التعويم الرابع قريبًا..
كواليس خفض سعر الجنيه أمام الدولار خلال شهر يوليو المقبل
في ظل استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار في البنوك على مدار الـ3 أشهر الماضية، إلا أن توقعات المؤسسات الدولية وخبراء الاقتصاد تشير إلى حدوث تعويم للجنيه شهر يوليو المقبل.
وجاء التوقعات، في الوقت نفسه الذي يوجد فيه سعران للعملة في مصر، حيث وصل سعر الدولار في السوق الموازي إلى 42 جنيهًا، هو الأمر الذي أجل دخول التدفقات المالية الكبيرة من الخارج المتوقعة مع تنفيذ الحكومة برنامج الطروحات؛ لبيع بعض أصولها بما لا يقل عن ملياري دولار، حسب خبراء اقتصاد.
الشريحة الثانية من صندوق النقد
كما أشار خبراء الاقتصاد، إلى أن الفجوة بين سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء ترجع إلى تأخر مراجعة صندوق النقد الدولي لصرف الدفعة الثانية من القرض.
كان من المفترض أن تتم المراجعة الأولى لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولي في مارس الماضي لتحصل على الشريحة الثانية بقيمة 347 مليون دولار، لكنها تأخرت بسبب استكمال بعض المتطلبات مع الصندوق، والتي أساسها تحرير سعر الصرف.
وكان وزير المالية، الدكتور محمد معيط، توقع في تصريحات سابقة، أن يتم تحديد موعد المراجعة قبل بدء شهر يونيو الجاري، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
وأوضح أنه كان من المستهدف أن تعقد المراجعة في مارس الماضي، لكن تأخرها جاء بسبب ظروف شهر رمضان وعيد الفطر، ثم بدأت اجتماعات الربيع العربي في واشنطن، مشيرًا إلى أن الإجراءات لم تتأخر، لأنه لم يتم الاتفاق بشكل نهائي على ميعاد معين للقيام بالمراجعة الأولى للصندوق.
وأكد الوزير، قدرة الحكومة على سداد الالتزامات والديون الخارجية، لافتًا إلى أن مصر لديها تحويلات المصريين في الخارج، وقناة السويس، والصادرات، والسياحة التي تحقق مؤشرات جيدة.
وتنفذ مصر برنامج تسهيل ائتماني ممدد مع الصندوق حاليًا بقيمة 3 مليارات دولار خلال 4 سنوات، وحصلت على الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار نهاية العام الماضي.
توقعات المؤسسات الدولة لخفض سعر الجنيه
منذ 3 أسابيع، توقع بنك سيتي غروب، أن البنك المركزي المصري لن يُقدم على تخفيض قيمة الجنيه المصري على الأقل حتى نهاية شهر يونيو.
وأرجع هذه التوقعات إلى أن القيام بخفض حاد آخر للجنيه قبل نهاية السنة المالية المصرية التي ستنتهي في 30 يونيو، يعرقل هدف الحكومة المتمثل في عجز الميزانية بنسبة 6.5 بالمئة، واستقرار ديون البلاد بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وفي مذكرة حديثة لبنك كريدي سويس، يتوقع المزيد من الهبوط في قيمة الجنيه بسبب بطء وتيرة تنفيذ الإصلاحات.
ورجح البنك الاستثماري، انخفاض سعر صرف الجنيه ليتراوح ما بين 45 إلى 50 جنيها بنهاية أغسطس.
وأشار إلى أنه كلما طال الوقت المستغرق من قبل الحكومة المصرية في الشروع في خطوات الإصلاح زادت شدة تسعير السوق لمخاطر تخفيض قيمة العملة، موضحًا أن القيمة العادلة للدولار مقابل الجنيه شهدت تدهورًا كبيرًا بسبب ارتفاع التضخم في مصر.
كما توقع بنك الكويت الوطني، عدم لجوء الدولة إلى خفض الجنيه مقابل العملات الأجنبية مجددا إلا في حالة واحدة..
فقال البنك في تقرير صادر له في أواخر شهر مايو الماضي: «تشير التطورات الأخيرة إلى أن خفض قيمة الجنيه مرة أخرى لن يحدث إلا بالتزامن مع وعود قوية بتوفير حصيلة من الدولار أو تسارع وتيرة بيع الأصول، الأمر الذي سيساهم في تعزيز الاحتياطيات».
فيما توقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني مزيدًا من التراجع للجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى38.4 جنيه مقابل الدولار، وخاصة بعد تخطي سعره في السوق الموازية أكثر من 40 جنيهًا.
التعويم على الأبواب
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، إن هناك تعويما قريبا على الأبواب ولا سيما بعد الفرق الكبير بين سعر الدولار في البنوك والسوق الموازي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تخفيض سعر الجنيه أمام الدولار تم تأجيله خلال الشهور الماضية؛ بسبب عجز الموازنة العامة للدولة والذي وصل إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن عجز الموازنة وصل إلى 29 مليار دولار، وهو ما يقرب 750 مليار جنيه قريبًا وفي حالة التعويم سيرتفع هذا العجر إلى نسبة أكبر من ذلك، متوقعًا حدوث التعويم خلال الـ3 أشهر المقبلة.
وأوضح أن صندوق النقد الدولي أجل المراجعة الأولى للاقتصاد المصري بسبب سعر الصرف، لافتًا إلى أن الصندوق في انتظار أخذ الحكومة للقرارات التي تم الاتفاق عليها وأهمها تعويم الجنيه.
وتابع: «تعويم الجنيه يتوقف عليه أمور كثيرة في المراجعة مثل حجم الدين وعجز الموازنة والتضخم ومستويات رفع أسعار الفائدة، حيث ستتم المراجعة عقب تحرير سعر الصرف».
وأكد الخبير الاقتصادي، أن قرار التعويم يتوقف عليه التدفقات الاستثمارية والطروحات الحكومية في البورصة والودائع، مشيرًا إلى أن الحديث حول خفض الجنيه يتسبب في تأجيل الاستثمار الأجنبية وشراء الأصول حتى يصل الدولار إلى السعر العادل أمام الجنيه.
الشفافية والوضوح من الحكومة
ومن ناحيته، قال صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن المواطن في انتظار التعويم المترقب، وخاصة مع وصول سعر الدولار في السوق الموازي إلى 42 جنيها وبناء عليه ترتفع أسعار السلع بالرغم من استقرار سعر العملة في البنوك.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن التعويم المترقب يؤخر عمليات طرح الشركات الحكومية في البورصة، والتدفقات الاستثمارية، لافتًا إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر غير مستقر.
وأشار «فهمي»، إلى أن تحرير سعر الصرف كان من المقرر حدوثه شهر مارس الماضي، مع مراجعة صندوق النقد الدولي، ولكن كان هناك أمل لدى الحكومة المصرية في تحسين الوضع الاقتصادي دون اللجوء إلى تخفيض سعر العملة المحلية عن طريق العلاقات بين دول الخليج وأوروبا بإعطاء الدولة بعض المنح والودائع.
وتابع: «وهذا لم يحدث ولذلك سيناريو التعويم هو الحل أمام مصر لأخد القرض الثاني لصندوق النقد الدولى وتحسين الوضع الاقتصادي من نقص العملة الأجنبية».
وطالب أستاذ الاقتصاد، بضرورة الشفافية والوضوح من الحكومة اتجاه سعر الصرف وتعويم الجنيه، قائلًا: «الوضع لا يحتمل ما يحدث من ارتفاع أسعار دون مبرر واضح أمام المواطن».