لقاء «المنقوش» و«كوهين» السري يشعل ليبيا ويقتل جهود التطبيع
أثار إعلان إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تفاصيل الاجتماع الذي جمعه بنظيرته الليبية، نجلاء المنقوش، في العاصمة الإيطالية، روما، الكثير من الجدل.
فقد أوقف رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، المنقوش عن العمل، وقال إنه سيتم تشكيل لجنة تحقيق للنظر في الاجتماع، مشيرا إلى أنه لم يكن على علم بالاجتماع.
وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الليبية أن المنقوش فرت إلى تركيا خوفا على سلامتها.
وقال اثنان من كبار المسؤولين في الحكومة الليبية لوكالة “أسوشيتد برس” إن رئيس الوزراء كان على علم بالمحادثات بين وزيرة خارجيته ونظيرها الإسرائيلي.
وبينما أكدت وزارة الخارجية الليبية أن اللقاء كان عابرًا وغير رسمي ولم يكن معدًا له مسبقًا، إلا أن اثنين من كبار المسؤولين في حكومة الوحدة كشفوا أن الدبيبة كان على علم بالمحادثات بين وزيرة خارجيته وكبير الدبلوماسيين الإسرائيليين.
وقال أحد المسؤولين إن الدبيبة أعطى الضوء الأخضر للاجتماع الشهر الماضي، عندما كان في زيارة لروما، وإن مكتبه رتب اللقاء بالتنسيق مع المنقوش، حسب أسوشييتد برس.
كما ذكر المسؤول الثاني أن الاجتماع استمر نحو ساعتين وأطلعت المنقوش رئيس الوزراء على الأمر مباشرة بعد عودتها إلى طرابلس.
وبعد الكشف اللقاء الذي جمع وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بنظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين، دعا مجلس النواب الليبي، اليوم الاثنين كل مؤسسات الدولة إلى عدم تنفيذ تعليمات حكومة عبد الحميد الدبيبة.
كما ثار الكشف هذا اللقاء موجة احتجاجات واسعة في العاصمة طرابلس وغيرها من المدن الليبية، ودفع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، التي لا تعترف بإسرائيل، إلى وقف المنقوش عن العمل، ومنعها من السفر، ومن ثم إقالتها الاثنين.
الدبيبة في السفارة الفلسطينية
وقد أجرى رئيس الحكومة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، مساء اليوم الاثنين، زيارة إلى سفارة السلطة الفلسطينية في طرابلس، رفقة وزير الدولة للاتصال والشئون السياسية وليد اللافي.
وبحسب ما نشرته صحيفة «المرصد» الليبية، مساء الاثنين، استهدفت الزيارة التأكيد على إقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش من منصبها، واعتبار الفلسطينيين في ليبيا كالمواطنين ومعاملتهم معاملة الليبيين.
لقاء عارض غير رسمي
وأكدت وزارة الخارجية الليبية، في بيانها، على أن “ما حدث في روما هو لقاء عارض غير رسمي وغير مُعد مسبقا، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات بل أكدت فيه الوزيرة ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكل جلي وغير قابل للتأويل واللبس”.
وشدد البيان على أن الوزارة “تنفي… جملة وتفصيلا ما ورد من استغلال من قبل الصحافة العبرية والدولية ومحاولتهم إعطاء الحادثة طابع اللقاء أو المحادثات أو حتى الترتيب أو مجرد التفكير في عقد مثل هكذا لقاءات”.
وجددت ” وزارة الخارجية رفضها التام والمطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتؤكد مرة أخرى أن موقفها ثابت تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيق”.
وكتب رفائيل لوزون، رئيس اتحاد اليهود الليبيين، على فيسبوك باللغة العربية أن “هناك من عمل بجد خلف الكواليس من أجل هذا”، مما أثار تكهنات في الصحافة الليبية بأنه قد يكون لعب دورا في تنظيم الاجتماع.
ولكن في مقابله أجراها معه “تايمز أوف إسرائيل”، قال لوزون أنه لم يكن منخرطا في الاجتماع الدبلوماسي الأخير، لكنه وصف الاتصالات الأولى التي قام بتسهيلها بين مسؤولين إسرائيليين وليبيين رفيعي المستوى قبل حوالي ست سنوات، مما فتح الطريق أمام اللقاء الذي عُقد في الأسبوع الماضي.
