نقيب المستثمرين الصناعيين لـ«النبأ»: 55% من ودائع المصريين غير مستغلة.. والمواطن يخسر 20% من قيمة أمواله سنويًا.. (حوار)
قال محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين وعضو جمعية مستثمري 6 أكتوبر ورئيس مجلس إدارة مجموعة جي إم سي للاستثمارات الصناعية والتجارية، إن ديون مصر الخارجية وصلت إلى 250 مليار دولار بعد حساب الفوائد التي تصل من 7 إلى 11% على 10 سنوات.
وأضاف، خلال حواره لـ«النبأ»، أن سعر الدولار حاليًا في السوق السوداء وصل لـ42 جنيهًا، متوقعًا استمرار ارتفاعه؛ نتيجة زيادة الاستهلاك عن المعروض من العملة، ما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع وانخفاض قيمة الجنيه المصري، وإلى نص الحوار..
في البداية.. حدثني عن وضع الاستثمار في مصر؟
الظاهر أمامنا سيء جدًا، حيث المناخ الاستثماري لا يشجع، فالمستثمر يقال عنه «صاحب المال جبان يحب الآمان»، والآمن هنا لا يعني السياسي فقط بل يعني كيفية استرداد الأموال وتحولها في أي وقت والمقدرة على أخذ قروض مقابل الإيرادات، ووجود إعادة جدولة في حالة التعثر، بجانب أن التكلفة المبدئية لأي مشروع في مصر، يساوي 4 أضعاف تكلفته في أي دولة بالعالم، على سبيل المثال قطر تعطي الأراضي بسعر رمزي وبدون ضرائب وجمارك، بينما القروض المتاحة للمستثمر تصل إلى 90% من التكاليف الاستثمارية للمشروع، في المقابل في مصر تشترط إيداع ضعف المبلغ المطلوب في البنوك وهى سياسية ائتمانية ونقدية ومالية خطأ، هذا بالإضافة إلى وجود مشاكل للمستثمرين والمصانع مع الضرائب.
لكن الضرائب هدفها سد عجز الموازنة العامة للدولة؟
نعم نعلم بشكل تام المشكلات التى تواجه الدولة من عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات ولكنها لا تحل بفرض مزيد من الضرائب؛ لأن الأمر يزيد من حالات إفلاس المصانع وبالتالي إيرادات مصلحة الضرائب ستنخفض بشكل كبير.
كيف يتعامل المستثمرون والمصانع مع البنوك بشأن التمويلات المطلوبة؟
البنوك المصرية تفرض أقل نسبة استثمار الخاصة بـ«الأموال المودعة» في العالم، فالإمارات تصل نسبة الاستثمار فيها إلى أكثر من 90% و95%، ولكن في مصر لا تزيد عن 45%، ما يعني أن هناك 55% من ودائع المصريين غير مستغلة، بالإضافة إلى نسبة الـ45% أغلبهم تتجه إلى السندات وأذون الخزانة وهيئة السلع التموينية وهيئة البترول وفي المقابل هناك عدد ضئيل جدًا يذهب للمستثمرين.
كم وصل عدد المصانع المتوقفة؟
هناك أكثر من 11 ألف مصنع متوقف، كما أن المصانع التي تعمل حاليًا لجأت إلى خفض إنتاجها إلى أقل من الربع، هذا بجانب عدد كبير من المصانع وفرت بين 30 و40% من العمالة؛ نتيجة السياسات النقدية والمالية، حيث هناك نوع من العلاقة الإذعانية بين الجهاز الحكومي ككل والمستثمرين، وهو ما أدى إلى عدم رغبة المستثمرين في التوسع داخل السوق المصرية بل وصل الأمر إلى خروج بعضهم من السوق والتوجه إلى الدول العربية وخاصة السعودية والإمارات.
كيف ترى قيود الاستيراد وصعوبة تدبير العملة؟
منع الاستيراد وغلقه وعدم وجود الدولار تسبب في أزمة كبيرة وخاصة في الاستثمار المباشر، لأن أي شركة أصبحت لا تستطيع تأمين تحويل أرباحها للخارج، بالإضافة إلى أن سعر الدولار أيضًا غير ثابت، وبناء عليه لا يوجد استراتيجية ثابتة ولا سياسات نقدية ومالية واضحة وهي العناصر الأساسية لإقامة استثمار في العالم وليس في مصر فقط، كما أن الحد الأقصى للسحب في الشركات 150 ألف جنيه، وهو ما يضطر الشركات لصرف مرتبات الموظفين أكثر من مرة في حالة وصولها إلى مليون جنيه أو أكثر، وهي عوائق غير طبيعية، ولكن هذا لا يعني أننا ضد النظام أو ضد الدولة ونحن مع الدولة والنظام ولكن ما علينا غير النصح للارتقاء بالصالح العام.
ماذا عن تحركات الحكومة لدعم الاستثمار وإصدار الرخصة الذهبية لعدد من الشركات؟
كل ذلك «لا يسمن ولا يغني من جوع»، والدليل على ذلك مصر حتى الآن لم تصل بصادراتها إلى 55 مليار دولار، وظلت النسبة لدى 30 مليار دولار، ولكن السؤال الأهم لماذا يصدر الرخصة الذهبية؟، ومازال يتعامل مع البنوك والتنمية المحلية والضرائب ونستمر بالساعات لتخلص الأوراق المطلوبة.
