عماد الدين نصير لـ«النبأ»: 14 مليون مصري ينفقون 96 مليار جنيه سنويًا على تعاطي المخدرات
قال الدكتور عماد الدين نصير استشارى أول الطب النفسى وعلاج الإدمان، خبير التنمية البشرية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن ظاهرة الإدمان تحتاج لمشروع قومي لإنقاذ أكثر من 10 ملايين أسرة مصرية، مشيرًا إلى أن انتشار المخدرات جزء من حروب الجيل الرابع ضد مصر، وتهدد الأمن القومي.
وأضاف «نصير» في حوار أجراه مع «النبأ»، أن هناك خطة لمشروع قومي لإعلان مصر خالية من الادمان خلال 5 سنوات، أي بحلول عام 2028، بعيدًا عن الأساليب التقليدية الحالية، التي فشلت في مواجهة مشكلة إدمان المخدرات، بل ساهمت في استمرار المشكلة وتفاقمها، وإلى نص الحوار..
في البداية حدثنا عن مخاطر الإدمان على الأسرة المصرية؟
الإدمان من أخطر المشاكل التي تهدد كيان الأسرة المصرية، وهذا يتطلب مشروعا قوميا لإنقاذ أكثر من 10 ملايين أسرة مصرية، فإدمان المخدرات سرطان يهدد الفرد والأسرة والمجتمع، فقد تفاقمت المشكلة بشكل لا يمكن السكوت عليه، حيث بلغت التقديرات المختلفة لعدد متعاطي ومدمني المخدرات في مصر، 10 ملايين مدمن ومتعاط تقريبًا، وخلال الـ40 سنة كانت جهود الدولة تقليدية في مكافحة المخدرات، فزاد أعداد المدمنين وانضمت لهم المدمنات، وللأسف ينفق 17% من المصريين، أي نحو 14 مليون شخص، على المخدرات بجميع أنواعها، أموالا تصل إلى 96 مليار جنيه سنويًا، طبقًا لآخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، والتي أكدت أن تعاطى المخدرات يكلف المصريين 40% من إنفاقهم.
هل انتشار المخدرات أحد أسلحة حروب الجيل الرابع؟
انتشار المخدرات وتزايد أعداد المدمنين في مصر، خاصة في مرحلة الانفلات الأمني، في أعقاب ثورة 25 يناير، جزء من حروب الجيل الرابع الموجهة ضد مصر، ولذلك فإن المخدرات والإدمان شبح يهدد أمان الوطن، وأصبح الإدمان خطرًا ضد المجتمع والدولة، وتحول إلى قضية تهدد أمن مصر القومي.
ما هي جهود الدولة لمواجهة تعاطي وإدمان المخدرات في مصر؟
الدولة تقوم بدور كبير في مكافحة وتعاطي إدمان المخدرات، ومؤخرًا تم عمل حملة مسح قومي شامل من خلال صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي والمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية والأمانة العامة للصحة النفسية، بالتنسيق مع وزارة الداخلية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وكشفت عينة المسح لـ30 ألف أسرة لشريحة عمرية من 12 إلى 60 سنة بكافة محافظات الجمهورية، أن نسبة التدخين 27.9%، ونسبة تعاطي المخدرات 5.9%، ونسبة الإدمان 2.3%، وذلك مقارنة بالنسبة العالمية التي بلغت 5.3%، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات.
وجاءت سوهاج بالترتيب الأول بنسبة 12.2% ثم القليوبية 10.5%، والشرقية 8.2%، في تعاطي المخدرات، وتكشف الإحصاءات عن الإدمان في مصر، أن نسبة 10% من المصريين يتعاطون المخدرات، وهناك ما يقارب 27% من متعاطي المخدرات في مصر من الإناث، وأن حوالي 73% من المصريين من الذكور يتعاطون المخدرات، وتمثل نسبة السائقين 24% من متعاطي المخدرات، وهناك 19.7% من متعاطي المخدرات في مصر من الحرفيين، ويبلغ متوسط الإنفاق الشهري على المخدرات في مصر حوالي 237.1 جنيه شهريًا.
ما هي نسب وأنواع المخدرات في مصر؟
نسبة تعاطي الترامادول في مصر 51% ولكن هذه النسبة تقل في مصر بعد انتشار أنواع أخرى من المخدرات، بالإضافة إلى الحملات الأمنية التي تمت على تجار المخدرات والتي حدت من انتشار الترامادول في مصر، بعد أن سحب البساط من أسفل الحشيش والهيروين، حتى أكثر نسبة علاج الإدمان للأشخاص المدمنين في مراكز علاج الإدمان هي لمتعاطي الترامادول.
في حين أن 25.5% من المدمنين يدمنون الهيروين، وانتشار قطرة المخدرات، من خلال الحقن الوريدي بسموم الهيروين، ونسبة 23% من المدمنين في مصر يتعاطون الحشيش المخدر.
وهناك 30% من الأشخاص يتعاطون المخدرات في مصر، تحت وهم العمل لساعات أطول كالسائقين أو أصحاب الورديات الليلية، وهناك 35% تقريبًا من متعاطي المخدرات في مصر، ممن يعيشون في واقع سيئ، وحياة عصيبة فيكون التعاطي من أجل نسيان الهموم، وهنا يكون علاج الإدمان من المخدرات محتويًا على العلاج النفسي، والتعرف على جذور المشكلة وأسباب التعاطي لأجل الخلاص من الإدمان.
