إعداد ضخم وغياب الحكومة الأبرز..
كشف حساب «الحوار الوطنى» بعد 44 جلسة
أكثر من عام استغرقتها عملية الإعداد والتمهيد للحوار الوطني، الذي انطلق بناءً على الدعوة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي لعمل حوار وطني كجزء من تأسيس «الجمهورية الجديدة»، أعقبها انطلاق فعاليات الحوار الوطني بشكل رسمي، على مدار 4 أسابيع، تم مناقشة خلالها 20 قضية من إجمالي 113 قضية على أجندة الحوار على مدار 44 جلسة حتى الآن.
ومع هذا الإعداد الضخم، تصاعد سقف توقعات المواطنين، الذين ينتظرون مخرجات مختلفة من منافشات الحوار الوطني على مستوى قضايا الرئيسية التي يناقشها حتى الآن، وسط تخوفات حول إمكانية تنفيذ تلك المقترحات أم
وانطلقت أولى جلسات الحوار الوطني في 13 مايو، وتم تقسيم الحوار الوطني إلى 3 محاور؛ هي الاقتصادي والسياسي والمجتمعي، توافق خلالها على 19 لجنة فرعية تندرج تحت المحاور الرئيسية.
وتستعرض «النبأ» أهم النتائج، ومقترحات تعديلات القوانين التي أفرزتها مناقشات الحوار الوطني بعد مرور شهر في المحاور الثلاث، على النحو التالي:
المحور السياسي
يعد ملف المجالس المحلية والشعبية، من أبرز الموضوعات التي تصدرت مناقشات الشق السياسي بلجان الحوار الوطني، والتي اتفق فيه مجموعة كبيرة من الأحزاب ومختلف القوى السياسية على أهمية إجراء انتخابات المحليات فى أسرع وقت، وضرورة خروج القانون للنور.
وتمحورت توصيات لجنة المحليات بالحوار الوطني بعد 4 أسابيع من جلسات الحوار الوطني حول موضوع النظام الانتخابى المحلى.
وتم مناقشة موضوعات تتعلق بالمجالس المحلية منها أعداد أعضاء المجالس المحلية ومدى إمكانية ربط هذه الأعداد بأعداد السكان فى كل وحدة محلية، وتم التأكيد على أهمية الربط فيما بينهما.
كما تم مناقشة شروط الترشح لعضوية المجالس المحلية، بالإضافة إلى تصدر قانون العمل الأهلي، أولويات الحوار الوطني، حيث طالب المشاركون بتعديل القانون، بسبب المشكلات التي أظهرها الواقع العملي بعد التطبيق.
وأكد المشاركون أهمية مناقشة قانون تنظيم العمل الأهلى ولائحته التنفيذية، وحل المعوقات أمام العمل الأهلى، فبرغم أن قانون 149 لسنة 2019، أتى بكثير من التسهيلات منها التأسيس عبر الإخطار، ولكن فى منعطف الحوار الوطنى يجب مراجعته من أجل الصالح العام لأن عباءة القانون لم تعد تتسع للوضع الحالى.
وأضاف أن القانون مع التطبيقات العملية ظهر به عدد من المشاكل، رغم أنه يتمتع بعدد كبير من المزايا أهمها أنه لا يجوز حل الجمعيات إلا بحكم قضائى، إلغاء العقوبات السالبة للحريات، ووضع ضوابط التمويل للجمعيات، إلا أنه رغم ذلك فبعض الجمعيات تواجه مشكلة مع فتح حسابتها فى البنوك وخاصة فى القرى والنجوع وتفضل تلك الجمعيات التعامل مع مكاتب البريد، أيضا المادة 17 والتى تتضمن الإعفاء والمزايا التى تشكل العائق الأكبر، وتتخلص مشكلاتها بأن الجمعيات تتكبد نفقات واسعة فى التعامل مع الفواتير، فى حين أن مراكز الشباب تحظى بدعم من الدولة بنسبة 57% من الكهرباء، مؤكدا أن دور الجمعيات الأهلية لا يقل أهمية عن دور مراكز الشباب.
وانتهت منافشات الحوار إلى توصيات محددة لتعديل القانون المنظم للجمعيات الأهلية، بما يستهدف دعم العمل الأهلى وإزالة العوائق أمام الجمعيات الأهلية، وذلك نظرًا لأن العمل الأهلي ركيزة من ركائز التنمية المستدامة.
