بالأرقام.. دراسة حديثة تكشف أسباب أبشع جرائم هزت الرأى العام فى 2023
شهد عام 2023 العديد من الجرائم البشعة التي شغلت الرأي العام والشارع المصري، وعلى الرغم من أن جرائم الحب كانت متصدرة لمشاهد العنف في هذا العام الذي يلملم أوراقه، إلا أن أبشعها تمثل في جريمتين اتسمتا بالوحشية والدموية والعنف، أولهما جريمة طبيب الساحل، والثانية كانت جريمة الأم التي قتلت طفلها وأكلت من جثته، أو ما عرفت بـ«سيدة فاقوس».
وكان للجرائم الأسرية النصيب الأكبر، حيث كان معظمها بدافع السرقة من أجل المال، أو القتل من أجل الطمع، فقتل أب ابنته لشكه في سلوكها، وقتل ابن أمه لشراء المخدرات، كما أنهى زوج حياة زوجته لرفضها الرجوع لعصمته.
ويرصد «النبأ»، في التقرير التالي أبرز الجرائم الأسرية التي شهدها الشارع المصري خلال عام 2023، بعدما كشفت إحصائية أمنية عن وقوع 55 جريمة قتل فى شهر فبراير بالقاهرة الكبرى فقط تلطخت فيهم أيدي 74 متهمًا بالدماء.
يناير الأكثر عنفًا
ما يقرب من 11 حالة قتل بين الأزواج خلال أول 15 يومًا من شهر يناير 2023 بمعدل جريمة كل يوم ولكن جمع بينهم جميعا قضايا الشرف واتهام النساء، فما بين الخطف، والضرب المفضي إلى الموت، والشروع في القتل والدعارة وجرائم القتل العمد، وترصد «النبأ» خلال السطور التالية تفاصيل تلك الأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها المرأة المصرية أو كانت طرفًا رئيسيًا فيها؛ مما يدق ناقوس الخطر على وضع المرأة داخل المجتمع باعتبارها الحلقة الأضعف مما يسهل تفريغ طاقة العنف فيها.
البداية من مركز أشمون فى محافظة المنوفية، حيث تم القبض على المدعو «م.ج.ع» 35 عامًا، والمتهم بقتل زوجته فى منزل الزوجية، وذلك بعدما شق رأسها بسلاح أبيض وأقدم على ذبحها.
بينما أقدم نجار مسلح على قتل زوجته ذبحا بمنطقة المواردى فى قرية تيرة التابعة لمركز نبروة بمحافظة الدقهلية بسبب خلافات زوجية بينهما.
والتقط الزوج عدة صور سيلفى له بجوار الجثة وأرسلها لأسرتها، وكشفت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، عن تفاصيل ضبط متهم بذبح زوجته بـ الدقهلية، وهدد بقتل كريماته الثلاث، وخلال المعاينة تم العثور على جثة المجنى عليها وبها جرح ذبحي بالرقبة داخل الشقة محل سكنهما بدائرة المركز، وتبيّن تواجد المتهم داخل حجرة أخرى قام بغلقها من الداخل والوقوف فى شرفتها وبصحبته كريماته الثلاث، أعمارهن من 3 إلى 9 سنوات، حاملًا سلاحًا أبيض «سكين» كان بحوزته، مهددًا بقتلهن، مدعيًا تعديه على زوجته لخلافات زوجية بينهما وتمكنت الأجهزة الأمنية من السيطرة عليه وضبطه والسلاح المستخدم فى ارتكاب الواقعة، وتحرير كريماته، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
وفى الجيزة وقعت جريمة بشعة كشفتها التحقيقات والتحريات، حين تعرضت خلالها الضحية لألوان من التعذيب والاعتداء والإهانة على يد ابنها المتهم، حتى انتهت بمقتلها، وسط حالة من الحزن والغضب بين جيرانها، الذين كانوا بمثابة شهود عيان على رحلة العذاب التى تعرضت لها، وحاولوا عدة مرات التصدي للمتهم، ونجدتها من بين يديه، حتى انتهى بوفاتها.
أما فى القليوبية، أصبحت جريمة بشعة مثار حديث الأهالى، المتهم فيها أب فى العقد السادس من العمر، قتل ابنته وألقى جثتها فى الشارع، وعلى الفور تم ضبطه، واعترف بتفاصيل جريمته أمام قاضى المعارضات.
