حقيقة قرب انتهاء هيمنة الدولار الأمريكى على الأسواق العالمية
يواجه الدولار الأمريكي، حربا عالمية اقتصادية شرسة، من مجموعة دول بريكس -وهي تكتل يضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند-، والتي من المقرر انضمام السعودية لها قريبًا.
وتأسست عام 2006، في قمة استضافتها مدينة يكاترينبورغ الروسية وتحول اسمها من «بريك» إلى بريكس في 2011، بعد انضمام جنوب إفريقيا إليها.
وتهدف هذه المجموعة الدولية إلى زيادة العلاقات الاقتصادية فيما بينها بالعملات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الدولار.
وتدرس المجموعة انضمام أكثر من دولة مثل إيران والسعودية، بعدما تقدمت بطلبين رسميين للانضمام إلى المجموعة، وتعتبر المجموعة أن توسيع «بريكس» هو أحد الأمور المهمة التي يتم العمل عليها، حيث يمثل سكان المجموعة حاليا 42% من سكان العالم.
وتشهد الولايات المتحدة، الفترة الحالية، موجة متزايدة من عمليات إزالة الدولرة العالمية، حيث تتحد العديد من أكبر الدول اقتصاديًا؛ لإطلاق بديل بالدولار الأمريكي لاستخدامه في التجارة العالمية.
وتعمل مجموعة بريكس، على تحدي هيمنة الدولار بعملة جديدة، حيث يتم إنشاء نظام مالي عالمي يهدف إلى استبدال الدولار في المعاملات الدولية، سواء بينهم داخل دول المجموعة، أو حتى مع دول الأخرى خارج المجموعة.
وكانت البداية عندما ظهرت فكرة العملة الروسية الصينية المشتركة بشكل متكرر على مدار العقد الماضي، خاصة بعد أن افتتح البنك المركزي الروسي أول مكتب خارجي له في بكين في عام 2017، كما أن القادة الصينيين اعتزموا على إصلاح النظام المالي العالمي وإضعاف هيمنة الدولار من خلال إنشاء عملة احتياطي جديدة.
ولم يقف الأمر إلى هذا الحد بل تعمل روسيا وإيران على تطوير عملة مشفرة مدعومة بالذهب، يمكن أن تحل محل الدولار في المدفوعات الخاصة بالتجارة الدولية.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذى تتطلع فيه الصين إلى إضعاف الدولار عن طريق جعل اليوان بديلًا عنه في صفقات النفط، وهو ما يقضي على نظام البترودولار المعمول به منذ السبعينات.
كما تستعد البرازيل والأرجنتين لإطلاق عملة مشتركة، تسمى «Sur» أي جنوب، فيما تتبنى الإمارات والهند إجراء تجارة غير نفطية بالروبية، تهدف إلى تعزيز التجارة باستثناء النفط بين البلدين إلى 100 مليار دولار.
ويرى بعض الخبراء، أن تحركات مجموعة بريكس، ستساهم في تعريض العملة الخضراء لتحديات مستقبلية واسعة، تهدد هيمنة الدولار على المدى المتوسط والطويل.
وفي هذا السياق، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن الدولار عملة قوية ترتبط باقتصاد الولايات المتحد الأمريكية، وهي المسيطرة على النسبة الغالبة لعمليات التبادل التجاري في العالم.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الظروف الحالية تدفع بعض الدول لخلق بدائل المتعلقة بالتبادل التجاري بعيدًا عن الدولار ولكن الأمر سيتوقف على نسب الميزان التجاري بينهم.
وأشار «جاب الله»، إلى أن القضية ليست في التعامل بأي عملة ولكن الأمر متعلق بحجم التبادل التجاي فإذا كان هناك عجز في الميزان التجاري بين دولة وأخرى فأنه لن يكون هناك فرصة في تطبيق العملات المحلية بينهم إلا في حدود نسب بسيطة في عملات التبادل وسيظل الفرق في الميزان التجاري مرتبط بعملات سواء كان الدولار أو إحدى العملات المعتمدة من صندوق النقد الدولى.
وتوقع الخبير الاقتصادي، عدم حدوث انهيار للدولار أو انخفاض لقيمته على المدى المتوسط، مع الحروب التي تمارسها دول مجموعة بريكس، لافتًا إلى أنه على المدى الطويل سيكون هناك تأثير على العملة الخضراء، بعد حدوث تفاعلات بشكل أكبر مع التبادل بالعملات المحلية والمشفرة لما تقدمه من حلول رقمية جديدة في مجال عمليات التبادل بين الدول بعيدًا عن الدولار.
وأوضح أن حجم نمو الاقتصاد العالمي على المدي البعيد سيسمح بوجود الدولار بجانب مجموعة من العملات الأخرى، قائلًا: «ولكن لا أتصور انهيار سريع للدولار أو حدوث مشكلات كبيرة تتعلق بوجوده على المدى القصير والمتوسط».
ومن ناحيته، قال الدكتور عبد الرحمن طه، خبير الاقتصاديات الناشئة، إن العالم يتعرض للحرب العالمية الاقتصادية منذ نوفمبر 2019، والتي تتكون من استخدام الأوبئة وعجز سلاسل الإمداد والتضخم العالمي والعقوبات الاقتصادية، والقوانين والأمريكية والفائدة الأمريكية والحرب على الشركات.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الهدف الأساسي من الحرب العالمية الاقتصادية نقل توطين الثورة الصناعية الرابعة من ألمانيا وكوريا الجنوبية والصين واليابان إلى أمريكا.
وأشار «طه»، إلى أن أحد أساليب أمريكا في الحرب العالمية الاقتصادية رفع سعر الفائدة؛ متابعًا: «مع رفع سعر الفائدة يزيد الضغط والسحب على الدولار ومن ثم ينخفض النقد الدولاري، هو ما يرفع سعره ويعطيه قوة أكبر».
وواصل: «النظام المالي متعدد الاقطاب، يهدف إلى ظهور عملة جديد بجانب الدولار، تتعامل بها البرازيل والأرجنتين وبين دول بريكس وبعضها، لتخفيف الضغط على الدولار وتقليل أهميته، وخاصة مع اضطرابات الشركات وإفلاسها مع الزيادة المستمر للدولار ورفع الفائدة الأمريكية».
وأوضح خبير الاقتصاديات الناشئة، أن هناك حرب اقتصادية بين أمريكا والصين، بدأت مع إصدار قانون استراتيجية الأمن القومي، قائلًا: «هو جعل الصين العدو الأول لأمريكا لأن القانون يحظر على بكين امتلاك أي تقنية جديد تخرج من واشنطن وفرض عقوبات على الشركات الصينية، هو الأمر الذي أشعل الحرب بين البلدين».
وتابع: «نجاح النظام المالي متعدد الاقطاب، مرهون بمدى المنافسة في الثورة الصناعية الرابعة، لأنه مرتبط بقوة اقتصاد أي دولة في حد ذاتها، حيث إن مجموعة بريكس ستواجه تحديات أهمها مدى قابلية العالم لاستهلاك إنتاجهم».
وأكد الخبير، أنه في حالة نجاح النظام المالي متعدد الاقطاب، وانخفاض الدولار، سيكون في صالح أمريكا أيضًا؛ لأنه يزيد من صادرتها وقوة صناعتها الاقتصادية، قائلًا: «في كل الحالات ستجني أمريكا مكاسب».