وأيضًا هناك 34% من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يتعاطون المخدرات في مصر، وفي الواقع توجد صلة قوية بين تعاطي المخدرات والإكتئاب وهناك نسبة 36% من المصريين يتعاطون المخدرات من أجل القبول الاجتماعي، ونسبة 30% يتعاطي المخدرات من أجل اكتساب الجرأة، وهناك 37% يتعاطون المخدرات في مصر من أجل التجربة، وهذه أول بوابة للدخول إلى عالم الإدمان.
ما هي أكثر الفئات العمرية تعاطيًا للمخدرات في مصر؟
انتشرت المخدرات وتنوعت بين الغالي والرخيص، وأصبح الجميع في مقدوره الحصول على المخدرات والعقاقير المخدرة، ولذلك انخفض سن التعاطي في مصر إلى 11 سنة، وقد وجدنا مدمنين للهيروين وهناك متعاطين للمخدرات في مراكز علاج الإدمان، أقل من 11 سنة.
فأعلى نسبة تعاطي للمخدرات في مصر من 20 إلى 29 سنة، بنسبة 38% تقريبًا، وهي أعلى نسب الإدمان والتعاطي، فهذه المرحلة هي عنفوان الشباب، واستطاع مروجو السموم، أن ينخروا في عظام الأمة من خلال تدمير الشباب بناة الغد ورجال المستقبل.
هل للمخدرات علاقة بتنوع أشكال الجريمة في المجتمع المصري؟
يرجع ذلك إلى تعاطي أنواع مستجدة من المخدرات، لم نسمع عنها من قبل مثل «الشابو والإستروكس»، فظهرت جرائم غير مسبوقة في مصر تهدد الشباب والمجتمع، وانتشار جرائم الزنا والاغتصاب والقتل والانتحار والسرقة، مثل حادث احتراق جرار قطار محطة رمسيس، الذي تسبب في وفاة 22 شخصًا بخلاف المصابين، وأثبتت التحقيقات أن المتهمين في القضية كانوا يتعاطون الإستروكس، وهذه الحادثة كان لها فضل في صدور قرار من مجلس الوزراء، بعمل تحليل كشف المخدرات لجميع العاملين بالحكومة، ونجح هذا القرار في تقليل نسبة تعاطي المخدرات في جهاز الحكومة.
ما هي خطتك للقضاء على تعاطي وإدمان المخدرات في مصر؟
هناك خطة لمشروع قومي لإعلان مصر خالية من الإدمان خلال 5 سنوات، أي بحلول عام 2028، بعيدًا عن الأساليب التقليدية الحالية، التي فشلت في مواجهة مشكلة إدمان المخدرات، بل ساهمت في استمرار المشكلة وتفاقمها، وبالتالي أصبح هناك ضرورة حتمية، لتدخل القيادة السياسية، باتخاذ قرار لمواجهة الإدمان أسوة بالإرهاب، وإعلان الحرب علي المخدرات، لإنقاذ ملايين المدمنين وأسرهم.
وكيف ستواجه الدولة المخدرات ونقضي عليها؟
هناك خطة استراتيجية لمواجهة الإدمان في مصر، من خلال وضع خطة استراتيجية «قصيرة- طويلة» الأجل، للحد من انتشار ظاهرة الإدمان، بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، مع جميع أجهزة الدولة.
فهذا الحلم قابل لتحقيق، من خلال الإرادة وإخلاص النوايا، والقدرة علي توحيد الجهود نحو الهدف خلف قيادتنا السياسية، والمشاركة الايجابية لجميع فئات الشعب، مع الحكومة في حب مصر، وصولًا إلى الجمهورية الجديدة.
وما هي مصادر تمويل هذا المشروع؟
سيتم تمويل هذا المشروع القومي من خلال الأموال التي تم مصادرتها من تجار المخدرات، فهي مصدر تمويل أساسي، وهناك مصادر تمويل احتياطية تتمثل في مشاركة ودعم (البنوك الوطنية - رجال الأعمال - الجمعيات الخيرية - تبرعات الأهالي) ولا بد للدولة من تأسيس وبناء مشروع مصحات علاجية، أسوة بتجربة «دار الأمل» التي أشرفت عليها في المملكة العربية السعودية.
وكيف سيتم علاج متعاطي ومدمني المخدرات في مصر؟
هناك خطوط عامة لإنشاء أول مستشفى تخصصي، لعلاج وتأهيل المدمنين في مصر من أجل السيطرة على مشكلة الإدمان والحد من انتشارها لإنقاذ ضحايا مشكلة الإدمان، ومنع سقوط عدد كبير من الشباب في بؤرة الإدمان.
ففكرة المستشفي هي إنشاء مجتمع علاجي، يضم مستشفى وقرية ريفية وناديا اجتماعيا رياضيا، لتقديم بيئة انتقالية لميلاد المدمن، بعد علاجه على يد فريق طبي ونفسي واجتماعي.
وستبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع القومي 44.25 مليون دولار، وستكون مصادر التمويل من أموال تجار المخدرات المصادرة، وطرح أسهم اكتتاب لمحاربة سرطان العصر.