وقال المتهم: «كانت تسير فى الحرام، وطالبتها بالتوبة عن الحرام، لكنها رفضت، وكانت تهرب من البيت بين فترة وأخرى، وتعددت علاقاتها مؤخرا، حتى أخذت قرار قتلها وطعنها فى رقبتها وذبحتها مثل ست البيت عندما تذبح دجاجة».
وأضاف: «فى يوم الجريمة أقنعتها أن تسير معي فى الشارع، والوقت كان متأخرا، والشارع لا يوجد به أحد، الجو هادئ، هنا أخرجت السكين من بين طيات ملابسى وطعنتها، ثم تركت جثتها وأبلغ الأهالى الشرطة، حتى الآن لا أصدق أننى قتلتها، فهى فلذة كبدى، لكنها أجبرتنى على غسل عارى بيدى».
«الدم بقا مياه»
وعلى مدار الربع الأول من عام 2023، شهدت مصر عدة جرائم قتل بشعة كانت حديث الشارع المصري، حيث قُتلت مسنة على يد ابنها في البساتين، وقتل أخ شقيقه في الهرم.
ففي منطقة البساتين جريمة قتل في نهار رمضان، حيث أقدم شاب على قتل أمه المسنة في شقتها.
وبعمل التحريات، تبيّن أن ابنها قتلها بسبب عدم إعطائها له أموالا لشراء المخدرات وجارى ضبطه، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة.
جريمة السحور
وقبل السحور أقدم عاطل على إنهاء حياة شقيقه الأصغر ضربا بدائرة قسم شرطة الأهرام غرب محافظة الجيزة.
كانت البداية بتلقى المقدم أحمد عصام رئيس مباحث قسم شرطة الأهرام بمديرية أمن الجيزة، إشارة من المستشفى تفيد باستقبال طفل به آثار تعذيب وتوفي خلال محاولات إسعافه وادعاء تعدي آخر ومقيم بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص تبين العثور على جثة طفل يدعى "إبراهيم ا س" في بداية عقده الثاني به آثار تعذيب بأماكن متفرقة بالجسد، وبعمل التحريات تبين أن وراء ارتكاب الواقعة شقيق المجني عليه الأكبر بسبب خلافات أسرية.
جرائم هزت الرأي العام
وانشغل الرأي العام والشارع المصري بعدة جرائم حدثت خلال عام 2023، وكان من بينها قضية طبيب الساحل وآكلة طفلها.
ففي جريمة طبيب الساحل، أسامة صبور، قررت النيابة إحالة طبيب بشري ومشرف إداري يعمل بعيادته وامرأة تربطه بها علاقة زواج عرفي، إلى محكمة الجنايات.
وأشارت إلى أن تحقيقاتها مع المتهمين انتهت إلى ثبوت اتهامهم بجناية قتل طبيب بشري عمدًا مع سبق الإصرار المقترنة بجنايات خطفه بالتحايل، وسرقته بالإكراه، واحتجازه دون وجه حق، وتعذيبه بدنيًّا قبل القتل؛ لرغبتهم في الاستيلاء على أمواله، بعدما أوعز إليهم الطبيب المتهم بذلك لمعرفته بالمجني عليه وعلمه بثرائه.
وكانت تحقيقات النيابة العامة قد انتهت إلى أن المتهمين الأول والثاني قد قتلا الطبيب المجني عليه الذي كان على علاقة زمالة بالمتهم الأول عمدًا مع سبق الإصرار، واشتركت المتهمة الثالثة معهما في ارتكاب الجريمة بطريقي الاتفاق والمساعدة، حيث أعد القاتلان مقبرة له في عيادة الطبيب المتهم وجهزا فيها عقاقير طبية وفرتها المتهمة الثالثة لحقن المجني عليه بها حتى الموت، ولكي ينقلوه إلى تلك المقبرة استدرجوه بداية إلى وحدة سكنية استأجروها، حيث اتصلت المتهمة بالمجني عليه وأوهمته بحاجة والدتها لكشف طبيً منزليً عليها لكبر سنها وضعفها، فاستجاب لادعائها.
