5 تحديات تواجه وثيقة مصطفى مدبولى لإنهاء الأزمة الاقتصادية فى 6 سنوات
أثارت وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري، خلال الفترة الرئاسية الجديدة 2024 – 2030، حالة من الجدل الفترة الحالية، ولا سيما مع التحديات التي تشهدها مصر والمنطقة، وتحديد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، 6 سنوات لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية واستعادة مسار النمو الذي كانت عليه البلاد من قبل.
وتضم الوثيقة 8 محاور تشمل تصورًا لتطوير النمو الاقتصادي ودوره في نهضة مصر، والسياسات الاقتصادية وما تهدف إليه من دعم واستقرار للاقتصاد الكلي، ودور القطاعات الاقتصادية في قيادة النهضة، وتحقيق اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة، وحياة ترقى لطموحات المصريين.
وتتلخص الـ8 محاور التى تتحدث عنهم الوثيقة في التالي:
1- تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن داعم لنهضة الدولة المصرية يتراوح ما بين 6% إلى 8%، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز مساهمة كل من الصادرات والاستثمارات في توليد الناتج، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعم للتشغيل لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.
2- تبني سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي يستهدف تحقيق الاستقرار السعري، والانضباط المالي، ووضع الدين العام في مسارات قابلة للاستدامة، وتنفيذ برنامج لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبي بحصيلة مستهدفة 300 مليار دولار بنهاية عام 2030 بما يمثل ثلاثة أضعاف المستويات الحالية.
3- تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الداعمة لأداء القطاعات الاقتصادية القائدة لنهضة الدولة المصرية.
4- تعزيز دعائم اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة من خلال دعم دور البحث والتطوير في بناء نهضة الدولة المصرية، وتسريع وتيرة الانتقال إلى تقنيات الثورات الصناعية، والتحرك بخطى مستدامة نحو الاقتصاد الأخضر.
5- مواصلة كافة المكتسبات المحققة على صعيد القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة وتحسين مستويات معيشة المواطنين لضمان حياة ترقى لطموحات المصريين.
6- دور رائد لمصر في الاقتصاد العالمي عبر تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس، وتعزيز دور مصر في تجارة الترانزيت، ومواصلة إبرام شراكات استراتيجية دولية فاعلة.
7- تعزيز مشاركة الشباب الركيزة الأساسية للتقدم على عدد من الأصعدة.
8- دور فاعل للمصريين بالخارج في ترسيخ دعائم نهضة الدولة المصرية.
وقال المستشار محمد الحمصانى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن إعداد الوثيقة استغرق 6 أشهر من العمل، بعد سلسلة من الجلسات وورش العمل التى عقدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مع حوالى 400 من الخبراء المحليين والدوليين، لوضع أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى فى ضوء الأزمات العالمية الحالية والمتوقعة مستقبلًا.
وأضاف أنه توصلنا من خلال الوثيقة إلى 873 توصية داعمة لأداء الاقتصاد المصرى، تمهيدًا لطرحها أمام جلسات الحوار الوطنى، بما يحقق أكبر توافق مجتمعى حول سياسات وآليات تنفيذ مستهدفات الوثيقة خلال السنوات 6 المقبلة، وبما يتفق فى الوقت نفسه مع الأهداف طويلة المدى ضمن استراتيجية مصر للتنمية المستدامة «مصر 2030».
وأشار المتحدث باسم مجلس الوزراء، إلى أن الوثيقة هى جهد بحثى يستهدف تحقيق بعض المستهدفات الواردة بتلك الرؤية بما يدعم الخطط التنموية للدولة المصرية.
وأوضح أن الوثيقة حددت 8 توجهات استراتيجية مقترحة لتحقيق الإصلاحات المطلوبة على صعيد النمو والاستثمار والتصدير وغيرها، وذلك بعد إجراء دراسات تحليلية لمسارات الاقتصاد المصرى خلال 40 عامًا، مضيفًا أن النقاش حول بنود الوثيقة والتأكد من توافقها الكامل مع رؤية مصر 2030 ضمن جلسات الحوار الوطنى سيعزز من صدورها فى شكلها النهائي.