إذا ما الحل من وجهة نظرك؟
الحل في ضبط العجز في الميزان التجاري وإحلال المحلي مكان الوارد وليس منع الوارد، لأن حاليًا هناك أشخاص تتبع سياسة «الشنطة» وهي كانت ظاهرة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعادت خلال الفترة الحالية، حيث يتم شراء المنتجات ممنوع استيرادها على أساس أنها استخدام شخصي للتهرب من الجمارك والضرائب وتباع في السوق المصري بأضعاف الثمن، وذلك يتم عن طريق تأجير سفن لمدة 3 أيام بها 50 عاملا كل عامل يأخد ألف جنيه أو ألفين جنيه فقط في المقابل يحمل شنطة بها السلع.
وكيف نقضى على هذه الظاهرة؟
عن طريق إعطاء الدولة فرصة للمستثمرين لأخذ أرض لمدة عامين ويتم دفع المرافق فقط، لتشجيع صناعة السلع التى يتم تهربها، وخاصة أن هناك 90% من أرضنا صحراء حسب تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، هو ما يعطي فرصة للمستثمرين الصناعيين لتعمرها وتقلل الوارد، مثلما حدث في سوق الأجهزة الكهربائية، وبالتالي سيحدث فائض في العملة لسد الديون.
هل طرح الشركات الحكومية في البورصة يحل أزمة الدولار؟
«لا طبعًا»، لأن الحل الأساسي في ضبط الميزان التجاري وإحلال المحلي بدل المستورد عن طريق زيادة الإنتاج للسلع غير المتوفرة، فالأمر وصل إلى استيراد الملابس والأقلام الرصاص والكتب والكراسات، وهو ما يزيد الضغط على العملة، حيث وصل سعر الدولار حاليًا في السوق السوداء إلى 42 جنيهًا، وفي العقود الآجلة وصل إلى 45، ومن المتوقع تخطيه حاجز الـ50 جنيهًا الفترة المقبلة مع زيادة الاستهلاك عن المعروض من العملة، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه المصري.
ماذا عن أنباء تعويم مترقب بداية العام المقبل وتحسن وضع الاستثمار؟
لن يتحسن وضع الاستثمار؛ لأنه في النهاية لا يوفر الدولار، حيث إن مصر بحاجة إلى سداد ديونها الخارجية والتي تصل إلى 165 مليار دولار دون حساب الفوائد التى تصل من 7% إلى 11% على 10 سنوات وهو ما يصل قيمة الديون إلى 250 مليار دولار على الأقل، بالإضافة إلى الديون الداخلية التى وصلت إلى 6 تريليونات جنيه، وذلك في الوقت نفسه الذي لا يكفي فيه الناتج القومي للبلاد سداد فوائد الدين المحلي، بجانب الحاجة إلى العملة الصعبة في توفير مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية المستوردة.
كيف ترى مبادرة الحكومة لخفض الأسعار وكبح جماح التضخم؟
هذه المبادرة مؤقتة لأن جميع الأسواق في العالم يحكمها قانون العرض والطلب، حيث إنه لا يمكن لأي دولة في العالم الوقوف ضده، كما أن المبادرة تتضمن 7 سلع فقط تم خفضهم بنسبة تتراوح بين 15% إلى 25%، ولكن لو نظرنا إلى التضخم فإنه ارتفع لأعلى من 40% في المقابل الفائدة في البنوك 20% وهو ما يعني أن المواطن يخسر 20% كل سنة من أمواله، لأن التضخم لا يزال أعلى من سعر الفائدة ومن المعروف أنه يحدث العكس.
مع انخفاض قيمة الأموال.. لماذا لم يتم تطبيق الحد الأدني للأجور حتى الآن في معظم المصانع والشركات بالقطاع الخاص؟
لأن معظم الشركات لا تجنى الأرباح التى كانت في السابق، فهي بالكاد تستطيع صرف المرتبات «العادية» دون أي زيادة، بجانب ذلك هناك عدد كبير من المواطنين يطالبون العمل بأي سعر؛ نظرًا لعدم وجود فرص عمل بالشكل الكافي لعدد السكان حيث نسبة البطالة في تزايد الفترة الحالية.
هل أنت مع أم ضد ترشيد النمط الاستهلاكي للمواطن؟
دون جدال يجب ترشيد الاستهلاك لدى المواطنين، ولكن يجب أن يقابل ذلك توفير في السلع الأساسية، لأن عدم وجود سلعة يعني ارتفاع أسعارها.
كيف تؤثر الحرب في غزة على المصانع داخل مصر؟
بالطبع ستتأثر مصر ودول الشرق الأوسط على جميع الأصعدة الاقتصادية، حيث من المتوقع أن المصانع التي تعمل بنصف وردية ستعمل بربع فقط، بالإضافة إلى حدوث إجراءات من قِبل بعض الأشخاص في تخزين السلع وانخفاض المعروض؛ لأن الأوضاع غير مستقرة على مستوى التجارة العالمية.