كواليس المباحثات السرية بين الحكومة والأحزاب لفرض نظام انتخابى «على المزاج»
تجددت حالة الجدل في الشارع السياسى، حول الأنظمة الانتخابية، بالتزامن مع انطلاق جلسات الحوار الوطني، والتي شهدت أولى جلسات المحور السياسى به، مناقشة النظام الانتخابي في مصر، حيث تنوعت آراء مختلف القوى السياسية، حول النظام الانتخابي الأنسب لمصر، ما بين النظام الحالي وهو الذى يجمع بين القائمة المطلقة المغلقة والفردى، وبين النظام الذي يجمع بين القائمة النسبية والفردية.
هذا الجدل أو الاختلاف في وجهات النظر أو الرأي بشأن النظام الانتخابي الأنسب، ليس وليد اليوم، بل هو جدل مستمر منذ بداية تشكيل المجالس النيابية بالانتخابات، حيث عاصرت مصر تطبيق مختلف تلك الأنظمة الانتخابية، لتستقر مؤخرًا على النظام الحالي، الذي يجمع بين القائمة المغلقة والفردى.
ويتبنى البعض نظام القائمة المطلقة المغلقة، نظرًا لسهولته في التطبيق وضمان عدم تعرضه لمشكلات قانونية ودستورية بشكل كبير، وخلال ذلك النظام، تقسم البلاد إلى عدد محدود من الدوائر الانتخابية، وتضع القوى السياسية قوائمها الانتخابية فى هذه الدوائر المقررة، كما تضع قوائم احتياطية يتم اللجوء إليها في حال بطلان أو إسقاط عضوية أو وفاة أحد أعضائها.
ووفقا لهذا النظام، يتنافس في الدائرة الانتخابية الواحدة أكثر من قائمة تضم عشرات المرشحين، حسبما يقرر القانون الانتخابي، وتفوز فيه القائمة التى تحصل على 50% أو أكثر من عدد أصوات الناخبين الصحيحة، بكل مقاعد الدائرة، بينما تخسر كل القوائم الأخرى التي لم تحصل على نسبة 50% من الأصوات.
نظام القائمة النسبية، يُعد عكس نظام القائمة المطلقة المغلقة، لا سيما في طريقة حساب المقاعد، حيث في هذا النظام تقوم القوى الحزبية والمستقلين بتشكيل قوائم انتخابية مغلقة أو مفتوحة في كل دائرة انتخابية، والقائمة التي تحصل على أغلبية الأصوات لا تحصل على كافة المقاعد لهذه الدائرة مثلما كان يحدث في نظام القائمة المغلقة، وإنما تحصل عدد من المقاعد يتناسب مع نسبة ما تحصل عليه من أصوات.
وهنا نجد أن القائمة المطلقة المغلقة، هي قائمة ثابتة لا يمكن للناخبين التحكم في أعضائها من المرشحين أو تغيير ترتيبهم الذي تم اعتماده من الحزب، وحال فوزها يفوز جميع أعضائها، وأما القائمة النسبية، فلا تفوز بكامل أعضائها إلا في حالات قليلة، حيث تحصل كل قائمة على عدد من المقاعد حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها.
كما يوجد منها نوعان هما القائمة المغلقة النسبية والقائمة المفتوحة النسبية، والفارق بينهما هو أن عند توزيع المقاعد على المرشحين، توزع المقاعد في نظام القوائم المغلقة بناء علي ترتيب الأسماء في القائمة التي قدمها الحزب، أما نظام القائمة المفتوحة توزع المقاعد حسب ترتيب الأصوات التي نالها المرشحون والذي قد يكون مختلفا عن التوزيع الذي اقترحه الحزب.
فى النظام الفردى يتم تقسيم الدولة إلى عدة دوائر انتخابية، يتماشى مع عدد النواب المراد انتخابهم وفقا للدستور، ويفوز في ذلك النظام من يحصل على أغلبية الأصوات.
من جانبه كشف مصادر مطلعة، أن جلسات الحوار الوطني سوف تتوصل لتحديد النظام الانتخابي الأنسب لرفع تقرير بذلك للحكومة من أجل تقديم قانون لمجلس النواب بقرار المشاركين في الحوار الوطني.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها «النبأ»، تسعى الحكومة جاهدة للوصول لاتفاق مجتمعي حول النظام الانتخابي الأفضل للتطبيق، من أجل خروج قانون به، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر انعقادها عام 2025، ومن أجل إجراء أول انتخابات محلية منذ ثورة يناير.
وأفادت المصادر، أن الاتجاه الدائر حاليًا داخل المناقشات بخصوص النظام الانتخابي حول تطبيق 50% فردي و50% قائمة مغلقة أو تطبيق 70% قائمة مغلقة و30% فردي، وإن كان هذا الاتجاه شبه مستبعد تمامًا بعد فشله في الانتخابات البرلمانية الماضية.
المفاجأة أن الحكومة تتبنى نظام القائمة المغلقة، وتسعى الحكومة نحو حشد المشاركين في الحوار الوطني لتبني هذا النظام، حيث أكد المستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، أن نظام القوائم المغلقة في الانتخابات البرلمانية يحقق تواجدا سياسيا حقيقيا للحزب المنتخب والنائب في البرلمان والشارع المصري.
