سيناريوهات طرح البنوك شهادات بفائدة 30% قريبًا
مع وصول معدل التضخم إلى 35%، وزيادة سعر الدولار في السوق السوداء، ترددت أنباء حول طرح شهادات بفائدة عالية تتخطى حاجز الـ30%.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي ينتظر فيه الجميع قرار البنك المركزي المصري بتحرير جديد لسعر الصرف، بعد وصول الدولار لـ53 جنيهًا في السوق الموازي، بينما يستقر في البنوك لدى 30.85 جنيهًا.
كما تستحق آجال شهادات الادخار ذات العائد المرتفع البالغ 25%، والتي أصدرتها البنوك الحكومية الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة في يناير المقبل، وهو ما يفرض عليها التزامات تجاه المودعين بما يتجاوز 500 مليار جنيه كأصل دين وفوائد مستحقة عليها.
ويعني -أيضًا- وجود سيولة في الأسواق تقدر بأكثر من 500 مليار جنيه، وهو ما يزيد من فرص اتجاه البنك المركزي المصري لرفع الفائدة على الإيداع والإقراض بمعدلات ملحوظة خلال يناير المقبل؛ لكبح جماح التضخم.
ويرى خبراء مصرفيون، أن طرح شهادات بفائدة بين الـ27% أو 30%، تحفيز للعملاء على استثمار مدخراتهم بالجنيه المصري بدلا عن الدولار.
وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن معدل التضخم الأساسي في البلاد إلى 35.9% على أساس سنوي في نوفمبر الماضي.
وتواجه مصر، خلال العامين الماضيين، أزمة في توفير العملات الأجنبية اللازمة في الاستيراد، بجانب مخاوف حدوث خفض جديد في الفترة المقبلة لسعر الجنيه.
وبدأت أزمة نقص العملة، بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بقيمة 22 مليار دولار، خلال النصف الأول من العام الماضي، على إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وقبلها جائحة كورونا.
وحرّر سعر العملة المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، ما دفع الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% منذ بداية 2023 وحتى الآن، وبأكثر من 95% منذ مارس من العام الماضي، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.
الأسعار في مصر وصلت إلى مرحلة خطر
وفي هذا السياق، قال طارق متولي، الخبير المصرفي، ونائب رئيس بنك بلوم سابقًا، إن طرح شهادات فائدة عالية مرتبطة بحل أزمة الدولار في مصر.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الشهادات تساعد على القضاء على الدولرة في البلاد، حيث ستتجه شريحة كبيرة من المواطنين لشراء الشهادات بدلًا من تخزين الدولار أو شراء سلع أو عقار أو ذهب ويرتفع معدل التضخم.
وأشار «متولي»، إلى أن الشهادات جزء من الحل لمحاربة سوق السوداء، وسعر الصرف والتضخم، متابعًا: «التضخم وصل إلى 35% و36% وهو ما يستوجب طرح شهادات بأعلى من هذا التضخم أو يساويه».
وتوقع طرح شهادات بفائدة تتراوح بين 27% أو 30%، خلال الأيام المقبلة، ومع بداية العام الجديد، قائلًا: «من المتوقع طرح شهادات الـ30% لمدة عام وشهادات الـ27% لمدة عام ونصف».
وأوضح الخبير المصرفي، أن فكرة طرح شهادات عالية تصل إلى 30% يجب أن يقابلها توفير دولار في البنوك للقضاء على السوق السوداء، قائلًا: «سيكون تأثيرها مزدوج من ناحية التضخم وسعر الدولار ولكن في حالة طرح الشهادات دون حل مشكلة الصرف لن يكون لها أي مردود إيحابي».
وتابع: «أزمة الدولار منذ عامين حتى الآن لم تجد الحكومة حل لها وكلما طالت المدة كلما زاد تخزين العملة، وتفاقمت الأزمة، لذلك يجب تغيير الحكومة والسياسات النقدية، وتعيين وزراء ذات خبرة اقتصادية وأثبت نجاحهم».
وأكد نائب رئيس بنك بلوم سابقًا، أن الأسعار في مصر وصلت إلى مرحلة خطر، ويجب مقابلتها بسياسة نقدية لمحاربة التضخم، متابعًا: «مثلما حدث في أمريكا عندما وصل التضخم إلى 6% بدأت في تفعيل جميع أدواتها وسياستها حتى وصل إلى 3%».
لن يحدث تغييرات في السياسية النقدية
ومن ناحيته، توقع أحمد سمير، عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، خبير أسواق المال، أن الفترة القادمة لن تشهد أي تغييرات في السياسات النقدية.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الهدف الأساسي من طرح الشهادات ذات الفائدة العالية والتي تصل إلى 25% مثلما حدث بداية عام 2023، هو التحكم في التضخم والتنازل عن الدولار.
وأشار «سمير»، إلى أن الوضع الحالي يختلف؛ لأن فرق السعر بين الدولار في السوق السوداء والبنوك يصل إلى 70%، قائلًا: «هو يعتبر أعلى من الفائدة التي ستعود على المواطن من طرح شهادات 30% أو حتى 40%».
وتابع: «الدولار يرتفع في السوق الموازي بطريقة مختلفة، وبالتالي مكاسب الدولار في السوق السوداء، أعلى من الفائدة في البنوك، هو ما يجعل الشهادات غير مغرية أمام المواطنين».
وأوضح عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، أن السوق الموازي غير محكوم قانونيًا وليس له أي نظام، مع عدم حل مشكلة العملة، سيستمر ارتفع سعره بشكل أكبر من الوضع الحالي».
وحول الحلول، أكد ضرورة متابعة المرحلة القادمة بشكل أكثر دقة، ووجود شفافية أثناء إعلان الوضع الاقتصادي والنقدي للعملة المصرية، ووضع طرق معالجة الخلل؛ لاستقرار سعر الدولار وإيجاد سعر واحد.
وختم: «لن يحدث استقرار للاقتصاد أو استمرار في صناعة أو استثمار في ظل وجود سعرين في العملة داخل مصر».