بحث أزهرى يكشف عن مفاجآت تخص الاعتكاف وتحديد ليلة القدر باليوم والساعة
يحرص المصريون على القيام بسنة الاعتكاف، وتعددت الفتاوى الصادر بخصوص سنة الاعتكاف وليلة القدر، وفقًا لتقرير صادر من لجنة البحوث الفقهية بالأزهر الشريف، تتناول عددا من المسائل الفقهية بخصوص الاعتكاف وليلة القدر.
يقول التقرير إن الاعتكاف مسنون في كل وقت من العام، ولكنه يتأكد في العشر الأواخر من رمضان تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وتحريًا لليلة القدر، وهذا هو رأي جمهور أهل العلم.
واستدل الجمهور بعموم أدلة الاعتكاف، حيث لم تخص رمضان، وبأنه -صلى الله عليه وسلم- اعتكف في غير العشر من رمضان، كما اعتكف في العشر من شوال، ولأن «عمر» سأل النبي قائلًا: «كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة»؛ ولأن مقصود الاعتكاف من جمع القلب على الله، والانقطاع عن ملاذ الدنيا يحصل في رمضان وفي غيره.
وفي فتوى اللجنة الدائمة للأزهر، تقول إنه يجوز الاعتكاف في أي وقت، وأفضله ما كان في العشر الأواخر من رمضان اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم وأصحابه-.
ثانيًا: الصحيح أن الاعتكاف يصح في جميع المساجد، لعموم قوله تعالى (وأنتم عاكفون في المساجد).
وأما حديث حذيفة مرفوعًا (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فهو حديث ضعيف.
قال ابن هبيرة: أجمعوا على أن كل مسجد تقام فيه الجماعات فإنه يصح فيه الاعتكاف.
والأفضل الاعتكاف في مسجد جمعة حتى لا يحتاج إلى الخروج لصلاة الجمعة.
وأفضل المساجد في ذلك: المسجد الحرام، ثم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم المسجد الأقصى، وهذا من حيث أفضلية هذه البقاع، ومضاعفة الحسنات بها، وأما الأفضل بالنسبة للشخص فما يحصل له فيه الخلوة، والأنس بالله عز وجل، لأن هذا هو المقصود الأعظم للاعتكاف.
والقاعدة أن الفضل المتعلق بذات العبادة مقدم على الفضل المتعلق بمكان وزمان العبادة والله أعلم.
ثالثًا: الصحيح أن الاعتكاف مشروع للرجال والنساء، كما هو رأي جمهور أهل العلم، بل نقل الإجماع على ذلك، كما قال تعالى عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابًا) وقال تعالى (كلما دخل عليها زكريا المحراب)، ولأن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتكفن معه وبعده، ولأن الأصل أن ما ثبت في حق الرجل من الأحكام يثبت في حق المرأة إلا بدليل.
ويشترط في المرأة إذن زوجها، مع أمن الفتنة، وعدم تضييع واجباتها، فإن اعتكفت مع مخالفة ذلك أو بعضه صح اعتكافها، وأثمت على المخالفة.
رابعًا: الصحيح أنه لا يشترط الصوم للاعتكاف، فيجوز أن يعتكف بلا صوم، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة واختاره ابن حزم.
كما اعتكف النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر أيام من شوال، ولم يُذكر أنه صام فيها، ولحديث عمر من نذره اعتكاف ليلة والليل ليس محلًا للصيام، واختار ابن القيم أنه شرط، وهو قول أبي حنيفة ومالك، وذكر أن هذا اختيار ابن تيمية، ولكن المصرح به في الفتاوى أنه لا يرى أنه شرط، والله أعلم.
خامسًا: الصحيح أن الاعتكاف لا يجب المضي فيه، ولا يجب قضاءه إذا قطعه لعذر أو لغير عذر، وهو في ذلك كسائر السنن والنوافل، والتي سبق أنه إذا شرع الإنسان فيها لا يجب عليه المضي فيها، ولكن لا ينبغي قطعها لغير عذر، ويستثنى من ذلك الحج والعمرة فيجبان بالشروع فيهما، ولا يجوز قطعها، ولو قطعها لزمه قضاؤها.
وعن ليلة القدر، ذكر البحث الأزهري خلاله عن العديد من المفاجات بخصوص تحديد ليلة القدر، حيث ذكر إن ليلة القدر ثبت في الصحيحين أنها في العشر الأواخر من رمضان، كما في حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، وفي رواية للبخاري: «في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، وعن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى».
وذكر البحث الأزهري، الصحيح أن ليلة القدر باقية لم ترفع خلافًا لمن قال: إنها رفعت، وإنما الذي رفع معرفة ليلتها بالتحديد، وذلك ليجتهد العباد في جميع هذه الليالي العشر، كما أُخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة ليجتهد العباد جميع اليوم.
وذكر ابن حجر في تعيينها أكثر من أربعين قولًا، والأقرب والله أعلم أنها في العشر الأواخر، وأرجاها الوتر منها، وأرجى الوتر السبع الأواخر، وأرجاها ليلة السابع والعشرين، وقد كان أبي بن كعب يقسم على أنها ليلة السابع والعشرين.
والأقرب أيضًا أنها تنتقل بين الليالي، جمعًا بين الأحاديث، وهذا اختيار ابن باز، وقال النووي: هذا أظهر وفيه جمع بين الأحاديث المختلفة.
وذكر الأزهر، أن ليلة القدر لها علامات، وهذه العلامات تنقسم إلى قسمين:
أولا: علامات مقارنة: وقد ذُكر منها: أن الرياح تكون فيها ساكنة والجو معتدلًا والإضاءة ظاهرة والصدر منشرحًا.
جاء من حديث جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إني كنت أُريت ليلة القدر ثم نُسيتها، وهي في العشر الأواخر، وهي طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمرًا يفضح كوكبها، لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها. رواه ابن خزيمة وابن حبان وصححاه.
ثانيًا: علامات لاحقة: وذُكر منها أن الشمس في صبيحتيها تخرج صافية لا شعاع لها.