كما اتفقت مع المتهم الثاني الذي تظاهر له بنقله إلى حيث مسكن المريضة، فاستدرجه إلى الوحدة السكنية، والتي كان يتربص له فيها الطبيب المتهم.
«مقبرة ومص دم»
بعد وصول المجني عليه إلى الشقة، أجهز المتهمان عليه وحقنه الطبيب المتهم بعقار مخدر، وتعديا عليه بالضرب وبصاعق كهربائي، وسرقا منه بالإكراه هاتفه المحمول ومبلغًا نقديًّا كان معه، وبطاقاته الائتمانية، ثم أحضرا كرسيًّا نقالًا وتظاهرا -بعد غيابه عن الوعي- بمرضه ونقلاه إلى العيادة التي فيها المقبرة التي حفراها سلفًا، فألقياه بها بعد أن قيدا حركته بوثاق، وعصبا عينيه وكمما فاه، وأمعنا في حقنه بجرعات إضافية من العقاقير المخدرة، قاطعين سبل الحياة عنه، قاصدين بذلك قتله، حتى أوديا بحياته، ودفنا جثمانه داخل المقبرة.
وكشفت التحقيقات، عن أن المتهمين أعدوا حفرة للدفن مسبقًا، وأنهم حقنوا المجني عليه أسامة صبور بمواد مخدرة ومهدئة، وتركوه داخل الحفرة يومين متتاليين دون طعام.
وفجر محامي القتيل مفاجأة مدوية في تصريحات له، حيث قام القتلة بسحب حوالي لتر كامل من دم القتيل ووضعوه في زجاجة بلاستيكية كبيرة كنوع من التشفي.
سيدة فاقوس
أما الجريمة الثانية فهي جريمة صدمت مصر برمتها، حين أقدمت أم على ذبح طفلها البالغ خمس سنوات، وأشيع حينها أنها طهت جثته وأكلت أجزاء منها، كما انتشرت شائعات تفيد بأنها تعاني من اضطراب نفسي.
إلا أن تطورات جديدة طرأت على القضية كشفت غير ذلك، وأكدت أنها لا تعاني من أي مرض نفسي، كما كان يعتقد.
وجاء في أمر الإحالة أن المتهمة عقدت العزم وبيتت النية على قتل طفلها المجني عليه؛ لرغبتها في الاستئثار به مع خوفها من أن يبعده عنها مُطلقها، وأعدت لذلك عصا فأس كانت بمسكنها وغلقت المنافذ وانفردت بالمجني عليه مستغلة اطمئنانه إليها وسكونه في وجودها، فغافلته وانهالت على رأسه بثلاث ضربات بالعصا قاصدة إزهاق روحه فأحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وفي سبيل إخفاء أثر جريمتها وحتى لا يفتضح أمرها، قطّعت جثمانه إلى أشلاء وانتزعت اللحم عن العظم وأذابت الأحشاء وبعض الأشلاء بطهيها لإخفاء معالمها، وقبيل ضبطها من ذويها والجريمة متلبسة بها جمعت ما تبقى من الأشلاء والعظام وأخفتهم بدلو حتى اكتشف أمر جريمتها على النحو المبين في التحقيق.
جرائم الحب
أما الحب، فكان الدافع لأبرز وأشهر الجرائم التي شغلت الرأي العام والشارع المصري خلال عام 2023، حيث شهد العام الجاري ارتكاب عدة جرائم كان الدافع الأساسي فيها هو الحب.
وارتبطت تلك الحوادث بنفس دوافع جريمة مقتل طالبة جامعة المنصورة «نيرة أشرف» التي قتلت، خلال العام الماضي، وتم تنفيذ حكم الإعدام في زميلها القاتل.
إلا أن الشارع المصري شهد عدة جرائم مشابهة لحادثة نيرة أشرف، بعد أن أطلق عدة شباب العنان لمشاعر الحب للفتيات دون تفكير، رافعين شعار الزواج أو القتل.
شروق أشرف
مؤخرًا، أبلغت شروق أشرف شقيقة نيرة الأجهزة الأمنية بالجيزة عن تعرضها للتهديد بإنهاء حياتها من شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي أبدى رغبته في الارتباط بها.
