مفاجأة.. قصة تطبيق مبادرات «حياة كريمة» و«كتف فى كتف» أيام النبى والصحابة
أطلق الرئيس مبادرة «كتف في كتف» منذ أيام بمشاركة المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، بهدف التخفيف عن المصريين في مواجهة الغلاء الحالى، والمبادرة الأخيرة ليست الأولى فقط سبق وأن أطلقت الدولة مبادرة «حياة كريمة»، لرعاية الفئات الأكثر احتياجا خلال العام الحالى، كذلك مبادرة «نور حياة»، وسارع كثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات للإسهام في تلك المبادرات، تخفيفا لمعاناة الفئات غير القادرة.
والمفاجأة، أن المبادرات الأخيرة كانت قد أطلقت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، وبنفس الطريقة والخطوات، حيث أكد الدكتور محمد رجب عضو رابطة الأزهر، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الإسلام اهتم بالفئات الفقيرة لدرجة أن التقاعس فى حقوق هذه الفئات قد يخرج المؤمن من دائرة الإيمان الكامل، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما آمن بى من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به».
وتابع: «عمر بن الخطاب كان يسير يومًا فى الطريق فرأى رجلًا كبير السن يسأل الناس، فسأله: مالك يا شيخ؟ قال الرجل: أنا يهودى وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما أنصفناك نأخذ منك شابًا ثم نضيعك شيخًا والله لأعطينك من مال المسلمين، وبالفعل أعطاه من بيت المال».
وأوضح «رجب» أن هذه القضية عالجها القرآن الكريم فى كلمة واحدة جاءت فى صيغة الأمر (خذ) فى قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) والخطاب هنا وإن كان موجها للنبى -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنه ينسحب على كل حاكم وولى أمر لسد حاجات الفقراء وتحقيق التكافل بين أبناء المجتمع، وعلى ذلك فإن من حق الحاكم أن يأخذ الزكاة من الأغنياء إلزاما، وليس اختيارا، لأنها حق للفقراء.
ولفت عضو رابط الأزهر، إلى أن المبادرات الكريمة، التى دعا إليها الرئيس، تهدف إلى تحقيق التكافل الاجتماعى الذى هو أساس من أسس الإسلام، ولغرس الوعى فى وجدان الجميع بالمسئولية الاجتماعية التى هى أيضا جزء من الدين.
وأضاف «رجب»، أن كفالة الفقراء والفئات المحتاجة ليست منة على أصحاب هذه الفئات، بل هى حق لهم قصر فى أدائه الموسرون والقادرون، فلو أخرج أصحاب الأموال زكاتهم لما وجدنا جائعا أو فقيرا أو مريضا لا يجد ثمن علاجه، متابعًا: «لكننا بكل أسف قصرنا وتقاعسنا، وتخلى كثير من الموسرين عن دورهم، اللهم إلا ما يجمل صورتهم ويروج بضاعتهم فى وسائل الإعلام ونحوها، لقد آن الأوان لأن يبحث الاقتصاديون عن آلية فاعلة وعادلة لتحصيل أموال الزكاة إجباريا، فالزكاة حق للفقراء فى رقاب الأغنياء».
ومن جانبه، يقول الشيخ مصطفى بان، أحد وعاظ الأزهر الشريف، إن منهج الإسلام فى تأسيس فقه الحياة الآمنة التى ينعم الإنسان فى رحابها بالطمأنينة والسكينة والاستغناء، ويأمن على دينه ونفسه وعقله وماله وعرضه، يعتمد على بناء مجتمع الحقوق والواجبات من ناحية، والمبادرة التطوعية لصناعة الخير من ناحية أخرى.
وأشار إلى أن الإسلام يهدف إلى تماسك أفراده وجعلهم فى باب التراحم والتكافل كالجسد الواحد، لقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، بل ونص على أنهم كالبنيان المرصوص فقال -صلى الله عليه وسلم-: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».
وأوضح «بان»، أن فلسفة المنهج الإسلامى فى باب التكافل والتراحم بين أفراد مجتمعه تبنى على رؤية تنقل الناس من الضيق والإضرار إلى السعة والاختيار، ومن العوز والحاجة والافتقار إلى الغنى والاستغناء والافتخار، وذلك من خلال ثلاث مراحل: (الكفاف، الكفاية، الكفاءة).
فمرحلة الكفاف: تستهدف المعالجة الملحة لمن يقبعون تحت خط الفقر ويمدون أيديهم بالسؤال لمأكل ومشرب وكساء، وهؤلاء هم المستهدفون بزكاة الفريضة، وهؤلاء هم المستهدفون من بنوك الطعام والدواء ومبادرات الكساء والغطاء وبرامج الحماية.