هشام زكي يكتب: المارد الضاحك.. متى تحررونه؟!!
من المعروف إن روح الدعابة سمة أساسية من سمات الشعب المصري، سمة لا تكاد تفارقه خاصة في الأزمات وأحلك الأوقات، بل إن روح الدعابة التي يتمتع بها المصريون تجد أرضا خصبة في الأوقات العصيبة لتبدع القريحة الشعبية بأنواع مختلفة من الفنون في مقدمتها فن النكته، فضلا عن الأمثال الشعبية وغيرها.
وفي تفسير بليغ لقدرة المصريين على مواجهة أوجاعهم عن طريق الدعابة أطلقت الكاتبة الصحافية صافيناز كاظم مصطلح عزيمة الطفو، وهو مصطلح جدير بالتأمل بعدما قدمت شرحا واضحا للمصطلح قائلة إنها الطريقة الإيجابية للعبور من نفق الأزمات بسلام، ويشير الواقع إلى إن ما ذكرته صافيناز كاظم هو نتاج تكيف المصريين مع ظروف الحياة الصعبة السياسية، والاقتصادية، والطبيعية، وغيرها، وهو التكيف الذي شكل وجدان شعب يرفض بسخريته الكآبة والحزن، ليتعايش مع الأمة متطلعا لغد أفضل رغم المحن.
ويحضرني في هذا المقام نكته من النكات التي تداولها الشعب قبل الحرب على العراق، وذلك في الوقت الذي استعان فيه العراق بعدد كبير من المزارعين المصريين، بجانب عدد ضخم من العمالة المصرية في المجالات كافة للمشاركة في نهضة العراق الشقيق، وكانت النكته تشير إلى عثور الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين على مصباح علاء الدين، وعندما ظهر المارد طلب الرئيس العراقي منه زراعة العراق بأكمله، وفي لحظات كانت العراق خضراء، ثم طلب منه إعادة بناء العراق بما في ذلك المشافي والمصانع، وفي المرة الثالثة والأخيرة طلب من المارد ترحيل المصريين من العراق، ففوجئ بالمارد يستعطفه ويقول له ليه يابيه حرام عليك.
المغزى من النكتة واضح وضوح الشمس، ولكن هناك من لا يريد إن يدرك المغزى، ومن لا يريد الاعتراف بالمارد ولا حقيقته، ذلك المارد الذي إذا تم منحه الفرصة كاملة، سيحقق ما لا يتصوره عقل، المارد الذي إذا اسُتغل الاستغلال الأمثل بما يملك من قدرة ومن ثروات طبيعية ناهيك عن المردة سيدهش العالم كما ادهشه من قبل ولا يزال، ولكن سياسة التقزيم والإزدراء والحد من القدرات تثقل كاهل المارد واتباعه فيظل يدور في دائرة مفرغة لا سبيل للخروج منها، على الرغم من تلقف كثير من الدول الاوروبية وغير الاوروبية لهذا المارد، تدعمه وتشجعه وتوفر له سبل الحياة التي تعيد إليه تألقه وإبداعه.
فمتى نهتم بالمارد؟ ومتى ندرك إنه ثروتنا الحقيقية؟ ومتى يتم ترتيب قطع البازل بشكل صحيح بعيدا عن حرف الواو ليُظهر المارد إمكاناته وينطلق محققا الطموحات والاحلام المعطلة منذ اكثر من سبعين عامًا.