حقيقة الشروط الخليجية القاسية لدعم الاقتصاد المصري
بعد زياردة الرئيس عبد الفتاح السيسي للسعودية، بداية شهر إبريل الجاري، ظهرت تكهنات حول شروط اقتصادية خلجية قاسية لدعم المصري.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، وصل إلى مدينة جدة السعودية، 2 أبريل الجاري، واستقباله ولي العهد محمد بن سلمان.
وبحسب الإعلام السعودي، دامت تلك الزيارة بضع ساعات، حيث تناقش الجانبين خلالها العلاقات بين البلدين خصوصا على الصعيدين السياسي والاقتصادي وتوسيع نطاق الاستثمار.
جاءت زيادة الرئيس السيسي؛ لتبدد تكهنات البعض بوجود قطيعة بين السعودية ومصر.
وتضمنت الشروط السعودية ودول الخليج من مصر - الذي ذكرت في تقرير أمريكي- إسناد إدارة ملف الاقتصاد إلى مسئولين جدد، بالإضافة إلى تخفيض قيمة الجنيه وتقليل دور الجيش في الاقتصاد مقابل دعم مصر ماليا.
وبحسب التقرير الأمريكي، فأن كل من السعودية وباقي دول الخليج قد وجهت تحذيرا إلى مصر بأن أي خطة مرتقبة للإنقاذ المالي المرتقبة سوف تعتمد على شروط إصلاحية، بعضها قد تكون قاسية.
كما ترردت أنباء خلال الأيام الماضية عن ترشيح السعودية لرجل الأعمال ووزير التجار الأسبق، لتولى منصب رئيس مجلس الوزراء أو إدارة الملف الاقتصاد في مصر.
وخلال ساعات من نشر التقرير، انتشرت تحذيرات من تداول التقرير الأمريكية بحجة أنها تهدف لتشويه العلاقات بين مصر ودول الخليج وخاصة السعودية.
وجاءت ذلك في الوقت نفسه الذي كشف فيه وزير المالية السعودي محمد الجدعان عن استراتيجية جديدة ستعتمدها بلاده في تقديم المنح والودائع لحلفائها.
وقال محمد الجدعان خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي: «إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك، نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات».
وتابع: «نحن نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر ذاته، نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم».
وتعد تصريحات وزير المالية السعودي، تحول واضح في النهج السعودي والخليجي عامة بشأن تقديم المساعدات للدول.
وتعتبر السعودية أكبر الداعمين لمصر خلال الـ10 سنوات الماضية، حيث قدمت مساعدات في شكل ودائع ومنح وإمدادات طاقة.
وبحسب منصة المساعدات السعودية، جاءت مصر في المرتبة الثانية في المساعدات السعودية بما يتجاوز 13.7 مليار دولار.
فيما أعلنت وزارة المالية في المملكة أن الرياض أودعت ثلاثة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري، ومدّدت ودائع سابقة حجمها 2.3 مليار دولار.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، أن السعودية لديها ودائع طويلة الأجل لديه، وقد بلغت حتى نهاية مارس 2021 نحو 5.5 مليارات دولار.
ومع خفض مصر لقيمة العملة المحلية، اشترى صندوق الاستثمارات السعودي حصص مصرية في أربع شركات رائدة ومدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار.
وفي تقرير القطاع الخارجي الصادر عن البنك المركزي المصري، كشف أن حجم استثمارات 4 دول خليجية؛ الإمارات والسعودية وقطر والكويت بلغ نحو 2.63 مليار دولار خلال الربعين الأول والثاني من العام 2021/ 2022، مقارنة بـ 1.26 مليار دولار نفس الفترة من العام الماضي، وتركزت تلك الاستثمارات على الاستحواذ على قطاعات اقتصادية هامة وحيوية.
وقال الدكتور عبد الرحمن طه، خبير الاقتصاديات الناشئة، إنه ليس هناك بيانات رسمية من أي دولة تتحدث عن ضغوط أو شروط للسعودية ودول الخليج لدعم أو تقديم مساعدات لمصر، متابعًا: «كل هذه شائعات ليس لها أي أساس من الصحة».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه بالفعل سيكون هناك شروط من السعودية لدعم أي دولة وليس مصر فقط وخاصة بعد ما قاله وزير المالية في المملكة حول عدم تقديم أي دعم دون مقابل، متابعًا: «ولكن حتى الآن لم تفرض السعودية أي شروط على مصر لدعمها اقتصاديًا».
وأشار إلى أن 90% من التقارير الدولية التي تصدر عن مصر تدور حول الهجوم عنها دون مبرر، ومن مصالح القوي المعادية إظهار مصر بصورة سيئة، مؤكدًا أن المؤسسات الدولية هدفها التضليل، وما يقال عن مصر والسعودية من باب المؤامرة.
وتابع: «الفترة الحالية الإمارات والسعودية، يرفعان شعار الإمارات أولًا والسعودية أولًا، أي الفكر الذي يقود الدولة هو فكر قومي».
ولفت «طه»، إلى أنه في الماضي عوائد أرباح السعودية من النشاط الاقتصادي والبترولي، كانت تستثمر بشكل خطئ سواء في الحروب أو تقديم مساعدات لجميع دول العالم بدول مقابل سياسي أو اقتصادي.
وواصل: «ولكن في العهد الجديد الخاصة بالسعودية، بعد عام 2015 ومنذ تولي ولي العهد محمد بن سلمان أصبحت السعودي تلعب دول صندوق النقد كدولة تحت شعار السعودية أولًا».
واستكمل: «من حق السعودية التحرك في السياسات الاقتصادية التي في صالح المملكة وليس عليها تحمل أعباء مصر من زيادة السكان وانخفاض الموارد، ولذلك السعودية تسير في إنشاء مقر إقليمي لصندوق النقد الدولي، ولديها خطة 2030 لتصبح واجهة الشرق الأوسط في الثورة الصناعية الرابعة وكذلك المتحدث الرسمي باسم دول الخليج».
وأوضح خبير الاقتصاديات الناشئة، أنه بناء على خطط السعودية تم إنشاء صندوق بقيمة 650 مليار دولار، للاستثمار في جميع أنحاء العالم، لافتًا إلى أن المملكة بدأت في زيادة استثماراتها في مصر وإيران وكردستان وكازاخستان، وباكستان.
وأكد أن السعودية من حقها أن يكون لها ظهير سياسي واقتصادي ونفوذ بناء على قوة المالية التى لديها، بالإضافة إلى الاتجاه لزيادة مواردها بعيدًا عن المساعدات والحروب.
وشدد الدكتور عبد الرحمن طه، على أنه مع بدء السعودية في إبراز نفوذها تعرضت لهجوم قوي اقتصاديًا وسياسيًا، مثل ضرب قواعد عسكرية ومطارات ومنشآت نفطية بالمملكة.