حكم فريضة الحج لذوى الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية
أجابت دار الإفتاء عن سؤال ما حكم الشرع بالنسبة لفريضة الحج لذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية والجسدية؟ وجاء رد الدار كالآتى:
المسلمون من ذوي الإعاقات الجسدية فقط لهم حكم الأصحاء شرعًا مِن وجوب الحج على المستطيع منهم: إما بنفسه وإما بغيره؛ لقوله تعالى: ﴿وللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وكذلك الحال مع ذوي الإعاقات الذهنية التي لم تُخرجهم إعاقتُهم عن حَدِّ التكليف الشرعي، والحج يقع صحيحًا منهم مُسقِطًا للفريضة سواء أحجوا بمالهم أم بمال غيرهم.
وأما مَن كانت إعاقتُه الذهنية تُخرجه عن حدِّ التكليف الشرعي، فإن الحج ومثله العمرة تصح منهم إذا تم نقلهم إلى الأماكن المقدسة وقاموا بأداء الحج أو العمرة بأركانهما وشروطهما عن طريق مساعدة الغير لهم، ويكون ذلك في ميزان حسناتهم، وإن كان ذلك لا يُغنِي عن حج الفريضة وعمرة الفريضة عند مَن يقول بفرضيتها إذا عُوفِي المعاق ذهنيًّا من مرضه وإعاقته وصار مُكَلَّفًا.
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن موضوع الثابت والمتغير من الموضوعات المهمة القديمة والجديدة في نفس الوقت، والتي تحتاج إلى تبصُّر ودراسة ونظر بين الحين والآخر، وتحتاج إلى التعمق في فهمها فهمًا سديدًا وفق المنهجية العلمية وليس فهمًا سطحيًّا.
وأضاف مفتى الجمهورية، أن من الشريعة جملة من الأحكام القطعية الثبوت والدلالة، وهي التي لا مجال فيها للاجتهاد أو التغيير، ولا يجوز أن يأتي قانون يخالفها أو يسمح بإلغائها أو يجور عليها، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدِّي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام، بل تضر باستقرار الأمن المجتمعي، ثم هناك الأحكام الظنية التي يجري فيها الاجتهاد، والتي وقع فيها الاختلاف بين أئمة الفقهاء تبعًا لاختلاف أصول كل مذهب من المذاهب، فيتخيَّر المشرِّع والمُقنِّن من هذه الأحكام ما يلائم حال أهل عصره وزمانهم، وما يكون متلائمًا مع ثقافتهم وحياتهم.
واستعرض المفتي كيفية التثبت والاحتجاج بالحديث النبوي الشريف؛ ردًّا على من يطالب بتنحية السنة جانبًا عدا المتواتر منها لتكون عمدة الأحكام فقط مع القرآن قائلًا: لقد وضع المحدثون أُسس علم الحديث، وبيَّنوا صحيحه من سقيمه، كما بيَّنوا أن الضعف ينقسم إلى مراتب متفاوتة، فضلًا عن وضعهم لضوابط دقيقة جدًّا للعمل بأحاديث الآحاد والضعيف في حالات معينة دون المختلق أو المكذوب.
وتابع شرحه لموقف الإسلام من المرتد قائلًا: لو قرأنا هذه النصوص متكاملةً فسنفهم أحاديث النبي مع الآيات الكريمة، فالنص القرآني يقول: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}، كما قال النبي: "من بدل دينه فاقتلوه"، وهناك حديث شريف آخر كان نصه أنه "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث" كان من بينهم "التارك لدينه المفارق للجماعة"
.
وبيَّن مفتي الجمهورية أنه من خلال هذه الأدلة الشرعية يتبين أن عقوبة القرآن الكريم أخروية وليست دنيوية، إلا إحباط الأعمال، وهي ليست من اختصاص أي إنسان بل من اختصاص ولي الأمر المتمثل في الجهات المختصة بدءًا من الاتهام إلى التطبيق، وهي مرتبطة بالتوفيق الإلهي فقط، أما من بدل دينه فإن قتله يستلزم أن يكون مفارقًا للجماعة، وبالتالي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قتل إنسانا ترك دينه.
وأوضح أن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه في حربه للمرتدين لم يكن فقط لردتهم ولكن لخروجهم على النظام العام والجماعة، مشددًا على أن حرية الاعتقاد مساحة متروكة على وسعها وفق ضوابط شرعية عادلة ولا يمكن التضييق فيها، كما أن حرية المعتقد مصونة ولا يمكن المساس بها.