ويرى خبراء، أن هناك شروطا لنجاح الوثيقة تتمثل في استقرار الأوضاع الداخلية والخارجية، وانتهاء الصراعات القائمة في السودان، والحرب في غزة، بخلاف ما تشهده ليبيا واليمن وروسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى وجود بعض البنود التي تحتاج إلى شرح وتفسير حول طريقة التنفيذ وموعد التطبيق.
تحديات عالمية
وفي هذا السياق، قال الدكتور عادل إبراهيم عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إن القيادة السياسية الحالية تمتاز بالدراسات الحقيقية والتي تستطيع إدارتها وتطبيقها على أرض الواقع بخلاف العصور الماضية.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا لا يمنع حدوث نسب من المخاطر والتي لا يتوقعها أحد مثل ما يحدث من أزمات عالمية وصراعات داخلية وخارجية بين الدول.
وأشار «عامر»، إلى أن حدوث مثل هذه الأزمات يعرقل تطبيق بعض المخططات والمشروعات، لذلك سيكون هناك تحديات عالمية أمام تنفيذ الوثيقة.
وحول احتياج مصر لـ6 سنوات لعبور الأزمة الاقتصادية الحالية، أوضح الخبير، أنه بالفعل الدولة تحتاج إلى فترة من الزمن لتغيير سياستها التي اتبعتها، خلال السنوات الماضية، والابتعاد عن القروض والمعونات، والاعتماد على المواد بالدولة وتشغيلها وزيادة الإنتاج وإحلال المنتج المحلي بدلًا من المستورد، متابعًا: «هذا أمر يحتاج إلى 6 سنوات على الأقل للتنفيذ».
سلبيات الوثيقة
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، إنه يحسب للدولة طرح وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري؛ لأنه يعتبر إلزام منها أمام الرأي العام، وتحاسب عليه الحكومة بعد 6 سنوات، لافتًا إلى أن جميع الشعب المصري يتمنى تحقيق ما يوجد في الوثيقة.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الأهم من استهداف الحكومة معدل نمو يقترب من 6% إلى 8% داخل الوثيقة، هو أن يكون المكون لمعدلات نمو قطاع الزراعة والصناعة فيما يصل مساهمتهم إلى 50% في هذا النمو.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن الجزء الثاني الخاص بالوثيقة هو تعظيم موارد مصر الدولارية من مصادرها الـ5 (السياحة والصادرات والاستثمار وقناة السويس والمصريين في الخارج)، لكن الأمر يؤثر فيه العوامل الخارجية، مثل هجمات الحوثيين في اليمن على سفن في البحر الأحمر وأعقبها العمليات العسكرية لأمريكا وبريطانيا وهو الأمر الذي أثر على إيرادات قناة السويس وانخفضت بنسبة 40% بداية العام الجاري.
وتابع: «بخلاف الصادرات والتى تعتمد على فائض الإنتاج في السوق المحلي، وفي ظل ما نشهده من عجز في السلع الأساسية، كما أن الرهان في التصدير ليس في السلع الزراعية ولكن السلع الصناعية».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الوثيقة تتحدث عن استهداف الحكومة لمتحصلات من النقد الأجنبي يقدر بقيمة 300 مليار دولار، وهو رقم ضخم ويرتبط تحقيقه بالعوامل الداخلية والخارجية أيضًا.
ووصل: «أما بالنسبة للسياحة فالإيرادات وارتفاعها مرتبط ارتباطا كاملا بالوضع العالمي وتحديات مصر توضع فيها، ولكن ما تحدثت عنه الوثيقة من انخفاض معدلات البطالة والتضخم أمر جيد».
وأكد أن هناك بعض السلبيات حول الوثيقة منها إنشاء صندوق لمدخرات المصريين في الخارج، دون ذكر طريقة التنفيذ أو كيفيتها وموعده والمشرفين عليه، متابعًا: «وهي تفاصيل يجب التحرك عليها بشكل سريع فنحن لا نملك رفاهية الوقت».
وحول استطاعة الحكومة حل أزمة الاقتصاد، خلال 6 سنوات، لفت إلى أنه بالرغم مما تشهده مصر من صدمات خلال الوقت الحالي، إلا أنه مع وجود إرادة حقيقية والاستعانة بخبراء كفء بجانب التنسيق بين جميع مؤسسات الدولة سنعبر الأزمات في أقل من ذلك، قائلًا: «الدولة لديها كثير من الموارد وتحتاج إلى قرارات سريعة وخطوات على أرض الواقع».