لغز استمرار الضغط على الدولار بعد إعلان مصر التعامل بالروبل واليوان
بالرغم من إعلان مصر التعامل بالروبل واليوان مع روسيا والصين في المعاملات التجارية، إلا أنه لا يزال هناك ضغط على الدولار، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع سعره في السوق السوداء.
ووصل سعر الدولار في السوق الموازي، ما يقرب من 38 جنيهًا، بينما استقر في البنوك عند مستوى 30.95 جنيهًا منذ 3 أسابيع.
وخسر الجنيه 100% من قيمته أمام الدولار، منذ مارس 2022 حتى الآن، نتيجة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت بشكل مباشر على سلاسل الإمداد عالميًا.
ويُعد التعامل بالروبل واليوان، أحد الحلول أمام مصر ومجموعة البريكس، للتخلي عن سيطرة الدولار في المعاملات التجارية.
وأبرمت روسيا والصين اتفاقية أتاحت بنودها لبلديهما فرصًا أكبر مما هي عليها كقوتين اقتصاديتين ضاربتين لرفع مستوى المبادلات التجارية، مستخدمتين في ذلك عملتيهما الروبل واليوان، وهو ما اعتبره مراقبون واقتصاديون بمثابة توجيه ضربة قاضية للدولار الامريكي، لا سيما مع تزايد التكهنات بأن تنضم دول أخرى إلى مجموعة (بريكس).
وتتكون مجموعة البريكس من 13 دولة هم: «البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والأرجنتين والجزائر وإيران، وإندونيسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر».
وفي نهاية عام 2022، أدرج البنك المركزي الروسي سلة عملاته الرسمية، الأمر الذي يسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين بديلا عن الدولار.
والشهر الماضي، أعلن الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه يتم حاليًا العمل على دراسة التعامل التجاري مع دولتي الصين والهند بالعملات المحلية، وذلك على غرار الاتجاه في التعامل مع روسيا بالروبل والجنيه المصري.
وأضاف «المصيلحي»: «هذا اتجاه جيد ويعمل على زيادة التبادل الاقتصادي بين مصر والصين، وبين مصر والهند».
وأوضح وزير التموين، أن التعامل بين مصر وروسيا بالعملات المحلية يسير بشكل جيد، قائلًا: «الجميع يدعم ذلك، كما أن الربط التقني بين البنكين المركزيين يسير بشكل جيد، مما يعود بالفائدة على حجم التبادل التجاري».
ويرى خبراء الاقتصاد، أن التعامل بالروبل واليوان لن يؤثر على المدي القريب ولكن سيظهر على المدي البعيد، لأنه لا يزال التعامل بين مصر والصين بالدولار بخلاف التدهور المستمر في عملة الروبل، بالإضافة إلى أن الإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ لا تزال بالدولار، بجانب خلل الميزان التجاري وارتفاع حجم الديون على مصر.
وفي هذا السياق، قال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، إن اعتماد المركزى الروسى للجنيه ضمن سلة عملات يتعامل معها مباشرة، ليس له قيمة اقتصادية كبيرة.
وأضاف «توفيق»، أن ذلك يرجع إلى ضآلة حجم تجارة مصر مع روسيا، بالإضافة إلى خلل الميزان التجارى والتدهور المستمر فى قيمة الروبل.
ومن ناحيته، قال أشرف هلال، مستورد من الصين، ورئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، إن التعامل بين مصر والصين بالروبل لن يلقى ثماره إلا بعد الانتهاء من التعاقدات القديمة؛ لأنه لا يزال يتم التعامل بالدولار حتى الآن.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «هذا بخلاف أن البضائع المكدسة بالموانئ تحتاج دولار للإفراج عنها وأوراقها لدى البنك المركزي بالدولار»، لافتًا إلى أن 70% من البضائع المكدسة في الموانئ من الصين.
وأوضح «هلال»، أنه بعد الانتهاء من التعاقدات القديمة، سيتم الاستيراد باليوان والروبل، مؤكدًا أن التعامل بالعملات المحلية بين مصر والصين والروسيا سيقلل الضغط على الدولار.
وأشار رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن خطوة التعامل باليوان والروبل جاءت متأخرة جدًا، موضحًا أن تطبيقها سيساعد على حل أزمة الدولار والاستيراد.
وبدوره، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إنه لم يتم التعامل باليوان بين مصر والصين حتى الآن ولكن الأمر لا يزال اتفاقيات دولية للمستقبل.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «أما بالنسبة لروسيا تم إدراج الجنيه المصلاي ضمن سلة عملتها ولكن في نفس الوقت المشكلة الأساسية ليس الاستيراد فقط، فهناك التزامات خارجية والتي منها الديون وطرح الصكوك الدولارية بجانب السندات التي تسدد بالدولار لأجل استحقاقها، والبضائع المكدسة بالمواني»، لافتًا إلى أن جميعها التزامات بالدولار لا يمكن الهروب منها.
وأوضح «الإدريسي»، أن التبادل بين مصر وروسيا قائم على الزيوت والقمح بشكل أساسي، وهذه ليست فقط الفاتورة الاستيرادية لمصر، حيث هناك دول أخرى يتم الاستيراد منها بالدولار، متابعًا: «حجم التعامل بين البلدين لن يقلل الضغط على الدولار».
وأشار، إلى أن هناك بضائع 3.9 مليار دولار مكدسة في الموانئ تحتاج إلى دولار، مؤكدًا أنه لا يزال في مصر أزمة دولارية، ويجب الاعترف بها للوصول إلى حلول.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن هناك انخفاض أيضًا في مصادر دولار لمصر، وفي نفس الوقت ترتفع حجم الالتزامات سواء على مستوى الواردات أو التوجيهات الخاصة بالاقتصاد العالمي والاستثمار.
ولفت إلى أنه على المدى الطويل ستأتي ثمار الاتفاقيات الدولية بين مصر والصين ورسيا، هو الأمر الذي يحسن مصادر الدولار في مصر، متوقعًا حدوث تغيرات في خريطة الاقتصادي المحلي والعالمي في المستقبل.