كما أن من ضمن التوصيات تشكيل لجنة عليا للعمل الأهلي والتنموي وإنشاء صندوق خاص للتأمين على جمعيات العمل الأهلي وتدريب العاملين بها وأيضا التدريب للتعامل مع ذوي الهمم وتأهيل المتطوعين لسوق العمل وتحقيق إعفاءات للجمعيات التي تقدم خدمات وتعزيز التحول الرقمي وتيسير البحوث والدراسات المجتمعية، بجانب السماح مجددا بتوفيق الأوضاع للجمعيات.
وتعد استجابة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقترح مد الإشراف القضائي على الانتخابات لما بعد 17 يناير 2024، إحدى الإيجابيات التي حققها الحوار الوطني على أرض الواقع، وهو ما أشاد به منظمو الحوار.
المحور الاقتصادي
بلا شك كان المحور الاقتصادى له نصيب الأسد من لجان الحوار، وتمت مناقشة موضوعاته التى تتمثل فى التضخم والأسعار والدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالى ولجنة أولويات الاستثمار العام ولجنة الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى ولجنة الصناعة ولجنة الزراعة والأمن الغذائى ولجنة العدالة الاجتماعية والسياحة.
وجاءت التوصيات الخاصة بالمحور الاقتصادي في الحوار الوطني على النحو التالي:
أولويات الاستثمارات العامة:
تخصيص نسبة لا تقل عن 10 % من الاستثمارات العامة للدولة فى مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
تشكيل المجلس الأعلى للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى.
ثانيًا: ملكية إدارة أصول الدولة
نقل كافة الطروحات من شركات وأصول أو غيرها التى يتم الاعلان عنها سنويًا للتخارج الجزئى أو الكلى إلى صندوق مصر السيادى.
إنشاء صندوق لإدارة الأصول العامة بإدارة اقتصادية محترفة على غرار التجارب الدولية.
التأسيس للعديد من الصناعات الصغيرة وتمليكها للمواطنين عبر طرح أسهم لملكيتها بديلًا من استنزاف مداخرتهم فيما يسمى بالكمبوندات السكنية.
تشجيع بنك التنمية الصناعية في أداء رسالته في دعم وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة.
المحور المجتمعي
فيما يضم المحور المجتمعي 6 لجان هي التعليم والبحث العلمي، والصحة، والقضية السكانية، وقضايا الأسرة والتماسك المجتمعي، والثقافة والهوية الوطنية والشباب.
ويُعد تعديل قانون الوصاية من أبرز القوانين التي تم الاتفاق على تعديلها المشاركون في الحوار الوطني من الأحزاب المؤيدة والمعارضة والحركات الشبابية، من أول جلسة، وتم الاستجابة عليه أيضا من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما تم الاتفاق على إصدار تشريع لمنح حرية تداول المعلومات، وإنشاء مفوضية لمنع التمييز، لتطبيق ما نصت عليه مواد الدستور.
ويستهدف القانون الجديد ترتيب الأوصياء في حالة وفاة الأب والأم، إضافة إلى ميكنة بعض الإجراءات حتى تتم المعاملات بشكل سريع إلى جانب تعديل بعض القيم المالية في القانون لأن القيمة المالية تخفض مع الوقت، ويجب أن تكون هناك بعض الإجراءات لكي تحافظ الأموال على قيمتها مع مرور الوقت، وكل هذه الأمور ستترجم إلى مشروع قانون بالحوار الوطني.
3 قوانين أساسية
وفي هذا السياق، قال المستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، إن هناك توافقا في الحوار الوطني على 3 قوانين أساسية، هي بمثابة تعديلات جوهرية في مسائل الوصاية على المال.
وذكر «فوزي»: «لدينا التزام دستوري بوجود مشروع قانون يتيح تداول المعلومات، وهو ضمن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهو محل توافق لذلك يجب أن يكون متوازنًا».
وأضاف: «هناك أيضًا توافق على إنشاء مفوضية عدم التمييز، كما يعد مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني للتعليم من التدريب من أبرز القضايا التي تصدرت المناقشات، والذي احاله مجلس الوزراء للحوار الوطني لوضع مقترحات بشأنه بناء على توجيهات من رئيس الجمهورية».
