مصير تلاعب المصريين فى الخارج بالبطاقات الائتمانية
بدأت البنوك العاملة في السوق المصري، خلال الأيام القليلة الماضية في تقليص حدود سحب الدولار من الخارج باستخدام البطاقات الائتمانية.
وجاء ذلك تمشيًا مع الأوضاع الاقتصادية للبلاد، والتي إحدى أبرز مشكلاتها النقص الحاد في العملة الأجنبية، وهو ما أدى إلى اتخاذ البنك المركزي المصري العديد من الإجراءات للحد من تهريب العملة والقضاء على السوق الموازية.
وفي هذا السياق، أصدر البنك المركزي تعليمات مشددة للبنوك بمراعاة وضع حدود كافية لتلبية الاحتياجات الفعلية للعملاء من النقد الأجنبي، خاصة لأغراض التعليم والعلاج من خلال البطاقات، مع الإبقاء على الحدود للعملاء الموجودين بالخارج، وكذلك عدم التقيد بأي حدود على بطاقات العملاء الذين لديهم حسابات بالعملة الأجنبية ويتم سداد استخداماتها بالعملة ذاتها.
وكان البنك المركزي، رصد مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، والتي تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، وكذا محاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة، مشددًا على أنه يتم بشكل متواصل تتبع هذه التجاوزات ورصدها لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها، حيث تلاحظ وجود زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد، على الرغم من تواجد العملاء المصدر لصالحهم هذه البطاقات داخل البلاد.
وأضاف أن عمليات السحب بلغت ذروتها نهاية شهر ديسمبر الماضى، بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد بزيادة تقدر بأكثر من 5 أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق، وهو ما ينم عن إساءة استخدام تلك البطاقات، واستدعى ذلك اتخاذ الإجراءات والضوابط التي تحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين يثبت عدم مغادرتهم للبلاد، وكذا إحكام الرقابة على طلبات تدبير النقد الأجنبي لأغراض السفر للخارج.
وأكد البنك المركزي، أنه سوف يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات المعنية للتحقق من قيام العميل بالسفر من عدمه، وفي حال التحقق من عدم سفر العميل أو إساءة استخدام البطاقات فسوف يتم إيقاف التعامل على البطاقة، وإبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني، وكذلك الجهات المعنية، لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة في هذا الشأن.
وأثارت تعليمات البنك المركزي، علامات استفهام وتعجب لدى المصريين في الخارج حول مصير المتلاعبين في البطاقات الائتمانية، وهل سيستمر عمليات تقليص حدود سحب الدولار من الخارج؟.
سلوك ضار لا يعاقب عليه القانون
وفي هذا السياق، قال الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن هناك ممارسات تتم في الخارج ليست في صالح الاقتصاد المصري، حيث يتم جمع بطاقات من أجل سحب وتحويل أموال من الخارج.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذه التحويلات ارتفعت عن المعدلات الطبيعية؛ لذلك كان يجب خفض حدود السحب للمصريين في الخارج، بجانب رفع نسبة العمولة أيضًا على السحب.
وأشار «جاب الله»، إلى أن خفض حدود السحب ورفع العمولة إجراءات مؤقتة من البنك المركزي، لمحاربة الممارسات الضارة والتي من شأنها التأثير بالسلب على الاقتصاد المصري، متوقعًا إعادة مراجعة هذه الإجراءات خلال الفترة القادمة مع استقرار الأوضاع الاقتصادية والانتهاء من تلك الممارسات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن خفض حدود السحب هو محور من محاور الممارسات الضارة في مجال العملات الأجنبي والتي منها استخدام قنوات غير مشروعة للتحويلات أو تداول السلع داخل مصر بالعملات الأجنبية هو ما يعاقب عليه قانون البنك المركزي في المادة 212 لقانون 194 لسنة 2020، بالحبس والغرامة.
وتابع: «هناك فرق في التعامل بالدولار خارج مصر، والتعامل بالدولار داخل البلاد بطرق غير رسمية وقنوات غير مشروعة وهو ما يعاقب عليه القانون».
ولفت إلى أن ما يحدث من ممارسات للمصريين في الخارج من سحب الدولارات ليس عليه عقوبات في قانون البنك المركزي، لأنه يتم وفقًا لحدود السحب السابقة ولكنه سلوك ضار.
حلول مؤقتة
ومن جانبه أكد النائب ياسر زكي، وكيل لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، ضرورة وجود مرجع للعقوبات في حين وجود ممارسات ضارة ببطاقات المصريين في الخارج، وخاصة أن العميل يتعامل في ضوء حسابه الشخصي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه من المتوقع وجود إجراءات من البنوك التي تمتلك فروع بالخارج في حالة إثبات وجود ممارسات ضارة من العميل مثل إغلاق الحساب حتى يتم التأكد من عدم استخدمها في الأغراض التجارية وأن المستخدم هو صاحب البطاقة.
وأشار «زكي»، إلى أن الحل الجذري للممارسات الخطأ الناتجة عن المصريين في الخارج هو توفير العملة الأجنبية الدولار لاحتياجات السوق والقضاء على السوق السوادء، لافتًا إلى أن خفض حدود السحب في الخارج لن تحل الأزمة وهي مجرد حلول مؤقتة.
وأوضح وكيل لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، أن إجراءات البنك المركزي لن تنشط السوق السوداء، مؤكدًا أن الضغط على العملة ليست نتيجة السفر أو احتياجات المصريين في الخارج، ولكن أصبح هناك تكالب على العملة الخضراء، حيث أصبحت سلعة وليس أموالا ونقودا للشراء السلعة.