هل يستمر ارتفاع سعر الدولار فى البنوك؟
أصبح ارتفاع سعر الدولار في البنوك حديث الساعة في الشارع المصري، خلال الأيام القليلة الماضية ولا سيما بعد قرار حسن عبدالله محافظ البنك المركزي، بتحرير سعر الصرف نهاية شهر أكتوبر الماضي.
وخسر الجنيه أكثر من 19% من قيمته أمام العملة الخضراء منذ تحرير سعر الصرف حتى الآن، حيث قفز الدولار من مستوى 19.60 جنيه، إلى أن تخطي سعر 24 جنيهًا.
وفي خطوة لكبح جماح التضخم الناتجة عن تحرير سعر الصرف، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، رفع سعر الفائدة بواقع 200 نفطة أساس بنسبة 2%.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن التضخم السنوي في مصر ارتفع إلى 16.2% في أكتوبر على أساس سنوي مقابل 7.3% للشهر نفسه من العام الماضي.
سعر صرف مرن
وكان البنك المركزي المصري أعلن في اجتماع استثنائي، أنه سيتبنى نظام سعر صرف مرنا مع إعطاء الأولوية للهدف الأساسي والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار، لافتًا إلى أن سعر صرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى سينعكس وفقًا لقوى العرض والطلب.
وقال إنه سيعمل على بناء وتطوير سوق المشتقات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبية ورفع مستويات السيولة الأجنبية، مؤكدًا أنه تم اتخاذ إجراءات إصلاحية في ضوء ما سبق لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
جاء قرار تحرير سعر الصرف في الوقت نفسه الذي تعاني فيه البنوك من توفير الدولار للإفراج عن عن البضائع المكدسة بالموانئ، وتوقف الاستيراد لأكثر من 7 أشهر وانخفاض معدلات الاستثمارات الأجنبية، بجانب وصول سعر الدولار في السوق السوادء إلى 24 جنيهًا حينها.
وطرح تطبيق قراري تحرير سعر الصرف، ورفع الفائدة، عدد من التساؤلات حول مصير سعر الدولار في البنوك، وهل سيستمر في الارتفاع أمام الجنيه، وهل بدأت البنوك في توفير الدولارات اللازمة لحل أزمات قطاع الاستيراد؟
السعر العادل
وفي هذا السياق، قال عماد قناوي رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن البضائع المكدسة في الموانئ، بدأ الإفراج عنها بالتوالي، حيث ظهر خلال الأيام القليلة الماضية وجود البضائع في الأسواق.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن السوق يشهد استقرارًا بشكل كبير بعد تحرير سعر الصرف، لافتًا إلى أن البنوك أصبحت توفر الدولار لاستيراد مستلزمات الإنتاج والأدوية والسلع الغذائية، ولكن السلع تامة الصنع تواجه صعوبة في توفير الدولار.
وأشار «قناوي»، إلى أنه تم الإفراج عن شحنات بكميات ضخمة بعد قرار محافظ البنك المركزي حول زيادة قيمة الشحنات المستثناة من قرار فتح الاعتمادات المستندية من 5 آلاف دولار إلى 500 ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى، مؤكدًا أنه تم توفير الدولار بسهولة وبالسعر العادل لتلك الشحنات.
وعن سعر الدولار في السوق السوداء، أكد أن العمليات التي تتم في السوق الموازي لأفراد تهدف إلى الادخار وليس الاستيراد، لافتًا إلى أن المستورد يدبر احتياجاته من البنوك فقط.
وأوضح رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن الدولار تسبب في رفع بعض أسعار السلع خلال الأسبوع الماضي، ولكن في المقابل تسبب تحرير سعر الصرف في وضع تكلفة عادلة لسعر الدولار أمام الجنيه وإتاحة جميع السلع بالأسواق وبأسعار مناسبة.
ولفت إلى أن السوق يعاني من ضعف القوة الشرائية للمواطنين بسبب طرح شهادات بفائدة مرتفعة تصل إلى 17.25%؛ لسحب السيولة من الأسواق، موضحًا أن ذلك جعل المعروض من السلع أكثر من الطلب.
واستبعد «قناوي»، وصول سعر الدولار إلى 27 جنيهًا في البنوك، لافتًا إلى أن الزيادة المرتفعة طرأت بالفعل بعد تحرير سعر الصرف، والارتفاعات الحالية لن تتعدى القروش، بل من المتوقع انخفاض العملة الخضراء بعد وصولها للسعر العادل أمام الجنيه.
خلخلة في الاقتصاد العالمي
ومن ناحيته قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن العمليات الاستيرادية تسير بشكل منتظم حسب تعليمات محافظ البنك المركزي، بفتح مستندات تحصيل عن الشحنات التي تصل حتى 500 ألف دولار.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ذلك يساعد المصانع والشركات على العمل وتوفير الدولار اللازم لاستيراد مستلزمات إنتاج أو خامات، مؤكدًا أن الدولار متوفر في البنك بعد قرار تحرير سعر الصرف.
وأشار «الشافعي»، إلى أن سعر الدولار في البنوك أصبح متروكا للعرض والطلب، قائلًا: «فمن المتوقع أن يصل إلى 27 و30 جنيهًا وبعد استقرار الأوضاع الاقتصادية يبدأ في الانخفاض؛ نتيجة ما قامت به الدولة المصرية من جذب استثمارات وزيادة الإنتاج والتصدير وتنوع مصادر العملات الأجنبية من السياحة وتحويلات المصريين في الخارج؛ لذلك من الطبيعي يزيد العرض وينخفض الطلب ويتراجع سعر الدولار أمام الجنيه».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الدولار بعد تحرير سعر الصرف في 2016 وصل إلى 18 جنيهًا ثم انخفض إلى 15 جنيهًا بعد استقرار الوضع الاقتصاد، متابعًا: «كان من المتوقع وصوله إلى 13 جنيهًا ولكن الحرب الروسية والأوكرانية وفيروس كورونا تسبب في خلخلة في الاقتصاد العالمي وتذبذب في سعر العملة في مصر».
ولفت ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إلى أن محافظ البنك المركزي يضع خطة لوضع مؤشر للجنيه جديد لتقييم الجنيه بسلة عملات بالإضافة إلى الذهب، وليس بالدولار الأمريكي فقط، هو الأمر الذي يخفف الضغط على العملة الخضراء أيضًا الفترة المقبلة.