل الوصول إلى هدفهم الأكبر وهو هدم الدين وتشويه صورته، مؤكدا على أن مصر تتعرض لهجمة شرسة وممنهجة ومركزة من الصهيونية العالمية باعتبارها القوة العربية الوحيدة التي تستطيع الوقوف ضد إسرائيل بعد انهيار الكثير من الدول العربية.