فشل فادح في التقدير
وحسب وسائل إعلام عبرية، فلقد أصدرت وزارة الخارجية في القدس ردها الرسمي الأول بعد انتقادات واسعة تعرض لها كوهين لقيامه بنشر خبر الاجتماع مع المنقوش رسميا، في محاولة على ما يبدو لتحويل المسؤولية عن إعلانه من خلال الادعاء بأنه أصدره فقط بعد “تسريب” تفاصيل حول اللقاء لم يكن مكتبه ولا الوزارة وراءه.
وقالت الوزارة في بيان إن “وزير الخارجية ووزارة الخارجية ملتزمان بتوسيع علاقات إسرائيل الخارجية… إن التسريب بشأن اللقاء مع وزيرة الخارجية الليبية لم يأت من وزارة الخارجية أو من مكتب وزير الخارجية”.
وقال دبلوماسي إسرائيلي لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن القدس كشفت عن عقد الاجتماع قبل أيام من الموعد المقرر بسبب تسريب تفاصيله لوسائل الإعلام بالفعل.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين حكوميين كبار قولهم إن كوهين تسبب بضرر جسيم للعلاقات الخارجية الإسرائيلية، وحذروا من أن القادة العرب سيرتدعون من إقامة علاقات أقوى.
وعلق زعيم المعارضة يائير لبيد في بيان قائلا إن “الدول تنظر إلى التسريب غير المسؤول هذا الصباح بشأن لقاء وزيري خارجية إسرائيل وليبيا وتسأل نفسها: هل هذه دولة يمكن إدارة العلاقات الخارجية معها؟ هل هذه دولة يمكن الوثوق بها؟”.
وتابع قائلا إن “الحادث مع وزيرة الخارجية الليبية كان غير محترف وغير مسؤول وفشل فادح في التقدير”، مضيفا: “هذا صباح عار وطني وتعريض حياة للخطر من أجل عنوان رئيسي”.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيانها الأحد، إن كوهين والمنقوش تحدثا في إيطاليا الأسبوع الماضي، في أول اجتماع رسمي على الإطلاق بين كبار دبلوماسيي البلدين، لمناقشة إمكانية التعاون والحفاظ على مواقع التراث اليهودي في ليبيا. وأضافت الوزارة أن الاجتماع ناقش أيضا المساعدات الإنسانية الإسرائيلية والمساعدة في الزراعة وإدارة المياه ومواضيع أخرى.
ووصف كوهين اللقاء بأنه “تاريخي” و”خطوة أولى” في إقامة العلاقات بين البلدين.
إدارة بايدن تحتج بشدة
احتجت إدارة بايدن في نهاية هذا الأسبوع لدى الحكومة الإسرائيلية على قرار وزير الخارجية الإسرائيلي الكشف اجتماع سري عقده أخيرًا مع نظيرته الليبية، حسبما قال مسؤول إسرائيلي ومسؤولان أمريكيان لموقع أكسيوس.
وتشعر إدارة بايدن بالقلق من أن فضح الاجتماع والاضطرابات التي تلت ذلك لن تؤدي فقط إلى قتل الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وليبيا، ولكنها ستضر أيضًا بالجهود الجارية مع الدول العربية الأخرى، فضلًا عن مصالح الأمن القومي الأمريكي، كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين للموقع.
ونقلت أكسيوس عن مسؤول مطلع قوله إن إدارة بايدن فهمت أن اللقاء بين كوهين والمنقوش كان من المفترض أن يكون لقاءً سريًا، وتفاجأ المسؤولون عندما كشفه كوهين في بيان صحفي رسمي.
وقال المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون إن مسؤولين أميركيين تحدثوا إلى كوهين ومسؤولين آخرين بوزارة الخارجية الإسرائيلية يوم الأحد واحتجوا على طريقة تعامل إسرائيل مع القضية.
وقالت المصادر للموقع إن كوهين أبلغ المسؤولين الأمريكيين أنه قرر إصدار البيان بعد أن اتصلت به وسائل إعلام إسرائيلية للتعليق على الاجتماع.
وقال مسؤول أمريكي إنه حتى لو كان هناك تسريب، كان من الممكن أن يرفض كوهين التعليق.