الدكتور محمد حمزة يكتب: وانكستاه
هل ما يجري يتسق مع الدستور المصري في الفصل الثالث المتعلق بالمقومات الثقافية المواد47_50؟
وهل مايجري يتسق مع القوانين المصرية ذات الصلة القانون 117 لسنة1983م وتعديلاته2010م 2018م و2020 م؛؛؛ والقانون144 لسنة2006م والقانون119 لسنة 2008م؛؛؛
وهل ما يجري يتسق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالتراث العالمي والتراث المادي واللامادي؟
وهل ما يجري يتسق مع توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية الجديدة حول التراث والمعاصرة أوالأصالة والحداثة في 7يولية2021م و27يونية2023م؛؛؛
ولماذا لم يتم تشكيل اللجنة الشاملة التي وجه إليها السيد الرئيس في 27يونية2023م؛ واقتصر الأمر على لجنة مصغرة من أساتذة الهندسة والتخطيط العمراني من جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر برئاسة وزير التعليم العالي احد أساتذة الهندسة من جامعة عين شمس أيضا؟
أين دور وزارة السياحة والآثار ممثلة في الأمين العام وقطاع الآثار الإسلامية واللجنة الدائمة، ولماذا تقاعسوا عن دورهم الوطني وتخلوا عن اختصاصهم في التسجيل وفقا للمادة 2 من القانون الابنية والتحف التي تعود إلى الفترة من1883م الي1953م وكلها تستحق التسجيل بل منها نماذج أولى بالتسجيل مما تم تسجيله لعمائر من نفس الفترة طبقا للمادة 2ايضا وبالتالي ما هو السر وراء تسجيل البعض وترك البعض الأخر؛؛؛
واين دور الجهاذ القومى للتنسيق الحضاري ولماذا لم نسمع لهم صوتا وماهي اذن جدوى القانون144لسنة 2006م والقانون19لسنة2008م؛؛؛
واين دور وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة ولجنة التاريخ والآثار بالمجلس والا ماجدوي هذه الوزارة وتلك اللجان؛؛؛
واين دور كليات الآثار واقسام الآثار والتاريخ بالجامعات المصرية في الدفاع عن الهوية التراثية لمصرنا الحبيبة ولا سيما وان هذه المقابر واصحابها هي جزء أصيل من مفردات الدراسة على مستوى الليسانس والبكالوريوس واحد مفردات التسجيل لمرحلتي الماجستير والدكتوراه على مستوى الدراسات العليا وبالفعل توجد عشرات الرسائل في التاريخ والآثار عن هذه المقابر غير المسجلة وتاريخ أصحابها ودورهم خلال القرن 19م وانصف الأول من القرن 20م؛ وبعض هذه الدراسات وتلك الرسائل ولا سيما في الجانبين التاريخي والادبي والثقافي نجدها أيضا في أقسام اللغة العربية ودار العلوم والدراسات الإسلامية؛؛؛
واين دور لجنة الثقافة والآثار والسياحة بمجلسي الشيوخ والنواب ويستثنى من ذلك ماقام به بعض النواب من طلبات الإحاطة حول مايجري في محور صلاح سالم؛؛؛
واين دور وسائل الإعلام في تناول هذا الموضوع بشكل موسع وبالتفصيل ومن كافة الزوايا ويستثنى من ذلك بعض البرامج ومنها على سبيل المثال برامج الإعلاميين لميس الحديدي وخيري رمضان وغيرهم؛؛؛
وماله دلالته ان الدراما المصرية الأصيلة قد سبق لها وناقشت جوانب تتصل بهذا الموضوع ومن أبرزها الراية البيضاء وارابيسك للمبدع المرحوم أسامة انور عكاشة والذي نجح أيما نجاح في ان يجمع كل المصريين حول شاشة التليفزيون بشكل غير مسبوق في قضايا التراث والفن أوالأصالة والهوية؛؛؛؛
