مزايا اقتصادية كبيرة..ماذا تستفيد مصر من الانضمام لتجمع «بريكس»؟
تنطلق في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، قمة دول منظمة «بريكس»، التي تضم، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وسط توقعات بالموافقة على ضم عدد من الدول للمنظمة، من بينها مصر.
وكانت مصر قد تقدمت في شهر يونيو الماضي، بطلب رسمي للانضمام إلى تجمع "بريكس"، وفقًا لتصريحات السفير الروسي بالقاهرة لوسائل إعلام، نقلها عبر صفحته الرسمية على تويتر.
وكشف السفير الروسي بالقاهرة، غيورغي بوريسينكو، عن تقدم مصر بطلب للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، قائلًا لوسائل إعلام روسية: "لقد تقدمت مصر بطلب للانضمام إلى مجموعة بريكس، لأن إحدى المبادرات التي تشارك فيها بريكس حاليا هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان، سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة مشتركة، ومصر مهتمة جدا بهذا الأمر".
ويأتي هذا الطلب بعد أقل من شهرين على تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على انضمام مصر لبنك التنمية الجديد التابع لـ "بريكس".
في شهر يونيو الماضي، كشف مراقبون ومحللون اقتصاديون، عن دلالة انضمام مصر إلى مجموعة "بريكس"، باعتبارها واحدة من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، معتبرين ذلك فرصة للقاهرة لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
من جانبه، يرى رئيس منتدى الدراسات الاستراتيجيّة والاقتصاديّة في القاهرة، رشاد عبده، أن دول البريكس تمتلك قدرات اقتصادية كبيرة، بما يعود على مصر بالعديد من المزايا الاقتصادية.
وعدّد عبده تلك المزايا في خلق فرصة لتنشيط الصادرات المصرية، بما يخفف الضغط على النقد الأجنبي بالبلاد، وتعزيز حركة التبادل التجاري مع دول المجموعة، والانفتاح على الاستثمارات المشتركة يحقق رواجا استثماريًا في مصر، فضلًا عن الحصول على منتجات ومواد خام بأسعار منخفضة.
بدوره، يشير الخبير الاقتصادي، علي الإدريسي، إلى أن مصر تتطلع منذ سنوات للانضمام إلى مجموعة بريكس، مشيرا إلى أن انضمام مصر للبريكس يحمل فرصة كبيرة لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين مصر والدول الأعضاء، فضلا عن أهمية الوجود وسط تكتل يحمي المصالح السياسية والاقتصادية للدولة المصرية ويضيف مزيدًا من التعاون وتبادل الخبرات.
وأضاف، أن الاستفادة من اتجاه البريكس للتعامل بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار الأمريكي، جزء تحتاج إليه القاهرة نظرًا لمشكلة النقد الأجنبي، وبالتالي تنويع سلة العملات الأجنبية، مشيرا إلى أن مصر باتت عضوًا في بنك التنمية التابع لبريكس، وهذه خطوة تؤكد إصرار الدولة المصرية للانضمام إلى المجموعة.
وأكد «الإدريسي»، أن الانضمام يعزز من العلاقات السياسية الجيدة التي تربط مصر بباقي دول المجموعة وعلى رأسها روسيا والصين والهند، ويسهل ذلك تواجد ذلك ضمن دول المجموعة، لافتا إلى أن البريكس يستفيد أيضا من وجود مصر في عضويته، حيث تكون بوابة لإفريقيا من حيث نفاذ وتوجيه السلع والخدمات الخاصة بهم، وتصدير لباقي دول القارة للاستفادة من السوق الإفريقي؛ استغلالًا لموقع مصر الجغرافي والمقومات التي تمتلكها.
ويقول محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، أن مصر تعول على دعم روسيا طلب انضمامها إلى مجموعة بريكس، وتسعى عبر هذه الخطوة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي في البلاد، نظرًا إلى تراجع قيمة عملتها الوطنية مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة.
وتقول الدكتورة نورهان الشيخ، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن مصر تسعى للانضمام إلى "البريكس" منذ عدة سنوات، مشيرة إلى أن القاهرة لا تريد أن تتأخر في اللحاق بركب التغيرات العالمية المهمة التي تجرى على النظام الاقتصادي، ليكون لها النصيب من الفرص المهمة والواعدة التي تتاح عبر المجموعة.
