الحرب بين حماس وإسرائيل في الإعلام الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي الصينية
انتقد الإعلام الصيني الرسمي موقف الولايات المتحدة المتحيز إلى إسرائيل ضد الفلسطينيين. وركزت التغطيات الاخبارية على صور الغارات الجوية التي تشنها اسرائيل ضد قطاع غزة والدمار الذي تحدثه، وعبر العديد من المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي عن إدانتهم بشكل مباشر أو مستتر لاسرائيل والولايات المتحدة، وعبر مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون بشكل صريح عن خيبة أملهم إزاء التصريحات الرسمية، هكذا كانت الصورة العامة في الصين لما يجري في الشرق الأوسط من حرب دائرة بين اسرائيل وحماس.
انتقادات سريعة
ومنذ أن بدأت حماس هجومها على المستوطنات الاسرائيلية المحاذية لقطاع غزة يوم السبت، سارعت وسائل الإعلام الرسمية الصينية إلى إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الصراع الدائر الآن في قلب الشرق الأوسط. وانتقدت صحيفة جلوبال تايمز الرسمية، الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بسبب "انحيازها إلى أحد الجانبين" في هذه القضية و"تأجيج النيران بدلا من تهدئة الوضع".
واستعرضت الصحيفة في تقرير لها الصورة في الميدان وقالت إن موقف الولايات المتحدة الذي ظهر منذ الوهلة الأولى يهدد بتقويض الجهود الرامية إلى نزع فتيل التوتر بين إسرائيل وغزة. واعتبرت تفكير الولايات المتحدة في نشر حاملة طائرات ثانية قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.
وقالت الصحيفة في افتتاحية لها "على الرغم من المخاوف المتزايدة من أن تصرفاتها قد تؤدي إلى تفاقم الوضع وإشراك أطراف إضافية في الصراع بين إسرائيل وغزة، تفيد التقارير أن الولايات المتحدة تفكر في إرسال حاملة طائرات ثانية إلى منطقة الشرق الأوسط بينما تحاول المزيد من الدول تهدئة التوترات".
وأضافت أن "إسرائيل قصفت قطاع غزة مرارا وتكرارا بغارات جوية مع دخول الصراع يومه الخامس. ودمرت عمليات القصف مئات الأهداف، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 950 شخصا".
وفي خضم التوترات المتصاعدة في غزة، ذكرت بعض وسائل الإعلام أن الولايات المتحدة تدرس إرسال حاملة طائرات ثانية للانضمام إلى حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد ر. فورد" في شرق البحر المتوسط كإظهار للتضامن مع إسرائيل و"تحذير للاعبين الإقليميين".
وأفادت أنباء يوم الأربعاء بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن سيصل إلى إسرائيل اليوم الخميس للقاء كبار القادة الإسرائيليين ثم يتوجه إلى الأردن لإرسال "رسالة تضامن ودعم".
موقف واشنطن يفاقم الصراع
ونقلت الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني عن محللين قولهم إن" الدعم الأمريكي الأحادي الجانب لإسرائيل لن يساعد في وضع حد للصراع في قطاع غزة، بل سيؤدي إلى إطالة أمد الحلقة المفرغة في المنطقة. علاوة على ذلك، الخلاف بين فلسطين وإسرائيل قد يشتد نتيجة للصراع الدائر، وسوف تصبح التوترات بين الدول التي تدعم فلسطين، مثل إيران وسوريا وتركيا، وإسرائيل أكثر وضوحا".
ونقلت الصحيفة عن لي وي جيان، الباحث في معهد دراسات السياسة الخارجية التابع لمعاهد شانغهاي للدراسات الدولية، قوله: "الولايات المتحدة تؤجج النار"، مشيرا إلى أن إسرائيل ستكون أكثر تصميما على دفع العملية العسكرية بدعم أمريكي. الأمر الذي سيزيد من حدة العداء بين فلسطين وإسرائيل ويجعل المفاوضات المستقبلية أكثر صعوبة.
ومن جانبه، قال تيان ون لين، الباحث في المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، إن القتال قد يستمر حتى يتم تدمير أحد الجانبين بالكامل أو حتى تقرر إسرائيل أن ذلك يكفي لردع الذين يحاولون تعريض أمنها للخطر، إلا أنها قد لا تحقق الأمن والردع المنشود"، مضيفا أنه "ما دام لم يتم التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، فإن الصراع بين إسرائيل وفلسطين سوف يستمر".
