رئيس التحرير
خالد مهران

للتحايل على قانون التصالح..

بالمستندات.. بيزنس سرى لبيع عدادات الكهرباء لأصحاب الأبراج المخالفة

عدادات الكهرباء
عدادات الكهرباء

في الوقت الذي تعاني فيه وزارة الكهرباء من خسائر فادحة، بسبب ارتفاع نسبة الفاقد في التيار، نتيجة عدة أسباب أهمها سرقة التيار الكهربي، والتي تمثل أكثر من 15% بتكلفة تتجاوز الـ8 مليارات جنيه، نجد العديد من المخالفات في عمل المقايسات بشركات الكهرباء لتتحول عملية التنازل عن العدادات إلى بيزنس ضخم غير مشروع للتحايل على قانون التصالح وبيع تلك العدادات للمنازل والأبراج الضخمة المخالفة في البناء.

وتستخدم ثغرة التنازل عن مقايسات العدادات علاوة على تركيبها بالأبراج المخالفة، في الحصول على البراءة في قضايا مخالفات البناء، بحيث يتم بيع مقايسات العدادات بآلاف الجنيهات، ورغم وجود العديد من الشكاوى التي حصلت عليها «النبأ»، من صلاح جابر حماد، الموظف بالمعاش بشركة جنوب القاهرة، ونكشف تفاصيل المخالفات في السطور التالية.

وقامت الوزارة بوضع خطة أشرف عليها الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، لتحصيل نسبة 11% من الفاقد خلال 18 شهرًا بقيمة 23 مليار جنيه وتم تشكيل لجان بكل إدارة هندسية على مستوى الـ9 شركات الخاصة بتوزيع الكهرباء، لتصدر تعليمات لكل إدارة هندسية بتوريد مبلغ 3.5 مليون جنيه شهريًا.

في البداية تؤكد المعلومات، أن وزارة الكهرباء تعاني من وجود نسبة كبيرة في «فاقد التيار» والذي يتراوح من 20 إلى 25%، حيث بلغت كمية الفاقد أكثر من 1700 مليون كيلو وات على مستوى الـ9 شركات توزيع.

واجتمعت نادية قطري العضو المتفرغ للشئون المالية ونائب رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، الشهر الماضي مع جميع رؤساء القطاعات المالية والتجارية بالشركات، لتنفيذ خطة المهندس محمد شاكر وزير الكهرباء، لتقليل الخسائر المالية بشركات توزيع الكهرباء حتى يونيو 2023 لخفض نسبة 5% من الفاقد لتوفير مبلغ 9 مليارات جنيه، ثم خفض نسبة 6% من الفاقد حتى يونيو 2024 لتوفير 14 مليار جنيه؛ ليصل إجمالي ما تم خفضه من نسبة الفاقد 11% بعد 18 شهرًا بقيمة 23 مليار جنيه.

وكشفت المعلومات، أن اجتماع وزير الكهرباء الأخير مع رؤساء وقيادات شركات الكهرباء شهد توعد وتهديدات من الوزير للقيادات بالإقالة من مناصبهم، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية وصارمة لتقليل نسبة الفاقد من التيار والتصدي لأي عملية تهرب أو انقطاع عن السداد أو سرقة تيار كهربي بكل حسم.

وبالفعل عقب اجتماع نادية قطري مع رؤساء القطاعات بشركات التوزيع، صدرت تعليمات إلى عزت إبراهيم رئيس قطاع الشئون التجارية والإدارية بشركة القناة لتوزيع الكهرباء، إلى فتوح عامر فتوح رئيس قطاع الشرقية والمدن الجديدة، والذي أصدر بدوره تعليمات إلى جميع الإدارات الهندسية بالشرقية، البالغ عددها 42 إدارة هندسية، بتوريد مبلغ 3.5 مليون جنيه شهريًا أي تحصيل مبلغ 1764 مليون جنيه من المواطنين سنويًا، هذا بخلاف باقي الإدارات الهندسية في مدن القناة (السويس - الإسماعيلية - بورسعيد) وهذا أيضًا بخلاف ما سيتم تحصيله في باقي شركات توزيع الكهرباء على مستوى الجمهورية، وكأن خطة وزير الكهرباء هي خطة لتنفيض جيوب المواطنين، تحت ستار علاج فاقد التيار.

ومن جانبه يوضح صلاح جابر حماد، مسئول الاشتراكات بإدارة إيرادات أوسيم بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء -بالمعاش حاليًا-، أن لديه العديد من المخالفات ضد قيادات الشركة، وتسترهم على توصيل مقايسات أكثر من 5 آلاف عداد كهرباء، بالمخالفة لتعليمات شركة الكهرباء والتي تمنع التنازل عن طلب المقايسة من مواطن لمواطن آخر.