فين حين تتبنى أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، وعددها 12 حزب اختيار النظام الانتخابي القائم على القائمة النسبية المفتوحة الغير مشروطة وليست المغلقة، وترفض تمامًا النظام الانتخابي الفردي، حيث ترى أن القائمة المفتوحة هي الأنسب للأحزاب للمنافسة.
في حين ترفض الحكومة تطبيق القائمة النسبية في الوقت الراهن نظرًا لصعوبة التطبيق عمليا في مصر لوجود مشاكل في عدد من الدوائر الانتخابية بالعديد من المحافظات.
المفاجأة أن حزب مستقبل وطن لم يعلن داخل جلسات الحوار عن موقفه بالنسبة للنظام الانتخابي، حيث أكد النائب حسام الخولي نائب رئيس حزب مستقبل وطن وممثل الأغلبية البرلمانية للحزب بمجلس الشيوخ، أن الحزب ليس لديه تمسك بنظام انتخابي معين.
وأضاف: «وبالتالي لا يوجد لدينا أي تمسك بنظام انتخابي محدد، لأننا حضرنا وشاهدنا بخبراتنا السياسية كل أنواع الانتخابات بكل أشكالها، سواء الفردي أو القائمة النسبية أو المغلقة أو المطلقة، لذا نحن ليس لدينا أي غضاضة من تطبيق أي نظام انتخابى، لأنه كما قلنا لكل نظام مزاياه وعيوبه، ونرى أن العملية الانتخابية هي آخر مرحلة وحصيلة للمجهودات التي بذلها أي حزب».
ومن جانبه قال الدكتور رجب عبد المنعم، أستاذ القانون الدستوري، أن الدستور المصري ألزم بتمثيل بعض الفئات في المجالس النيابية، وبالتالي لا بد من مراعاة الحفاظ على هذه الكوتة في النظام الانتخابي، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد الذي يضمن استمرار تمثيل تلك الفئات هو نظام القائمة المغلقة المطلقة، أما القائمة المفتوحة لا يحق تمثيل بعض الفئات بالمجلس، ونفس الأمر بالنسبة للنظام الفردي.
وأوضح، أن نظام القائمة المطلقة، هو الضامن لفكرة تمثيل الفئات، وأن الظروف الحالية، تتطلب تطبيق النظام الحالي كضامن للاستقرار ومانع للنزاعات القضائية.
وحول مقترحات البعض بتطبيق نظام القائمة النسبية، أوضح الدكتور عبد المنعم، أن نظام القائمة النسبية، محاط بعدد من العيوب، منها صعوبة التطبيق وحاجته إلى عمليات حسابية معقدة، بالإضافة إلى تعرضه لمشكلات قانونية بسبب الدعاوى القضائية العديدة التي تصاحب تطبيق ذلك النظام الانتخابي.
وحول مقترح النظام الفردي، أكد أن الدول الكبرى لا تطبق النظام الفردي، خاصة وأنه أثبت فشله بمصر على مدار السنوات الماضية ولا يحقق ديمقراطية حقيقية بسبب نجاح المال فقط بالمجلس، ووجود شخصيات غير مؤهلة بالتواجد في عضوية المجالس النيابية.
من جانبه، كشف ضياء رشوان منسق عام للحوار الوطني عن انحيازه لنظام القوائم النسبية، معتبرًا أنها تحقق العدالة التشريعية، وأيد حديثه باسم كامل أمين عام الحزب المصري الديمقراطي، كما أشار أيضًا إلى انحيازه لنظام القوائم النسبية، موضحًا أنها تحقق عدالة تشريعية وتمثيل قوى للأحزاب السياسية.
من جانبه قال عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب التجمع وعضو مجلس النواب، إن إجراء الانتخابات سواء برلمانية أو مجلس الشيوخ أو المحليات المقبلة يجب أن يكون عن طريق نظام القائمة النسبية المفتوحة الغير مشروطة حتى تستطيع الأحزاب أن تشارك بقوة في المنافسة، ويعطى حرية أكثر للمنافسة، فضلًا عن أنه يضمن تنوعا أكثر داخل المجالس النيابية وهذا من شأنه إثراء المناقشات بما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن المصرى.
وأضاف «مغاوري»، أن القائمة النسبية تضمن مشاركة كل القوى السياسية والشعبية في الانتخابات، ويكون لها تمثيل في المجالس النيابية المنتخبة، فضلًا عن ضمان تمثيل كل الفئات التي نص عليها الدستور علاوة على أن نظام القائمة النسبية يفتح المجال أمام الجميع للمشاركة وخوض غمار الانتخابات النيابية.
وقال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أن تغيير النظام الانتخابي من القوائم النسبية المغلقة إلى القوائم النسبية غير المشروطة هي أحد مطالب الغالبية العظمى من الأحزاب السياسية بالمحور السياسي للحوار الوطنى، خاصة وأن القائمة المغلقة تعني أن الحزب الذي يحصل على 51% من الأصوات يهيمن على مقاعد البرلمان ومن يحصل على 49% لا يحصل على شيء، وبالتالي هذا النظام يهدر أصوات 49% من المصريين.