وأشار تيان إلى أن نتيجة الصراع الحالي قد تكون مأساوية للغاية حيث يتفاقم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بسبب قوتهما غير المتكافئة، ما يجعل إسرائيل غير راغبة في التوصل إلى تسوية. وقال إن استراتيجية المصالحة الأمريكية في الشرق الأوسط غير عادلة وغير معقولة بالنسبة لفلسطين بسبب دعمها القوي لإسرائيل.
وأوضح أن العديد من القوى العالمية والإقليمية، بما في ذلك الصين وروسيا والدول العربية، تحاول المساعدة في نزع فتيل التوترات لأن المزيد من الضحايا والوضع الإنساني الأكثر كارثية ليسا ما يريد المجتمع الدولي رؤيتها.
موقف محايد
وفي يوم الأربعاء، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين موقف الصين بشأن الصراع الحالي، قائلا إنه الصين تشعر بالقلق إزاء التصعيد في الشرق الأوسط ودعا الطرفين المعنيين إلى التزام الهدوء وضبط النفس وإنهاء الأعمال العدائية على الفور. وكرر دعم بكين لحل الدولتين لإقامة دولة فلسطين المستقلة كوسيلة للخروج من الصراع.
وأثار هذا الرد الصيني ردة فعل من جانب مسؤولين كبار في سفارة إسرائيل في بكين. وقال يوفال واكس، المسؤول في السفارة، إن بلاده تتوقع “إدانة أقوى” لحماس من قبل الصين. وقال واكس للصحفيين يوم الأحد “عندما يُقتل الناس ويُذبحون في الشوارع، فهذا ليس الوقت المناسب للدعوة إلى حل الدولتين”.
كما أعرب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، الذي كان في بكين في زيارة، عن خيبة أمله إزاء رد فعل الصين خلال اجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الاثنين.
وقال شومر، مكررا الانتقادات التي وجهها في وقت سابق خلال لقائه مع وزير الخارجية الصيني “أقول هذا باحترام ولكنني أشعر بخيبة أمل من بيان وزارة الخارجية الذي لم يظهر أي تعاطف أو دعم للشعب الإسرائيلي خلال هذه الأوقات المأساوية”.
وقال محللون صنيون إنه يتعين على العالم العربي والشرق الأوسط والمجتمع الدولي إلى إيلاء القضية الفلسطينية أولوية وإدراجها على جدول الأعمال، حيث لا تزال فلسطين وإسرائيل بحاجة إلى وساطة المجتمع الدولي ومساعدته للخروج من الحلقة المفرغة للصراعات العنيفة في أسرع وقت ممكن، وفقا لقولهم.
والتزمت الصين الحياد حيال ما يجري في الشرق الأوسط. وأيبدت من قبل استعدادها للوساطة عقب نجاحها في اصلاح العلاقات بين السعودية وإيران. وعندما زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بكين في يونيو، تعهدت الصين بالمساهمة "بالحكمة الصينية والقوة الصينية" لحل الصراع الطويل الأمد بين الفلسطينيين وإسرائيل.
طوفان مناهض لإسرائيل
وعلى صعيد تغطية الصراع على شاشات التلفزيون الوطني، ركز البرنامج الإخباري الرئيس والأكثر مشاهدة في البلاد على قناة "سي سي تي في" في المقام الأول على الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة ومشاهد الدمار التي أحدثتها هناك.
وبث الجزء الإخباري الخاص بالصراع على قناة "سي سي تي في" لقطات أرشيفية لحاملة الطائرات يو إس إس فورد، نقلا عن وزير الدفاع الأمريكي قوله إنه تم نشرها في شرق البحر الأبيض المتوسط وسط تواجد متزايد للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة، ثم نقل إدانة المتحدث باسم حماس للولايات المتحدة لتورطها في الغزو ضد الشعب الفلسطيني.
كما سارعت وسائل الإعلام الرسمية الصينية إلى إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الصراع الدائر الآن في قلب الشرق الأوسط. وأضافت "هذا نمط ثابت للدول الغربية في العديد من مناطق الصراع، حيث غالبا ما تخلق عقبات كبيرة أمام حل الأزمات".
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أعرب العديد من المستخدمين عن دعمهم للفلسطينيين وانتقدوا إسرائيل في كثير من الأحيان كما نتقدوا سواء بشكل مباشر أو مستتر الولايات المتحدة.
وفي حين أعرب البعض عن صدمتهم وغضبهم إزاء عمليات القتل ضد المدنيين الإسرائيليين، إلا أن طوفان المنشورات المناهضة لإسرائيل سيطر على الرأي العام عبر الإنترنت في البلاد.