رغم الأراضى الزراعية الجديدة..
سر الارتفاع الجنونى فى أسعار الخضروات والفواكه
ارتفاعات غير مسبوقة، تشهدها أسعار الخضروات والفواكه، رغم ما أعلنته الحكومة بشأن تنفيذ المشروعات الضخمة في مجالات الزراعة، وتوسعها في زيادة الرقعة الخضراء، وتوفير المحاصيل وإدخال نظام الصوب الزراعية.
اللافت في الأمر، أن هذه المشروعات الضخمة، لم تشعر المواطن، أن هناك اختلافًا ملموسًا انعكس على موجة الأسعار الحالية، وزيادة المعروض في السوق، بل على العكس، زادت الأسعار عما سبق، الأمر الذي يدفع بمزيد من التساؤلات حول جدوى المشروعات الضخمة التي تروج لها الحكومة في مجالات الزراعة، وتأثيرها على أرض الواقع.
وبحسب التصريحات الحكومية، فإنه شهدت الـ9 سنوات الماضية نهضة ودعم غير مسبوق من القيادة السياسة، نظرًا لما يمثله قطاع الزراعة من أهمية خاصة في دعم منظومة الأمن الغذائي بصورة مباشرة.
وتؤكد تصريحات المسؤولين، أن مصر حققت، خلال السنوات الماضية، تقدما ملحوظا في مؤشرات الغذاء والأمن الغذائــي، وتحسن وضع البلاد مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وتقدمت 6 نقاط بمؤشر مدى جودة الغذاء وسلامته وسجلت 61 عام 2021، مقارنة بـ55 عام 2014.
وواجه قطاع الزراعة عددا من التحديات العالمية، منها جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والتغيرات المناخية، إلا أنها لم تشكل عائقا أمام حركة التقدم والنهضة في القطاع.
ووضعت الوزارة أهدافا استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، منها، الحفاظ على الموارد الزراعية ورفع كفاءة استـخدامـها، وإقامة مجتمعـات زراعية جديدة متكاملة تـضم كافة الأنشطـة المـرتبـطة، وتحسين مستوى معيشة السكان الزراعيين والريفيين، وتخفيض معدلات الفـقر، تحقق قدر كبير من الأمن الغذائي.
وكان من أبرز المشروعات التي عملت الزراعة عليها: إعادة هيكلة تنمية الريف المصري، عبر مشروع الـ1.5 مليون فدان، وإقامة مشروعات بالوادي الجديد والصعيد على مساحة 650 ألف فدان، وفي الدلتا الجديدة بواقع 2.2 مليون فدان، إضافة إلى توشكى، ومشروع تنمية شمال ووسط سيناء على مساحة 460 فدانا.
وفي هذا السياق، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن مصر لديها عجز في الحبوب يصل لـ50%، بالإضافة إلى الزيوت حوالي 98% ولدينا اكتفاء ذاتي من الخضروات والفواكه، مشيرا إلى أن هناك ارتفاعا عالميا في المنتجات الغذائية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة أسعار البترول والنقل.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»: «نحن ما نستورده حدث به ارتفاع عالمي، وما لدينا فيه اكتفاء ذاتي نستورد مستلزماته، كالتقاوي والمبيدات، وبالتالي فإن التكلفة تزيد»، مضيفا أن الإشكالية الأساسية مرتبطة بانخفاض قيمة الجنيه، أكثر من النصف.
وتابع، أن الدولة توسعت بشكل كبير في مشروعات الزراعة وزيادة رقعة المساحات المنزرعة، معقبًا: «ولولا لهذا التحرك لكان الوضع أصبح خطورة عما نحن فيه»، مشيرا إلى أنه ساهم في وقف الارتفاع الجنوني الذي كان من الممكن أن يحدث، وساهم إلى حد ما في تخفيف تداعيات الأزمة على مصر.
وواصل: «ولكن ليس معنى ذلك أننا وصلنا لمرحلة الاكتفاء الذاتي، فعلى الرغم أننا توسعنا في زراعة القمح، ووصلنا لـ10.5 مليون طن، فمازلنا نستورد 10 ملايين طن، مشيرا إلى أن هذا العام شهد تغيرات مناخية في العالم أدت لانخفاض الإنتاج في بعض الخضروات والفواكه في العالم؛ مما أدى لزيادة الصادرات المصرية طمعا في جلب عملة صعبة.
وأضاف: «صدرنا 7 ملايين طن من الخضروات والفواكه، وعلى الرغم من ذلك فإن التصدير يعد سلاحا ذو حدين فرغم أنه يوفر العملة الصعبة إلا أنه يخفض المعروض في السوق، مما يتسبب في زيادة الأسعار، وفي الوقت الذي يكون فيه صعوبة في وقف التصدير لأنه يعد ظلما للمنتج الذي تكبد مبالغ كبيرة».
وتابع: «الناس تعتقد أنه بمجرد عمل مشروع الصوب الزراعية أن الأسعار ستنخفض دون إدراك منه أن هناك دورة زراعية تتم، البطاطس سعرها مرتفع حاليًا لأن المعروض منها حاليًا مخزن في التلاجات، لأن العروة أمامها شهرين الأمر الذي يجعل الحفظ تكلفته عالية، أما الطماطم فقد تأثرت بالتغيرات المناخية خلال العروة السابقة، ومن المقرر أن تنخفض خلال الأيام المقبلة».
واستكمل حديثه لـ«النبأ»: «هناك عوامل أخرى تؤثر على الأسعار تتعلق بالحلقات الوسيطة، والظروف الاقتصادية والسياسية، والعرض والطلب، خاصة أننا نخضع للتسعير الحر وليس الجبري».
وواصل: «نحن في أزمة اقتصادية عالمية أثرت بشكل عام على جميع الأسعار»، مشيرا إلى أن هناك عدة حلول يمكن للحكومة عملها للتحكم في هذه الأسعار منها على المدى القصير، وهي عرض المنتجات في المنافذ الحكومية بدعم من الدولة وبأسعار مخفضة، بهدف تقليل الحلقات الوسيطة والنقل والسعر، ولكن على المدى الطويل نستمر في الخطوات استصلاح الأراضي، وتوفير الفتاوي محليا وعمل أسواق مركزية.
وتابع: «في الوقت المقبل سيكون هناك انخفاض في الأسعار، نظرًا لجهود الحكومة، والعروة الجديدة في الخضراوات».
بدوره، قال الدكتور محمد فهيم، مستشار وزير الزراعة، إن المجهودات التي بذلتها مصر حافظت على ملف الأمن الغذائي قدر الإمكان، معقبًا: «الدولة نحتت في الصخر عشان تضيف رقعة زراعية تجاوزت 1.7 مليون فدان».
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أنه لا توجد أزمات غذائية في مصر مثل دول كثيرة وذلك لأن الدولة دفعت المليارات في استصلاح أراض وإقامة بنية تحتية قوية وتوسع رأسي وزيادة إنتاجية الفدان على مدار الـ9 سنوات الماضية، مشيرا إلى أن ما حدث لم يحدث في تاريخ مصر في الزراعة.
وتابع، أن الاكتفاء الذاتي يعد قضية أمن قومي، وتوفير الغذاء هدف تسعى إليه أغلب الدول، ولكن نحن نواجه بعض المشكلات مثل محدودية الأراضي الزراعية وتفتيت الحيازة.