وتوافقت الغالبية العظمى من المشاركين على أن وجود مجلس أعلى للتعليم والتدريب خطوة مهمة في سبيل الارتقاء بمنظومة التعليم في مصر وتوحيد سياساته.
ومن جانبه قال الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، والمقرر المساعد للمحور السياسي بالحوار الوطني، إن الحوار مازال في بدايته، لأن أغلب المحاور لم تستكمل فيه مناقشة كل القضايا المطروحة، فحتى الآن لا يمكن القول بأن هناك إنجازات، لأن الحوار الوطني لا يضع سياسات للحكومة، وإنما يطرح بدائل يختار الرئيس من بينها.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ» أنه حتى الآن لم تنتهي أي لجنة من وضع هذه البدائل، فكل الإنجاز الذي تم هو أنه كانت هناك مناقشات لعدد من القضايا، والمشاركون في الحوار أعربوا عن وجهات نظرهم بكل حرية ولكن الوقت الذي كان متاحًا لكل متحدث كان قصيرًا لا يتجاوز الـ4 دقائق، وهذا لا يسمح بإجراء حوار، بخلاف غياب الحكومة، وبالتالي هو إطار لتبادل الآراء بين المواطنين على اختلاف توجهاتهم.
وشدد «السيد»: «هناك وجهات نظر مختلفة تم الإعراب عنها، ولكن حتى الآن لم يتم بلورة أي من هذه الأفكار، ولم تنهي أي لجنة من إعداد تقريرها حتى الآن».
وأشار إلى أن البعض يتحدث عن احتمالية استمراره حتى نوفمبر المقبل، متابعًا: «وأنا لا أتمنى ذلك، لأن المواطنين فقدوا اهتمامهم بالفعل بالحوار واستمراره حتى هذه الفترة يعني فقدان اهتمام المواطنين بدرجة أكبر بما يجري فيها».
وعن المحليات، قال أستاذ العلوم السياسية، إن هناك طلب بإجراء الانتخابات في أقرب وقت، ولكن لم يصدر أي قرار بشأن هذا المعنى، معقبًا: «ولكن حتى يتم هذا لا بد من الاستقرار على قانون للمجالس المحلية، وهذه ليس مهمة الحوار، فلا بد من اتخاذ خطوات معينة وتقديم توصية بهذا المعنى ومن ثم إحالتها إلى الرئيس والذي بدوره يحيلها للحكومة ثم مجلس النواب».
وحول مشروع المجلس الأعلى للتعليم في التدريب، أكد أن علاج قضايا التعليم يتجاوز بكثير مسألة إيجاد مجلس أعلى فلا بد من زيادة الاعتمادات المالية، وبناء عدد كبير من الفصول، وتحسين أوضاع المدرسين، متابعًا: «هذا القانون لا يكفى ولا يعد خطوة أساسية لحل هذه التحديات».
بدوره، قال الدكتور طلعت عبدالقوي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إننا عملنا على المحاور الثلاثة السياسي والاقتصادي وكذلك المجتمعي، مشيرًا إلى أن هناك قضايا تم التوافق عليها بشكل كبير؛ منها موضوع الوصاية، والتعاونيات، مفوضية التمييز، بالإضافة إلى قانون العمل الأهلي.
ولفت إلى أن التطور إيجابي فيه حضور محترم ومناقشات جادة، وموضوعات يتم طرحها بمنتهى الموضوعية، في ظل وجود الأحزاب السياسية الكبيرة، متابعًا: «سيتم عمل ورش بشأن هذه صياغة هذه التوصيات خلال الفترة المقبلة».
بدوره أكد النائب علاء عصام، مقرر مساعد لجنة المحليات بالحوار الوطني وعضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أنه حتى الآن لا يوجد أي جديد، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم يتم إفراز أي مخرجات بخلاف مشروع قانون المجلس الوطني للتعليم ومقترح الإشراف القضائي للانتخابات الذي استجاب إليه السيسي.
وأضاف في تصريح لـ«النبأ»: «من المتوقع أن ينتهي الحوار قبل الانتخابات الرئاسية، مختتمًا حديثه: «الحوار ممتد وكلما نتتهي من جولة تبدأ جولة أخرى».