وتابع «حماد»: «وبعد أن طرمخ وتستر قيادات الشركة على المخالفين، تقدمت بشكاوى عديدة وتلغرافات بعلم الوصول إلى رئاسة الجمهورية وهيئة الرقابة الإدارية ووزير الكهرباء ورئيس الشركة القابضة لتوزيع الكهرباء وإلى رئيس مجلس إدارة شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، وقدمت نسخ من المستندات التي تكشف مخالفات إهدار المال العام ومستعد للمثول أمام جهات التحقيق، لكي يتم رد الأموال المنهوبة من أموال الشركة، وتقديم المخالفين والمتسترين عليهم للعدالة، ورغم أن تلك المخالفات تضر بالمال العام، الذي لا يسقط بالتقادم ولكن لم يتحرك أحد لمحاربة الفساد».

وأضاف، صلاح جابر حماد أنه تقدم بالبلاغ رقم 809 لسنة 2013 للنائب العام، ومثبت به جميع وقائع التزوير مثبتة في القضية رقم 278 لسنة 2011، وتقدمت أيضًا ببلاغ إلى رئيس هيئة الرقابة الإدارية، عن وقائع تزوير وفساد إداري بالملايين وتركيب أكثر من 5 آلاف عداد كهرباء بمقايسات مخالفة.

وأشار «حماد» إلى أنه يتم عمل بيزنس سري لبيع المقايسات لأصحاب الأبراج والمنازل المخالفة للحصول على البراءات في الأحكام القضائية في قضايا البناء المخالف، متابعًا: «وللأسف بعض قيادات الشركة تستروا على المخالفات وبدلًا من تحويلها إلى النيابة العامة، وقاموا بتحويل جرائم التزوير إلى أخطاء إدارية، حيث أن تلك المخالفات تدين قيادات بشركة جنوب القاهرة ونائب وزير الكهرباء حاليًا المهندس أسامة عسران، وللأسف أيضًا أن جميع العدادات التي تم تركيبها بمقايسات مزورة لم يتم رفعها وهي موجودة حتى الآن، ويجب مراجعة جميع عدادات الأبراج المخالفة سوف تكتشف المهازل».

وتكشف المستندات -التي حصلت «النبأ» على نسخة منها- من الشاكي صلاح حماد، أن هناك على سبيل المثال نحو 431 مقايسة تركيب عدادات في إدارة أوسيم لصالح مواطنين غير مشتركين بشوارع متفرقة مثل منطقة أرض اللواء والبراجيل، كما أن هناك مقايسات عديدة مزورة منها على سبيل المثال استبدال طلب المواطن ناجي عويس إبراهيم ببيانات مواطن آخر يدعى محمد خيري في شارع البراجيل؛ مما جعل كلا منهما يحمل رقم مقايسة واحد وهو «1089» وعملية تركيب 16 عداد بعد التلاعب في بيانات المقايسة الأصلية.

كما توضح المقايسة رقم «10851» أنها باسم سيد محمد حسنين (مقايسة فرعية) وعنوانه بشارع يوسف الشافعى عمارة الأسمنت بمنطقة البراجيل، ولكن المقايسة تم التلاعب فيها بتغيير العنوان ليصبح شارع شعبان بسطاوي، وتم تركيب 22 عدادا مخالفا لشروط المقايسة، ونفس الشيء حدث في المقايسة «6644» باسم علي أحمد حامد، وعنوانه أرض اللواء مسجد الرحمة، ليتم التلاعب في العنوان ليصبح عنوانه أرض اللواء شارع المدينة المنورة، وتم التنازل عن المقايسة بالمخالفة إلى صفا محمد مرداش عن 11 عدادا.

كما تكشف المستندات المقدمة لرئيس مجلس إدارة شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، وجود تلاعب وتزوير في المقايسات، عن طريق تغيير البيانات الأساسية من خلال أصحاب المصالح الشخصية، مما يسيئ لسمعة الشركة وقياداتها، ومن بين تلك المخالفات المقايسة رقم «1784» باسم مجاهد عوض وعنوانه البراجيل شارع أحمد المهندس، لتركيب 16 عدادا، ولكن تم تزوير العنوان إلى شارع الكيلاني بالبراجيل، كما تم التنازل بالمخالفة إلى حسين حسن عجمي وعنوانه شارع أبو طالب العربي بالبراجيل عن (عداد)، وأيضًا تم التنازل بالمخالفة إلى أيمن محمد إبراهيم عن (3 عدادات)، في حين تكشف المستندات أن صاحب المقايسة الأصلي مجاهد عوض حصل على 3 عدادات فقط من 16 عدادا.