وتبيّن من التحريات الأمنية، أن المتهم أرسل رسالة إلى والد نيرة وشروق أشرف، عبر تطبيق التيك توك وأخبره فيها بأنه يريد الزواج من ابنته شروق وإلا سيكون مصيرها نفس مصير شقيقتها نيرة، ثم عاد وأرسل رسالة إلى شروق عبر صفحتها على «فيسبوك».
ويبدو أن جريمة قتل نيرة أشرف حركت دوافع عدد من الأشخاص لتقليد الحادث بشكل مؤسف، وشهد عام 2023 سقوط عدة ضحايا بطريقة مماثلة في مصر.
تكرر سيناريو حادث نيرة أشرف في محافظة المنوفية، شهر أغسطس الماضي، حيث أقدم رجل على قتل امرأة طعنًا في الشارع، بعد رفض أسرتها زواجها منه؛ لسوء سلوكه وتورطه في قضايا سابقة.
سقط المتهم في يد الشرطة، وبرر جريمته برفض أسرة الضحية رد مبلغ مالي دفعه، على سبيل المهر، لكي يوافقوا على زواجه منها.
نورهان حسين
وفي الربع الأخير من 2023، وقعت 3 حوادث مشابهة، حيث أطلق أحد الموظفين بجامعة القاهرة 4 رصاصات على زميلته، نورهان حسين مهران، بسبب رفضها الزواج منه، وفر هاربًا، ولاحقت الشرطة المتهم وتتبعت خط سيره، لكنه أنهى حياته بسلاح الجريمة نفسه فور وصولهم إليه.
حادث عمارات العبور
حادث آخر في سبتمبر الماضي، كان في منطقة عمارات العبور بالقاهرة، حيث اتجه المتهم إلى محل عمل خطيبته السابقة وانتظر خروجها ليتحدث إليها.
حاول المتهم استمالة قلب خطيبته السابقة وإقناعها بالعودة إليه، لكن النقاش بينهما تطور إلى مشادة كلامية، أخرج على إثرها مسدسًا وأطلق عليها الرصاص.
لكن أحد المارة أخرج مسدسه وأطلق الرصاص على المتهم، ليمنعه من الهرب، حيث نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة، وبدأت النيابة العامة باستجوابه، ليؤكد أنه قتل خطيبته بسبب عدم رغبتها في العودة إليه.
دراسة صادمة
من جانبه، قال الدكتور أحمد بدر خبير علم الاجتماع، والباحث الرئيسي بمركز تدوين المتخصص في دراسات النوع الاجتماعي، إن دراسة حديثة أجراها المركز بتحليل الجرائم المنشورة في بعض الصحف المصرية خلال يناير: مارس 2023، أظهرت ارتفاع معدل الجريمة ضد النساء مقارنةً بالعام الماضي.
وأوضح «بدر»، أن 51 سيدة لقين مصرعهن، خلال الثلاثة شهور الأولى من 2023، كان من بينها نسبة 92.1% حالات قتل، و7.9% حالات انتحار نتيجة تعرض الفتيات أو النساء لأي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وكشف خبير علم الاجتماع، عن أن الدراسة أظهرت أن 80.4% من حالات قتل النساء أرتكبت بواسطة أفراد الأسرة، وأن النتائج ركزت على أن ما يزيد عن نصف هؤلاء النساء قُتلن على يد أزواجهن بنسبة 58.5%، في مقابل 41.5% قتلن على يد أفراد الأسرة والأقارب الآخرين، بينما نسبة 11.8% من جرائم القتل ضد النساء اأرتكبت على يد الأصدقاء أو الجيران أو الغرباء.
وأكد «بدر»، أن العوامل الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على ارتكاب الجرائم والعنف ضد النساء في مصر، حيث استحوذت الأسباب المتعلقة بالمال والمصاريف سواء للسرقة أو الحصول على الميراث، إضافةً إلى الخلافات الأسرية المتعلقة بالمال على النسب الأهم في ارتكاب الجريمة.
وأضاف أن نتائج تحليل الدراسة أظهر أن الخلافات العائلية جاءت بنسبة 70.6% من أسباب الجريمة، يليها العوامل الاقتصادية بنسبة 17.7%، وتنقسم إلى الاستحواذ على الممتلكات بنسبة 11.8%، والأعباء المالية بنسبة 5.9%، بينما أتت جرائم الشرف بنسبة 9.8%، وأخرى غير معلومة بنسبة 1.9%.