وبعد فقد بدأت معاول الهدم والبلدوزرات منذ اسبوع تنفذ المخطط لها دون أن تلقى بالا لصرخات الخبراء والمختصين الوطنيين المحبين لتراب وطنهم وهويته وتراثه وتاريخه ولا لدعوات البسطاء والعامه من أبناء هذا الشعب الطيب؛ وقد وصلت الينا قائمة ب24مقبرة سوف تهدم كمرحلة أولى وكلها لرموز ونخب مصرية ووطنية كان لها دور كبير في تاريخ مصر الحديثة وهو مكتوب ومتناول ومدروس في رسائل جامعية كما اشرنا؛ وقد تم بالفعل اليوم هدم مقبرة عتقاء الامير ابراهيم حلمي ابن الخديو إسماعيل وترجع إلى عام 1901م( ويكفي للتذكرة على سبيل المثال ان نشاهد مكتبته النادرة التي أهداها لجامعة القاهرة وهي مفخرة المكتبة التراثية بها حتى الآن) بما يحويه ويضمه من مفردات وتفاصيل معمارية وفنية من العقود والا عتاب والصنجات المزررة والمعشقة والجفوت اللاعبة والاركان المشطوفة والمداخل والصدور المقرنصة والتراكيب والنقوش الكتابية وغير ذلك؛ وهو ما قمنا بنشره في هذا المقال؛ ولايسعني سوي أن اتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير لكل فريق العمل من المصريين المخلصين والعاشقين لتراب وطنهم فهم وامثالهَم الوطنيين بحق؛ فقد نجحوا في إنقاذ العديد من هذه المفردات المعمارية وتلك التفاصيل الفنية قبل أن تضيع إلى الابد ؛ ومما يؤكد أصالة هذا الشعب المصري وحبه العميق لوطنه إنه قد ساعدهم في عمليات الإنقاذ العاملين المكلفين بالهدم وبنفس الات الهدم وكأن لسان حالهم غير راض عما يحدث؛ وعما مايقومون به من هدم؛ ولكنها الأوامر ولا بد من تنفيذها.
وعلى ماتقدم الهدم في طريقه لايبالي اي شئ لا لصرخات ولا لدعوات الجموع الغفيرة من المصريين؛ وكأن الجهات التنفيذية في وادي والشعب المصري كله في وادي اخر؛ وهو مايدل ويؤكد أن ماجري ويجري وسيجري على أرض القرافة ليس مجرد محنة عابرةبل نكسة تراثية وجريمة ثقافية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان لن ينساها التاريخ كما لم ينس غيرها وأمثالها مما حدث في الماضي شرقا وغربا؛ فهي مخالفة للدستور والقانون والمواثيق الدولية وتوجيهات السيد الرئيس و لرغبة جموع المصريين فلو كان هناك تصويت عام لما قبل الشعب المصري كله ذلك؛؛ فالشعب المصري عن بكرة ابيه مع كل ما وجه إليه السيد الرئيس من ضرورة استعادة الوجه الحضاري للقاهرة التاريخية بالجمع بين الأصالة والمعاصرة أو التراث والحداثة اي ان نكون في مستوى مصرنا وهويتنا بالنسبة للذات وفي مستوى غيرنا بالنسبة لعصرنا والأخر؛ اما ان تكون تلك الاستعادة وذلك التطوير وتلك الطرق والمسارات والكباري( رغم وجود بدائل وحلول أخرى كثيرة لم يلتفت إليها) على حساب ضياع التراث والهوية الثقافية لمصر خلال مايقرب من عشرة قرون ونصف القرن بصفة عامة والقرنين الأخيرين بصفة خاصة اي القرن التاسع عشر والقرن العشرين المنصرم؛ فهذا ما لايرضي عليه المصريون ولا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه وهو رئيس الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها؛ وهو الأمر الذي وجه إليه وأكد عليه في مناسبات عديدة اشرنا إليها هنا وفي مقالات و
بوستات سابقة.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة وحكومة رشيدة وقوة ناعمة وعلماءا وخبراءاوتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا