وديعة بالجنيه والتنازل عن العملة..
إجراءات جديدة بشأن الدولار تشعل أزمة بين البنوك والمستوردين
أخذت البنوك المصرية، خطوات جديدة أمام المستوردين لتوفير الدولار، والتي جاء آخرها تدبير العملة الأجنبية للشركات غير المصدرة «ليس لديها حصة تصدير» وذلك للقيام باستيراد مستلزمات إنتاج أو سلع كاملة الصنع من الخارج، ولكن بشرط تنازل الشركات عن عملات أجنبية لديها، تقارب ما سيقوم البنك بتدبيره، دون سؤال الشركات عن مصدر العملة.
وطالبت بعض البنوك الأخرى المستوردين، تدبير الدولار مقابل إيداع ودائع قصيرة الأجل بالجنيه دون احتساب سعر فائدة.
فيما بدأت بعض البنوك، خلال الفترة الماضية، في قبول تنازلات دولارية من أطراف مرتبطة بالمستورد «سواء من مصدرين أو عملاء عاديين» مقابل تنازلهم عن نحو 20% من إجمالي الحصيلة للبنك لتمويل العملاء الآخرين.
ويذكر أن البنك المركزي وجه البنوك في إبريل من العام الماضي بعدم قبول موارد النقد الأجنبي غير معلومة المصدر أو التي حصل عليها من شركات الصرافة، على أن تقتصر فقط على نشاط العميل هي التي يمكن استخدامها في العمليات الاستيرادية، من خلال طريقتين إما عن طريق البنك أو عبر الموارد الذاتية للعميل الناتجة عن نشاطه التصديري.
وساهمت خطوات البنوك، في الفترة الأخيرة، في تنشيط سوق المستوردين والإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ بشكل كبير، والتخفيف من تراكم البضائع في الموانئ منذ عدة أشهر.
ولكن في الوقت نفسه، يرى المستوردون، أن هذه الخطوات ما هي إلا ضغوط جديدة على المستورد وتضيف أعباء على المستهلك عند شراء السلع النهائية.
وتواجه مصر منذ مارس 2022، ضغوطا بسبب نقص النقد الأجنبي بعد خروج 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة العام الماضي؛ بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، بما أدى إلى عودة قوائم انتظار تمويل الاستيراد في البنوك وانتعاش السوق السوداء لتجارة العملة.
وعلى مدار العامين الماضيين، خسر الجنيه ما يقرب من 100% من قيمته، حيث وصل سعر الدولار إلى 30.95 جنيه، بعدما كان 16 جنيهًا، وبينما وصل سعر الدولار في السوق الموازي، بين 39 إلى 40 جنيهًا.
الإجراء غير منطقي
وفي هذا السياق، قال أشرف هلال، أحد مستوردي الأجهزة الكهربائية، ورئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، إن البنوك لا توفر الدولار للاستيراد، إلا للمصدرين الذين يملكون حصيلة دولارية.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه لا يوجد قرار رسمي من البنك المركزي حتى الآن بوديعة بالجنيه دون عائد مقابل توفير دولار أو غيره، متابعًا: «تدبير الدولار من قبل البنوك يأخذ أكثر من شهر وربما يصل إلى سنة».
وتابع: «الأمر لا يحتاج إلى ودائع، حيث تدبير الدولار أصبح أمر صعب، فأنا أوقفت الاستيراد منذ سنة ونصف بسبب صعوبة الإجراءات فلا أملك حصيلة دولارية للاستيراد أو وضع أموال في البنك والانتظار لمدة 5 أو 6 شهور حتى يتم توفير العملة».
وأشار «هلال»، إلى أن المستوردين لن يوافقوا على وضع وديعة للجنيه لمدة سنة أو 6 أشهر دون فوائد مع عدم تحديد موعد تدبير الدولار، قائلًا: «هذا الإجراء غير منطقي ويهدف إلى سحب السيولة من المستوردين».
وأوضح مستورد الأجهزة الكهربائية، أن المستورد تاجر ويعمل على دورة رأس المال ومع ربط الودائع دون عائد، سيتسبب في خسائر وخاصة مع توقعات حدوث تعويم جديد للجنيه.
لا تلزم المستورد
ومن ناحيته، قال مصطفى المكاوي السكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، ورئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بكفر الشيخ، إن البنوك تطالب المستوردين بوضع وديعة بقيمة 120% من قيمة الشحنة بالدولار، لافتًا إلى أن المستورد يدبر العملة من السوق الموازي وبيعها للبنك بالسعر الرسمي ثم يأخذ فاتورة بقيمة الصفقة فقط المقدرة بـ100%.
وأضاف،في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه بعد ذلك يتم سحب 20% الباقي من الوديعة، أيضًا، بالجنيه وبالسعر الرسمي، موضحًا أن هناك شريحة من المستوردين يوافقون على المبادرة وخسارة 10%، في مقابل توفير السلع في السوق، بينما يرفض آخرون مبدأ الخسارة أو تحميل المواطن أعباء جديدة.
وتابع: «مبادرات البنوك بشأن تدبير الدولار مقابل وديعة دون فوائد بالجنيه غير رسمية، هي مجرد اجتهادات ولا تلزم المستورد، وبالرغم من ذلك هناك مشكلات في توفير العملة».
وأكد «المكاوي»، أن هناك بعض البنوك تطلب من المستورد وائع بـ2 أو 5 ملايين جنيه مقابل توفير الدولار ولكن هذا لا يحدث، لافتًا إلى أن هناك أوامر من البنك المركزي بعدم تدبير الدولار إلا للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وأوضح السكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين، أن أزمة توفير الدولار منذ مارس 2022، متابعًا: «أنا بقالي سنة ونصف لدي سلع وبضائع في الموانئ لم يصدر لها أمر الإفراج وسددت مئات الآلاف غرامات دون جدوى».