وتشير المستندات إلى وجود تزوير في المقايسة رقم 29 باسم سميرة شافعي قابيل وعنوانها شارع المهندس علي عبداللطيف بالبراجيل، لتركيب (12 عداد) ولكن تم التنازل بالمخالفة إلى سامية عبدالآخر عرفات عن (7 عدادات)، كما تنازلت سميرة شافعي قابيل إلى ياسر محمد البدري وعنوانه شارع عبد العليم رمسيس بالبراجيل عن (2 عداد)، وقد تم التلاعب في تغيير المراجع والمنطقة، ويتضح من تلك المخالفة أن صاحبة المقايسة لم تقم بتركيب سوى (3 عدادات) فقط من 12 عدادا حصلت عليها.

وتوضح المستندات أن هناك 14 عدادا، قام أسامة محي الدين محمد وعنوانه شارع إبراهيم عيسي بالتنازل عنها بالمخالفة إلى محمد أحمد محمد عبدالله وعنوانه شارع إبراهيم بأرض اللواء، ثم قام أسامة محي الدين محمد بالتنازل بالمخالفة أيضًا عن (4 عدادات) إلى عوض عبدالمحسن عوض وعنوانه شارع محمد الدرة بأرض اللواء، بعد تزوير العنوان والمنطقة.

كما تكشف المقايسة رقم «9514» باسم علاء الدين عباس حمزة وعنوانه شارع سيد درويش والخاصة بتركيب 19 عدادا، أنه عند المعاينة على الطبيعة، تبيّن أن المقايسة تم تركيبها في منزل آخر غير المتعاقد عليه بنفس الشارع، ونفس الشيء حدث في المقايسة رقم «49» باسم هناء عفيفي إبراهيم وعنوانها أرض اللواء يمين المحور لتركيب (8 عدادات) وعند المعاينة، تبيّن تركيب (عداد واحد) فقط لها وتم تركيب (7 عدادات) في أماكن مختلفة مما يثبت وقائع التزوير ورغم تلك المخالفات لم يتحرك أحد لرفع العدادات المخالفة ومحاسبة مرتكب تلك المخالفات ومن يتستر عليهم.

وتشير المستندات، إلى أن هناك مقايسة باسم رشاد هيكل حسن وتم عمل مقايسة (فرعية) لتركيب (5 عدادات) ولكن عند المعاينة على الطبيعية تبيّن أن المشترك لا يوجد عنده سوى (عداد واحد) في مكتب مقاولات بالأرض ورقم اللوحة هو (741559)؛ مما يؤكد وجود تلاعب بمسميات المقايسات مما يتسبب في إهدار أموال الشركة.

ويشير صلاح جابر حامد، إلى قيامه بتقديم تلغرافات إلى رئاسة الجمهورية عن تلك المخالفات ومذكرة إلى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، تكشف مساندة قيادات الشئون القانونية وتكشف إهمال لجنة رئيس قطاع الشئون الفنية لفحص المقايسة رقم (11201) الخاصة باسم زينب حسنين سالم.

وتابع: «بكل أسف أهملت اللجنة فحص المقايسة والتي تعاقدت على تركيب (20 عدادا) في شارع جابر دياب، ولا يوجد لها أي بيانات على (الطبعة الأصلية)، في حين أنها وصلة فرعية وتنازلت بالمخالفة إلى حسني حسين عبد الحفيظ وعنوانه شارع جابر دياب عن 10 عدادات، وهناك العديد والعديد من المخالفات والتزوير في المستندات التي توجب تقديم من ارتكبها ومن تستر عليها إلى العدالة».

ومن جانبها تضع «النبأ» هذا الملف على مكتب الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، للتحقيق فيه إعمالًا بمبدأ الشفافية والنزاهة، وتؤكد أنها تناقش القضية بكل حيادية بعيدًا عن الانتصار لطرف على حساب الآخر، وأن للشركة والأشخاص الوارد ذكر أسمائهم بهذا التقرير كل الحق في الرد والتعقيب على ما تم نشره على لسان أصحاب الشكوى.

كما تؤكد «النبأ» أنها لا تسيء لأحد ولا تسعى لصنع عداوات مع الشركة المذكورة، ولكن الجريدة في الوقت نفسه تمارس دورها المهم في تغطية الأحداث، في كل القطاعات على مستوى الجمهورية، وذلك تطبيقا لدور الجريدة وصحفييها في كشف الحقائق، وتنتظر الجريدة أي رد من الشركة المذكورة إعمالا بأن حق الرد مكفولا بالقانون.

 

IMG-20221216-WA0024
بيع عدادات الكهرباء لأصحاب الأبراج المخالفة

 

IMG-20221216-WA0029
بيع عدادات الكهرباء لأصحاب الأبراج المخالفة

 

IMG-20221216-WA0028
بيع عدادات الكهرباء لأصحاب الأبراج المخالفة

 

IMG-20221216-WA0031
بيع عدادات الكهرباء لأصحاب الأبراج المخالفة