«المقايضة التجارية» أحدث أساليب الحكومة لحل مشكلة نقص الدولار
مع زيادة الضغط على الدولار الفترة الأخيرة، بدأت الحكومة في دارسة حلول بديلة والتى أبرزها تنفيذ «نظام المقايضة» مع روسيا وتركيا وبعض الدول الإفريقية، وآخرهم السعودية.
ويعد «نظام المقايضة» التجارية، هو عملية تبادل بين طرفين، يقدم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلًا غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود.
ويأتي دارسة تطبيق المقايضة في الوقت نفسه الذي تعاني فيه مصر من نقص شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها وقبلها جائحة كورونا، حيث انخفضت قيمة الجنيه منذ مارس 2022 حتى الآن بنسبة 100% في البنوك و150% في السوق السوداء.
وتخطى سعر الدولار في السوق الموازي، حاجز الـ50 جنيهًا لأول مرة في التاريخ، بينما يستقر في التعاملات الرسمية لدى 30.95 جنيهًا.
وخلال الفترة الحالية، يدرس البنك المركزي تطبيق نظام المقايضة مع روسيا وتركيا وبعض دول إفريقيا، ولا سيما أن تلك الدول أكبر شركاء تجاريين مع مصر، حيث تصل قيمة التبادل التجاري بين مصر وروسيا إلى 6 مليارات دولار ونحو 8 مليارات دولار مع تركيا.
ويشمل التبادل التجاري بين تركيا وروسيا سنويًا، سلعًا مختلفة أهمهم الفواكه، والخضروات، والنباتات، والألبان، والمعدات الكهربائية، والزيوت العطرية، والحبوب، والحديد والصلب، والوقود المعدني، والزيوت المعدنية، والأسمدة والمنتجات الكيماوية، والسيارات والجرارات، والحديد والصلب.
تحفيف الضغط على العملة الأجنبية
وفي هذا السياق، قال المهندس شريف الجبلي، رئيس الشئون الإفريقية في اتحاد الصناعات المصرية، إن مصر استخدمت نظام المقايضة بنظام الصفقات المتكافئة في عهد الاتحاد السوفيتي، لافتًا إلى أن مصر كانت تصدر الموالح وتحصل على المعدات والآلات، في محاولة لتخفيف الضغط على العملة الأجنبية.
وأضاف «الجبلى»، أن المقايضة بدأت تعود بين التجار حول العالم في الوقت الحالي دون تدخل الحكومات كما حدث في السابق؛ نظرًا لأن العمل بهذا النظام على مستوى الحكومات يحتاج إلى آلية وإطار قانوني عن طريق عدة جهات مع جهات أخرى في البلد المناظر.
وأوضح أن بعض الدول لا توافق على هذا النظام؛ نظرًا لحاجتها للعملة الصعبة، لكن مسألة استخدام نظام المقايضة قيد الدراسة خصوصًا مع وجود القطاع الخاص في السوق، والذي يجعل الأمر مختلفًا لحد كبير عما سبق.
ولفت إلى أن مجموعة «البريكس» تفكر في مسألة نظام المقايضة وتبادل السلع بدلًا من الاستيراد بالعملة الأجنبية، وهذا الأمر يتم دراسته خصوصًا فيما يتعلق بالسلع ذات الفاتورة الاستيرادية الكبيرة.
وأكد رئيس الشؤون الإفريقية في اتحاد الصناعات، أن عودة نظام المقايضة يتعلق كذلك بتقييم البنوك المركزية في البلدين للعملات وقيمة السلع ليتم تبادلها بعد ذلك، مشيرًا إلى أن هذا النظام سيكون ناجحًا في القارة الإفريقية بالتحديد نتيجة مشاكل العملات المشتركة في القارة.
مبدأ الصفقات المتكافئة
ومن ناحيته، قال الدكتور يسرى الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، إن القيادة السياسية المصرية تعمل على تفعيل مبدأ الصفقات المتكافئة والذي من خلاله يمكن تبادل السلع والخدمات بالمقابل أو النفس ذات القيمة والكميات.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا المبدأ يجد على الصعيد الدولي بعض التحفظات من منظومة التجارة الدولية، ولكن على صعيد القطاع الخاص يمكن إتمامه بشكل كبير ويساهم ويساعد في تحسين ميزان المدفوعات بين مصر والصين وجميع دول البريكس، وآخرهم السعودية، خلال زيارة الوفد من وزارة التجارة لمصر.
وأشار «الشرقاوي»، إلى أن نظام المقايضة مهم جدًا يعمل به عدد من الدول ولكن مصر تحتاج إلى آليات وأنظمة لتفعيله، والنظر إلى كيفية ربط البنوك المركزية مع مصر لعمليات تقييم المعايير لهذه الصفقات حتى تتم بأفضل شكل، وبجانب الإجراءات التى سيتم اتخاذها من جانب الضرائب ومصلحة الجمارك.
وأوضح رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن بعض الدول الإفريقية تنظر إلى سلع مواد البناء والمنسوجات والأدوية ونحن ننظر إلى السلع الأساسية مثل الشاى والقهوة، بينما تنظر تركيا إلى السجاد، و«الحبيبات البلاستيكية».
ولفت إلى ضرورة تحليل التبادل التجاري بين مصر والسعودية أو الصين أو تركيا قبل البدء في تطبيق الصفقات المتكافئة، والنظر إلى أهم السلع التي يمكن مقايضتها وفقًا للواردات والصادرات.
خارج الصندوق
بدوره، قال النائب محمود الصعيدى، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إنه في حالة تطبيق المقايضة مع عدد من الدول سيعد إنجازا وخطوة خارج الصندوق.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المقايضة ستساعد الحكومة على اختصار الوقت والجهد في توفير الدولار للاستيراد وهو ما يزيد الاحتياطي النقدي للبلاد ويعيد قوة الجنيه مرة أخرى.
وأوضح «الصعيدي»، أنه مع دخول مصر مجموعة البريكس بداية العام المقبل، سيزيد عدد الدول التي سيتم التعامل معها بنظام المقايضة والعملات المحلية، وهو الأمر الذي يزيد من قوة الجنيه ويخفض الضغط على الدولار.
وحول السلع التي يمكن مقايضتها، أشار عضو لجنة الشئون الاقتصادية، إلى أن مصر تنتج الموالح والفواكه والخضروات والمنتجات الغذائية ذات جودة عالية بجانب المنتجات القطنية، والصناعات الثقيلة مثل السيراميك.