رئيس التحرير
خالد مهران

خطة وزارة الصحة لتحويل المستشفيات التقليدية إلى منشآت صديقة البيئة

النبأ

تسعى وزارة الصحة والسكان، إلى إنشاء منشآت طبية خضراء، وتحويل المستشفيات التقليدية إلى مستشفيات خضراء صديقة للبيئة؛ مما دفعها إلى التغيير في مستوى العمل والتجهيزات وخدمات المؤسسات الصحية والاعتماد على الطاقة النظيفة، وذلك اتساقًا مع خطة الدولة نحو التصدي لتغيرات المناخ ومواجهة أضرارها الجسيمة، وللتخلص من نفايات المستشفيات التقليدية المسببة للعديد من الأمراض.

المستشفيات الخضراء بمصر

المستشفيات الخضراء ليست تجربة جديدة على مصر، فكان مستشفى شرم الشيخ الدولي أول نموذج مستشفى خضراء «صديق للبيئة» تابع للهيئة العامة للرعاية الصحية بمحافظات التأمين الصحي الشامل بمصر، وشارك المستشفى في خطة التأمين الطبي لمؤتمر المناخ «COP27» في نوفمبر 2022.

وأطلق الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، مبادرة «المستشفيات الخضراء» والتي تعد خطوة نحو تعزيز التنمية المستدامة في قطاع الرعاية الصحية من خلال تحويل مرافق الرعاية الصحية إلى مبان صديقة للبيئة وموفرة للطاقة، مؤكدا أن هذه المبادرة لن تقتصر على تقليل البصمة البيئية للمستشفيات فحسب، بل ستؤدي، أيضًا، إلى تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.

وأكد «عبد الغفار»، على أهمية التوسع بالمستشفيات الخضراء، كما أن مصر تتخذ خطوات جادة للتحول إلى المنشآت الصحية الخضراء، خاصة بعد إعلان الرئيس السيسي أنه سوف يتم تحويل كل الاستثمارات في مصر إلى الاستثمارات الخضراء بحلول عام 2030.

وأضاف أن الدولة تعمل على بذل كافة الجهود لإقامة مشروعات لتحسين جودة الهواء وخفض الانبعاثات الكربونية، ومنها بمجال الرعاية الصحية والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، والاستخدام الأمثل للمياه النظيفة، وترشيد استهلاك المياه، وغيرها من مشروعات التحول الأخضر للمنشآت الصحية.

 

تطبيق معايير المنشآت الصحية الخضراء

من جانبه، قال السيد العقدة، عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، إن الهيئة تقوم بدور محوري في المنشآت الطبية الخضراء، وذلك في إطار الرؤية الدولية للتخلص من الكربون بأنظمة الرعاية الصحية، من خلال إصدار دليل متطلبات التميز للمنشآت الصحية الخضراء والمستدامة والذي يتضمن حزمة من المعايير مثل القيادة الفعالة، وكفاءة استخدام الطاقة، والتحول إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، والمنشآت الخضراء المستدامة، بهدف التوجه نحو نظام صحي مرن ومقاوم للتغيرات المناخية.

وأشار «العقدة»، إلى الدور الفعال لتطبيق معايير المنشآت الصحية الخضراء والمستدامة في ترشيد استخدام الطاقة بنسبة 20%؛ مما ينعكس على تقليل الهدر وخفض التكاليف مما يمكن تنفيذه كنموذج يحتذى به خاصة في الوحدات الصحية.

وأكد عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن القيادة الفعالة والتخطيط لبيئة خضراء بالمنشآت الطبية إلى جانب تعزيز خيارات الشراء الخضراء من أهم عوامل الاستدامة التي تضمن الاستخدام الأمثل لموارد المستشفى دون الإضرار بالبيئة المحيطة.

 بيئة مليئة بالأمراض والأوبئة

وفي سياق متصل، قالت الدكتورة دعاء محروس، المسئولة السابقة بقطاع الطب الوقائي بالوزارة، إننا أصبحنا أمام بيئة مليئة بالأمراض والأوبئة، لذلك من المهم تضافر الجهود وتوحيد الرؤى لتشجيع سعي المنشآت الصحية نحو التحول إلى مراكز خضراء صديقة للبيئة.

