مطامع طهران فى مواجهة الإمام..
أسرار تدخل إيران لإحراج شيخ الأزهر وإجهاض دعوة الحوار مع الشيعة
رغم فشل جميع الدعوات السابقة المتعلقة بالحوار بين السنة والشيعة والتي أطلقها الدكتور محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق، ووسط حالة العداء بين العديد من الأزهريين تجاه الفكر الشيعي، لدرجة تكفير بعض منهم من قبل علماء أزهريين وخاصة المنتمون للفكر السلفي، فوجئ الجميع بدعوة الإمام أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى علماء الشيعة الدعوة للحوار، وهو ما اعتبره البعض حجرا في مياه الحوار السني الشيعي الراكدة منذ سنوات وتأثره بنزاعات مذهبية وحروب طائفية تعاني منها المنطقة، في ظل خلط إيران المباشر بين تمددها السياسي ونفوذها الديني، ما كانت له انعكاسات سلبية على مواقف أئمة شيعة انفتحوا سابقًا على الحوار وكادوا يحققون اختراقات إيجابية.
وقال شيخ الأزهر في كلمته بملتقى البحرين للحوار: «هذه الدعوة إذ أتوجه بها إلى إخوتنا من المسلمين الشّيعة، فإنني على استعداد ومعي كبار علماء الأزهر ومجلس حكماء المسلمين لعقد مثل هذا الاجتماع بقلوب مفتوحة وأيد ممدودة للجلوس معًا على مائدة واحدة».
محاولات التقريب بين المذاهب
وكان شيخ الأزهر دعا إلى الحوار مع علماء الشيعة في عام 2012، وتكررت في عام 2015، وتحدث عن عقد مؤتمر يستضيفه الأزهر لإصدار فتاوى تحرّم على الشيعي قتل السني، أو العكس، وأثارت جدلًا حينها دون تحولها إلى فعل حقيقي على الأرض.
لعلّ أقدم محاولة للتقريب بين المذاهب السنة والشيعية داخل الأزهر الشريف بدأت في القرن التاسع عشر مع الشيخ محمّد عبده الذي كان يميل إلى التقريب بين المذاهب تأثرًا بشيخه ومعلّمه جمال الدين الأفغاني الذي كان يدعو إلى توحيد المذاهب الإسلاميّة.
وسبق مرحلة التقريب مراسلات جرت بين الإمام الخامس والعشرين للأزهر الشريف سليم البشري والمرجعيّة الشيعيّة اللبنانيّة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، والتي سطّرها الأخير في كتاب له حمل اسم «المراجعات».
وقتها، أثار الكتاب جدلًا لاسيّما مع وجود مشكّكين من داخل الأزهر حول صحّة ما تضمّن من مراسلات بين الرجلين، ثمّ في أربعينيات القرن الماضي تجدّد الحوار بين الأزهر الشريف بمصر وبين بعض مراجع الشيعة الإيرانيّين، وكان ذلك سببًا في تأسيس «دار التقريب بين المذاهب الإسلاميّة».
والمفاجأة أنه لم تلق دعوة شيخ الأزهر هذه المرة تجاوبًا ملحوظًا من جانب رجال الدين الشيعة، وتجاهلت المرجعيات الكبيرة التفاعل وإصدار بيانات تأييد أو حتى رفض لما جاء في دعوة بدت محددة هذه المرة ولها هدف واضح، على العكس من سابقاتها.
وفقا للمعلومات التي حصلت عليها «النبأ» من داخل مشيخة الأزهر، فإن السبب الحقيقي وراء عدم خروج تجاوب ملحوظ من جانب رجال الشيعة، وخاصة في إيران، أن الدعوة تصطدم بعوائق سياسية وعقائدية تحول دون وصولها إلى أهدافها النبيلة، ويتطلب إطلاق الدعوة من مؤسسات دينية دعمًا مباشرًا من الجهات الرسمية في الدول المعنية، وقبولًا شيعيًا يبتعد عن مؤثرات إيران التي تنحاز إلى خطاب يكرس الفتنة الطائفية لصالح مشاريعها التوسعية في المنطقة.
كما أن إيران هي العائق الدائم لجميع دعوات الحوار بين السنة والشيعة، حيث ترى إيران أن ذلك سوف يعوق سعيها نحو نشر التشيع في الدول الإسلامية، وأن الحوار سوف يلزم إيران بالتزامات معينة تجاه السنة، وهو أمر مرفوض حاليًا بالنسبة لهم.
شيعة البحرين
في الوقت ذاته، لم يكن الأمر يتعلق بشيعة إيران فقط، فلم يخرج أي تجاوب للدعوة من قبل رجال الشيعة في العراق ولبنان، في حين أبدى شيعة البحرين ترحيبهم بالدعوة التي وجهها شيخ الأزهر.
كما كشفت المصادر داخل المشيخة، أن الخلافات السياسية بين الدولة العربية وإيران قد تكون عائقا سياسيا أمام إتمام ذلك الحوار، حيث سترفض دول المشاركة فيه مثل السعودية، بسبب الخلاف الكبير بين الشيعة والفكر الوهابي السعودي، حيث يكفر الأخير الشيعة.
في السياق ذاته، وفي ظل حالة التجاهل من قبل رجال الدين الشيعي لدعوة شيخ الأزهر، فقد أكدت المصادر داخل مشيخة الأزهر، أن هناك مباحثات يقوم بها الأزهر حاليًا مع بعض رجال الشيعة والمراكز الشيعية المهتمة بالتقريب من أجل بيان هدف دعوة شيخ الأزهر، والعوائق في تلك المشاورات هودي صعوبة حدوث أي مباحثات مع شيعة إيران، لكون ذلك يتطلب موافقة سياسية أولًا.
المطامع الإيرانية
من جانبه يرى الدكتور محمد السيد عضو جبهة التقريب بين المذاهب الإسلامية، أن المشكلة التي تواجه دعوة الإمام الأكبر حاليًا، أنها خرجت باسم «مجلس حكماء المسلمين»، وعلى الرغم من أن رسالة مجلس حكماء المسلمين كما يقول القائمون عليه تهدف إلى تحقيق السلام ونشر التعايش ومحاربة الطائفية إلا أن قطاعًا كبيرًا من العلماء والمفكرين الشيعة يرون أن المجلس له أجندة سياسية.
وأشار إلى أنه كان الأجدر بالشيخ أحمد الطيب أن ينأى بالأزهر الشريف قدر المستطاع عن المؤسّسات التي يظن أن لها طابعًا وظيفيًا سياسيًا، ما دام أن الأزهر قادر بحجمه ودوره ومكانته أن يحقّق كامل أهدافه دون الركون لأيّ جهة قد تسبّب حساسية هنا وهناك.
ولفت إلى أن الدعوة فشلت بسبب المطامع الإيرانية بالمنطقة وسعيها نحو نشر المد الشيعي، دون الاعتراف بالفكر السني.