«أزمة الخليج» و«حركات بارزان الوطنية»: كتابان للصحفي شيركو حبيب بمعرض القاهرة الـ55
صدر حديثا كتابان جديدان للكاتب الصحفي شيركو حبيب، أولهما "أزمة الخليج.. الكورد في العراق والمفاوضات الكوردية العراقية 1991" و"حركات بارزان الوطنية 1929 - 1947"، ليكونا متاحين لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ 55.
الكتابان طبعا في مطبعة جامعة صلاح الدين بمدينة أربيل، وقدمهما الدكتور عبد الفتاح على البوتاني، وراجعهما ودققهم الدكتور محمود زايد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر، ويستند فيهما المؤلف، وهو صحفي كردي من كردستان العراق، ومترجم وباحث وخبير بشؤون الشرق الأوسط، إلى وثائق الأرشيف الوطني البريطاني الذي يضم العديد من الوثائق التاريخية الرسمية لمعظم بلدان العالم بما فيها شعوبها وحركاتها التحررية.
في الكتاب الأول "أزمة الخليج.."، تتحدث الوثائق عن حربه الثانية 1990 - 1991"، وإنشاء المناطق الآمنة بعد الهجرة المليونية للشعب الكوردي عقب الانتفاضة الربيعية عام 1991 واللجوء إلى دول الجوار، تركيا وإيران، هربا من بطش النظام الذي ارتكب جرائم بحق الكرد خاصة والعراقيين عامة.
ويقول المؤلف الذي ترجم 55 وثيقة هامة نشرها وقدمها في 190 صفحة من القطع المتوسط: "خلال ترجمتي لهذه الوثائق، ظهر لي أن هذه الدول العظمى تنظر إلى القضية الكردية والشعب الكردي من الناحية الإنسانية فقط، دون الاهتمام بمستقبله وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على أرضه، وذلك خوفا على مصالحها مع دول الجوار، التي يوجد بها الكرد، وكذلك خوفا من إسرائيل، فبعض التقارير تشير إلى أنهم لا يستطيعون مساعدة الكرد بحجة أنها مسائل داخلية تمس سيادة الدولة. إن الغرب بصورة عامة والإنجليز بصورة خاصة، بحكم أنهم سيطروا على العراق لعقود وهم على دراية تامة بأوضاعه الداخلية، لم يرغبوا بتأمين رغبات الشعب الكردي بتقرير مصيره بنفسه حتى في الاتفاق مع الحكومة المركزية".
فيما يرى الدكتور عبد الفتاح على البوتاني أنه، "لاشك أن الانتفاضة الكردية كانت نتيجة من نتائج الهزيمة الفاضحة التي مني بها الجيش العراقي، وتنفيسا لما لحق بالشعب خلال الحرب العراقية الإيرانية، كما كان لتصريحات قادة الائتلاف الدولي أثرها في قيام وإذكاء نار الانتفاضة، فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي ريتشارد دك جيني، بأن صدام حسين يجب ألا يبقى على رأس السلطة، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض: إن دول التحالف تخطط للإندفاع نحو بغداد، والقتال لن يتوقف عند تحرير الكويت".
ويوضح البوتاني، مستندا إلى ما أورده المؤلف من محتوى الوثائق، أن المفاوضات بين القيادة السياسية الكردية والنظام العراقي عام 1991 انتهت إلى طريق مسدود، وتوقفت في العام التالي لإصرار الحكومة على عدم تلبية مطالب الكرد وأبرزها إقامة نظام متعدد الأحزاب وإجراء انتخابات.
وتشير الوثائق التي ترجمها المؤلف شيركو حبيب، وهو مسؤول مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في القاهرة حاليا، إلى أن الزعيم الكردي مسعود بارزاني، أصر على أنه لن يكون هناك اتفاق بين الكرد والنظام العراقي دون ضمانة دولية تجعله محتمل التطبيق، فالحكومة العراقية لم تكن مستعدة للتوقيع على وثيقة أعدت لإلغاء جميع التشريعات المناهضة للكرد.
كما تؤكد إحدى الوثائق أن صدام حسين كان يتفاوض مع الكرد دون رغبة وحماس، والظروف أجبرت الكرد على التفاوض، بينما إيران وتركيا وسوريا والسعودية لم يكونوا سعداء بالمفاوضات في بغداد.
اللافت في الوثائق، أنها لم تستخدم كلمة "كردستان"، بل "شمال العراق"، وأن مسألة الكرد "إنسانية" وليست قضية شعب يسعى للحرية والانعتاق، حتى جورباتشوف رئيس جمهوريات الاتحاد السوفيتي خاطب المعنيين بالمسألة بأن ما يحدث "مشكلة كردية"، داعيا لإغاثة اللاجئين تحت إشراف أممي. بينما حذرت وثيقة أخرى من النزوح الكردي باتجاه الحدود التركية الإيرانية، معتبرة إطالة الأزمة خطرا ينذر بأن تصبح قضية "فلسطين جديدة".
أما الكتاب الثاني حركات بارزان الوطنية"، تتعلق وثائقه بحركات الشيخ أحمد البارزاني ضد الحكومات العراقية المرتكنة إلى النفوذ البريطاني بين 1930 و1932، وبعدها حركة خليل خوشوي حتى العام 1936، وامتدادها حركة ملا مصطفى البارزاني 1943 - 1945 التي أجبرت الحكومة العراقية على التفاوض فحققت مكاسب وطنية وقومية للكرد، إلا أن السلطات تنصلت من تنفيذها، فاستأنف الكرد نضالهم ضدها، وبسبب عدم تكافؤ القوى اضطر الثوار للجوء إلى كردستان إيران الديمقراطية في مهاباد عام 1945، ما جعل وجودهم هناك مشجعا على إعلانها جمهورية في العام التالي، وعند سقوطها نهاية العام 1946 خاض البارزاني حربا مع القوات العراقية والإيرانية وتمكن مع رفاقه وعددهم 500 مقاتل من اللجوء إلى الاتحاد السوفيتي، حسب 47 وثيقة غير متسلسلة ومقتضبة في محتوياتها ضمها الكتاب الذي يعد مرجعا هاما للباحثين في الشأن الكردي والعراقي وتاريخ الخليج.
وتنعقد الدورة الـ 55 من معرض القاهرة الدولي للكتاب بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، بالتجمع الخامس، في الفترة من 25 يناير الجاري إلى 6 فبراير المقبل، تحت شعار «نصنع المعرفة نصون الكلمة»، وتحل مملكة النرويج ضيف شرف، واختارت اللجنة الاستشارية العليا للمعرض عالم المصريات الدكتور سليم حسن ليكون شخصية هذه الدورة، ورائد أدب الطفل يعقوب الشاروني ليكون شخصية معرض الطفل.