وأضافت «محروس»، أن صناعة الرعاية الصحية تؤثر بشكل كبير في البيئة المحيطة كما تتأثر بها، خاصة مع ما تستهلكه المستشفيات من موارد وما تنتجه من مخلفات، حيث تتضمن مخرجات المستشفى نفايات طبية بيولوجية وإشعاعية ونيتروجينية، مما يؤثر تأثيرًا مباشرًا على التغيرات المناخية التي أصبحت على قمة أولويات الدولة المصرية.

وأكدت أن هناك علاقة وطيدة بين تغير المناخ والصحة العامة، وأن الوصول إلى بيئة آمنة ونظيفة ومستدامة لا يعد أمرًا مستحيلًا إذا تضافرت جهود جميع الأطراف ذات العلاقة؛ من أجل وضع آليات محددة ذات أُطُر زمنية قابلة للتحقيق وتدعيمها بكل ما تتطلبه من إمكانيات وموارد سواء فيما يتعلق بالمنشآت الصحية الجديدة أو تحويل المنشآت القائمة بالفعل.

 الأمراض التنفسية ناتجة عن التلوث البيئي

وفي نفس السياق، قال الدكتور رؤوف سعيد، أخصائي طب الجهاز التنفسي والأمراض الفيروسية، إن معظم الأمراض التنفسية ناتجة عن التلوث البيئي والذى ينتج من مخلفات البيئة داخل المستشفيات ونتيجة التعامل غير الصحيح وغير الآمن، والتدخين وأضراره وكثير من الممارسات الخاطئة في التعامل مع المخلفات، معقبًا: «وبوجود المستشفيات الخضراء والبيئة الآمنة سوف يقضى على العديد من الأمراض وليس الجهاز التنفسي فقط بل كثير من الأمراض».

وأضاف «سعيد»، أنه قد تتلوث بعض الـ«السرنجات» البلاستيكية مثلًا أو الأنابيب أو الإبر بالمواد الكيميائية وكذلك المواد البيولوجية بعد الاستخدام، فيتم التخلص منها، ولا يمكن لهذه الأدوات أن يُعاد تدويرها. 

وتابع أن هذا الأمر ينطبق على العديد من النفايات الصحية، لذلك لا بد من إدارة سليمة لأداء أفضل وحماية أكبر، وهذا لا يتم إلا عبر تحول المستشفيات التقليدية إلى مستشفيات خضراء صديقة للبيئة.

وتابع أن نسبة المخلفات غير الخطرة عمومًا في المستشفيات تبلغ 85 %، والـ15% المتبقية مواد خطرة يمكن أن تنقل العدوى أو أن تكون سامة أو مشعة، لذلك تأتي أهمية انتقال المستشفيات إلى صديقة للبيئة، بغية توفير الحلول الصحية والاقتصادية لمعضلات الاستخدام والنفايات وغيرها، مشيرا إلى أن نِسَب ما تستهلكه المستشفيات من موارد أو ما تنتجه من مخلفات يتبيّن إلحاح انتقالها إلى ضفة المباني الخضراء.

ويرى أخصائي طب الجهاز التنفسي، أنه يجب على الدولة ووزارة الصحة بشكل خاص الاهتمام أكثر بتحسين الصحة العامة، وأن تأخذ بالاعتبار العوامل التي لها تأثير سلبي على المرضى، أي العوامل البيئية. 

المستشفيات الخضراء تقلل من حالات الضغط والتوتر

وفي نفس السياق، قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، إن المساحات الخضراء عمومًا تعمل على إشاعة جو من الهدوء والسكينة في النفوس، بالإضافة إلى فوائدها المتعلقة بإنتاج الأكسجين ويحتاج المرضى أكثر من غيرهم إلى وجود مستشفيات خضراء.

وأضاف «حجازي»، أن المستشفيات الخضراء تقلل من حالات الضغط والتوتر الذي يتسبب في تدهور الحالة الصحية للمريض، وتضعف من مناعته، وتؤثر إيجابيًا على حالته النفسية، وتساعده على استعادة هدوئه وتوازنه النفسي ويجعله أكثر استجابة للعلاج وأكثر قدرة على المقاومة ويقلل من فترة وجوده في المستشفى.

وأشار إلى أن المستشفيات الخضراء لن تقتصر على الجانب النفسي وإنما، أيضا، ستؤثر على الصحة الجسدية  بشكل عام، وستكون لها تأثيرات اقتصادية أيضًا.