وأكدت «الشيخ»، أن فرصة انضمام القاهرة للمجموعة كبيرة، استنادا إلى مكانتها الكبيرة في القارة الأفريقية، والتي تسعى مجموعة البريكس لتعزيز العلاقات معها، لافتة إلى أن مصر لا تطمح للاكتفاء بالانضمام لصيغة" البريكس +"، بل للمشاركة الكاملة في المجموعة.
تشير عضو المجلس المصري للشون الخارجية، أن تصور المجموعة وأولوياتها وبرنامجها، هو ما يحدد التوقيت والترتيب لانضمام الدول في المستقبل، مؤكدة : "مصر تتعرض لضغوطات شديدة من الغرب، الذي يتجلى هدفه في الخندقة والاستقطاب، في حين أن دول الجنوب تسعى لتحقيق مصالحها الوطنية عبر الشراكات المتعددة، كما هو الحال في النموذج الهندي".
وشددت على أن مصر تسعى لتعزيز علاقتها والشراكة مع روسيا وكل الدول الأعضاء في المجموعة، بما يتيح التعاون الثنائي والشامل ضمن إطار المجموعة".
وقال علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن مصر تقدمت بطلب للانضمام لتجمع "بريكس" بهدف الاستغناء عن الدولار في التعاملات التجارية مع الدول الأعضاء بالتجمع، والتي ترتبط معهم مصر بعلاقات تجارية واقتصادية ضخمة، مما يمكنها من تخفيف الضغوط على أزمة نقص الدولار، والتي تؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري، كما يخلق توازنا سياسيا واقتصاديا في العلاقات بين التحالفات الشرقية والغربية.
وأكد عيسى، أن انضمام مصر لتجمع بريكس لن يؤدي لحل نهائي لأزمة الدولار، التي يتطلب التغلب عليها ضرورة زيادة موارد النقد الأجنبي من خلال زيادة الصادرات المصرية وعوائد قناة السويس والسياحة وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، جنبًا إلى جنب مع تحقيق أفضلية لمصر في الانضمام لتجمع بريكس، سواء في إتاحة فرص تصديرية للمنتجات المصرية أو جذب استثمارات أجنبية مباشرة من الدول الأعضاء.
من جانبه، يقول الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن انضمام مصر لعضوية تجمع بريكس سيحقق عوائد متنوعة للاقتصاد الوطني منها، إتاحة تمويلات من خلال بنك التنمية الجديد، الذي انضمت مصر لعضوية، لتمويل مشروعات البنية التحتية وتنويع مصادر التمويل، إضافة إلى الاعتمادات المحلية في التبادل التجاري مع الدول الأعضاء في بريكس، مما يخفف من الضغط على الدولار اللازم لتوفير النقد الأجنبي للاستيراد، مشددًا على ضرورة زيادة حجم التجارة البينية مع أعضاء التجمع حتى تحقيق أقصى استفادة من العضوية.
وأضاف عبد العال، أن الاعتماد على العملات المحلية في التبادل التجاري مع أعضاء تجمع بريكس، سيمنح المنتجات المصرية ميزة نسبية في أسواق الدول الأعضاء، وفي الوقت نفسه، سيتيح لمصر فرصة استبدال وارداتها من الدول التي تتعامل بالدولار بأسواق أخرى ضمن التجمع، مما يخفف من الضغط على الطلب على الدولار، ويحل أزمة صعوبة حصول مصر على تمويلات خارجية من بيع سندات دولارية.
وتابع أن التكامل مع دول الصين وروسيا والهند والبرازيل، يضيف قيمة للاقتصاد المصري على المدى المتوسط وطويل الأجل.
ومجموعة "بريكس" هي منظمة سياسية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، وعقدت أول مؤتمر قمة لها في يونيو 2009 في مدينة يكاترينبورغ الروسية.
تحول اسمها من "بريك" إلى "بريكس" في 2011، بعد انضمام جنوب إفريقيا إليها، وتهدف هذه المجموعة الدولية إلى تنمية العلاقات الاقتصادية فيما بينها بالعملات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الدولار.
من المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا - حسب غولدمان ساكس، والتي كان أول من استخدم هذا المصطلح في عام 2001.