ليبيا.. اليوم يُسدل الستار على محاكمة ذراع القذافي «الجزار»
تصدر محكمة الاستئناف بالعاصمة الليبية طرابلس، اليوم الاثنين، حكمها على مدير جهاز الاستخبارات في النظام السابق عبد الله السنوسي، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الثورة الليبية، وذلك بعد تأجيل الجلسة لعدّة مرات.
ومن المتوقع أن تحظى محاكمة اليوم باهتمام محلي واسع، خاصة من أنصار النظام السابق وقبائل فزان التي ينتمي إليها السنوسي، الذين نظموا احتجاجات ويقودون منذ أشهر ضغوطًا للمطالبة بإطلاق سراحه لدواعٍ صحية وإنسانية، ومن أجل دعم مشروع المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي.
وكانت محاكمة السنوسي قد تم تأجيلها لأكثر من 10 مرات، وسط اتهامات من فريق دفاعه للسلطات المسؤولة بعدم إحضاره عمدًا إلى الجلسات لإطالة أمد محاكمته، بينما أكد النائب العام أن المحاكمة تسير بصورة طبيعية.
يشار إلى أن السنوسي الذي كان الرجل الثاني في نظام القذافي، محتجز في سجن بطرابلس منذ عام 2012 إلى جانب العشرات من أركان النظام السابق، بعد إدانته لدوره في مقتل محتجين خلال ثورة 2011، التي أسقطت نظام القذافي.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت قرارا بإلقاء القبض على السنوسي، والقذافي، وسيف الإسلام عام 2011، لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية ضد المتظاهرين في مدينة بنغازي في شرق البلاد، وذلك مع بداية الثورة الليبية في شباط 2011.
واعتبر المراقبون أن السنوسي ما هو إلا منفذ، وليس عقلا مدبرا وراء ممارسات نظام القذافي. وأُطلق عليه لقب "الجزار" بسبب الروايات السائدة عن بطشه.
وكان السنوسي مطلوبا لدى السلطات الفرنسية، والمحكمة الجنائية الدولية. وقد غادر ليبيا بعد سقوط القذافي، ثم أُلقي القبض عليه عام 2012، بعد وصوله من المغرب إلى موريتانيا حاملا جواز سفر مزورا.
وكان عبد الله السنوسي، رئيس المخابرات الليبية السابق، أحد أكثر المقربين من الرئيس الليبي السابق، العقيد معمر القذافي.
وبحسب وثائق مسربة من السفارة الأميركية في طرابلس، كان السنوسي مستشارا مقربا من سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس السابق.
وتزوج السنوسي من شقيقة زوجة القذافي في سبعينيات القرن الماضي، رغم أصوله المتواضعة.
كما تقلد عددا من الوظائف، من بينها نائب رئيس منظمة الأمن الخارجي.
وجرت محاكمة السنوسي مع 36 آخرين من رموز نظام القذافي، وحُكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص في يوليو 2015، مع سيف الإسلام، وسبعة آخرين من رموز نظام القذافي.
ورغم تأكيد الحكومة الليبية على قدرتها على إجراء محاكمة عادلة، فإن كثيرين يرون أن المحاكمة تأثرت بحالة الاضطراب السياسي في البلاد. ولم تتضمن المحاكمة استماعا للشهود، أو تقديم أدلة ومناقشتها في المحكمة.
ويعد السنوسي واحدا من أبرز المتهمين في قضية "مجزرة سجن أبو سليم" التي وقعت عام 1996
وتشير تقارير إلى أن عددا من أجهزة المخابرات العالمية رأت أن معرفة السنوسي المقربة بنظام القذافي قد يساعد في إلقاء الضوء على بعض أفظع أفعالها. لكن حسب وزير العدل الليبي السابق صلاح المرغني، والذي كان في منصبه وقت بدء المحاكمة، فقد "حُرم الليبيون من معرفة الحقيقة عن طريق محاكمة عادلة لعهد شديد البطش".
واتُهم السنوسي بارتكاب عدد من انتهاكات حقوق الإنسان، من بينها تورطه في "مذبحة سجن أبو سليم" عام 1996، التي قتل فيها أكثر من ألف ومائتي سجين كانوا نزلاء السجن الواقع في طرابلس.
ويقال إنه أمر الحراس بالوقوف على أسقف معلقة، وتصفية السجناء بإطلاق الرصاص من الأعلى، وذلك بعد اندلاع أعمال شغب داخل السجن للمطالبة بطعام وظروف صحية أفضل.
وصدر حكم غيابي ضده في فرنسا عام 1999 بسبب تورطه في تفجير طائرة ركاب فرنسية عام 1989، أثناء تحليقها فوق دولة النيجر، وقُتل 170 شخصا على متنها، أكثرهم من الفرنسيين.
كما يرجح الخبراء أن السنوسي كانت يمتلك معلومات يمكنها مساعدة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في معرفة بعض الحقائق حول حادث لوكيربي عام 1988، الذي انفجرت فيه طائرة "بأن أمريكيين" فوق بلدة لوكيربي بجنوب اسكتلندا، وقتل 270 شخصًا على متنها.
وكان السنوسي من بين المسؤولين الليبيين الموضوعين على قائمة وزارة المالية الأمريكية للمسؤولين الذين تُجمد ثرواتهم حال وقوعها تحت طائلة القانون الأمريكي. ويُقال إن له العديد من المصالح المادية المتشعبة، شأنه في ذلك شأن الكثير من النخب السياسية في ليبيا.
كذلك يُقال إن السنوسي أشرف على بناء مفاعل نووي في الصحراء الجنوبية في ليبيا، لكن لم يُكشف أبدا عن مكانه.
ويرجح أن السنوسي يمتلك معلومات عن ليبيين اختطفوا واغتيلوا في أوروبا وخارج ليبيا أثناء فترة حكم القذافي، كما يعتقد أنه مطلع على تفاصيل تتعلق بعمليات تمويل منظمات مسلحة، خاصة في إفريقيا.