رئيس التحرير
خالد مهران

بالمستندات.. الفساد يلتهم ملايين الجنيهات من أموال جمعيات تنمية المجتمع

وزيرة التضامن الاجتماعي
وزيرة التضامن الاجتماعي

تشغيل أموال جمعيات تنمية المجتمع فى مشروعات كبرى  لصالح أعضاء مجلس الإدارة  

عدم علم «التضامن» بأصول بعض الجمعيات لعدم تقديم ميزانياتها لسنوات طويلة 

تحكم أبناء ونساء الإخوان فى إدارة 100 مليون جنيه بـ«جمعية تنمية المجتمع ببلبيس»

ضياع 1.300 مليون جنيه من منحة الاتحاد الأوروبى لدعم مبادرة تشغيل الشباب فى الشرقية 

مجلس إدارة «جمعية تنمية المجتمع بلبيس» يسيطر على 10 مشروعات استثمارية كبرى 

 

لا ينكر أحد الدور الكبير الذي تقوم به جمعيات تنمية المجتمع التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي في تقديم أنشطة متنوعة تفيد المجتمع، خاصة في ظل تنوع مجالات العمل لتلك الجمعيات مثل التنمية الاقتصادية والمساعدات الاجتماعية والخدمات التعليمية والصحية والثقافية وحماية البيئة والحفاظ عليها ورعاية الأسرة والطفولة والأمومة، إلا أن هذا الدور الكبير يواجه مجموعة من الأزمات بسبب عمليات الفساد التي تتعرض لها عدد من جمعيات تنمية المجتمع.

ومما يعكس خطورة المشكلة أن بعض الجمعية منهوبة بفضل عمليات الفساد ذات رأسمال ضخم يتجاوز مئات الملايين من الجنيهات معظمها مجموع من خلال التبرعات والهبات والوصايا والهدايا والمعونات والإعانات الحكومية، الأمر الذي يتطلب فرض رقابة حقيقية من وزارة التضامن على تلك الجمعيات التي وصلت لنحو 35 ألف جمعية أهلية على مستوى الجمهورية.

وبحسب مستندات -حصلت «النبأ» على نسخة منها-، فإن من مظاهر الفساد داخل جمعيات تنمية المجتمع، عدم بسط وزارة التضامن الاجتماعي كامل رقابتها على أموال بعض الجمعيات بالرغم من أن تلك الأموال تصل إلى ملايين الجنيهات، ومنها أيضًا تحكم مجلس إدارة بعض الجمعيات في أموال تلك الجمعيات وعدم تقديم ميزانيات لسنوات طويلة لمديريات التضامن الاجتماعي، فضلًا عن عدم تغيير مجلس الإدارة لسنوات طويلة، الأمر الذي يؤدي إلى تحكم أشخاص بعينهم في أموال جمعيات المجتمعات المدني. 

ووفقًا للمستندات، فقد تبيّن إدخال أموال بعض الجمعيات في مشروعات كبيرة، لكن دون تمكن مديريات التضامن من حصر إيرادات ومصروفات تلك المشروعات بشكل حقيقي؛ نظرًا لعدم قيد تلك الإيرادات والمصروفات بشكل تفصيلي في مستندات دفترية لدى تلك الجمعيات.

وكشفت المستندات عن بعض الجمعيات التي تعرضت لوقائع فساد، لعل أبرزها «جمعية تنمية المجتمع ببلبيس» بالشرقية، حيث كشفت مذكرة مقدمة إلى وزيرة التضامن الاجتماعي أن تلك الجمعية مقامة على أكثر من 4 آلاف متر مربع وسط مدينة بلبيس، وتجاوز رأس مالها 100 مليون جنيه، وأن الجمعية لها نحو 10 مشروعات كبرى لم تخدم المجتمع في أي شيء بسبب سيطرة مجلس الإدارة عليها لأكثر من 13 عامًا، مع العلم بأن تلك المشروعات لم يستفد بها المجتمع في بلبيس لبراعة مجلس الإدارة في ألاعيب ترتيب الأوراق والتسويات المالية والإدارية مع مديرية التضامن بالشرقية لتحقيق مصالح مشتركة.

وفجرت المذكرة المقدمة لوزيرة التضامن مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن رئيس مجلس إدارة الجمعية موجود في الجمعية منذ أكثر من 15 سنة، ونظرًا لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين تم استبعاده أمنيًا مرتين في انتخابات مجلس إدارة الجمعية الأخيرة، حيث كان يستغل الجمعية في الأعوام السابقة لصالح الإخوان، وكان يضم أكثر أعضاء الجمعية من رجال ونساء الإخوان من أجل السيطرة على مجلس إدارة الجمعية ومن ثم السيطرة على أموالها ومشروعاتها.

وطالبت المذكرة بمراجعة حساب الجمعية، خلال السنوات السابقة حتى الآن، والاطلاع على عقود الإيجار التي أبرمتها الجمعية ومدى قانونيتها، والاطلاع على حساب الجمعية بالبنوك والإيداع والصرف، والاطلاع على تقرير مراقب حسابات الجمعية، الأمر الذي دفع وزيرة التضامن إلى طلب تقرير مفصل حول فحص الجمعية ومخالفاتها.

وكشف تقرير لجنة الفحص الموقع من مدير مديرية التضامن بالشرقية، عن مجموعة من المخالفات التي شابت أعمال الجمعية، من ضمنها مخالفات إبرام عقود الإيجار، حيث تبيّن قيام مجلس إدارة الجمعية بتحرير عقود إيجار طويلة الأمد لأكثر من 3 سنوات دون موافقة الجمعية العمومية.  

وأضاف التقرير، أنه تبيّن عدم قيام الجمعية بتشكيل اللجان الخاصة اللازمة لإتمام عمليات المزاد الخاصة بالتأجير، بل اكتفت بتكليف 3 أعضاء من مجلس الإدارة للقيام بجميع الإجراءات للمزاد دون إشراك أعضاء الجمعية العمومية في اللجان، مما يسوده الشبهة في الإجراءات التي تمت.

وأشار التقرير، إلى قيام عزت راضي مستأجر بوفية حديقة الطفل والأسرة التابعة للجمعية، عن الفترة من 1/4/2022 حتى 30/5/2025 بفسخ التعاقد، ولم تقم الجمعية بتحصيل الشرط الجزائي طبقًا للبند رقم (22) من العقد، ويتحمله رئيس مجلس الإدارة  وأمين الصندوق والأمين العام، باعتبارهم اللجنة الخاصة بالتأجير.

وبحسب التقرير، تبين صرف مبالغ مالية للمدعو «إبراهيم الشاهد»  نظير عمله بالعيادات، بالمخالفة للمادة (39) لقانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لسنة 2019، حيث إن المذكور عضو من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، ولا يحق له العمل وتقاضي أجر من مشروعات الجمعية.

ووفقًا للتقرير، تبيّن وجود مخالفات بالمشغل الخاص بالجمعية، حيث تبين عدم قيام مجلس الإدارة باتخاذ اللازم نحو تسليم عهد ومعدات المشغل المتوقف لإدارة الأسر المنتجة بالمديرية.

الغريب في الأمر، أن تقرير مديرية التضامن بالشرقية تجاهل مخالفات مالية كبيرة تخص جمعية تنمية المجتمع ببلبيس، وعلى رأسها مبالغ 1.300 مليون جنيه قيمة منحة الاتحاد الأوروبي لتمويل المشروعات البيئية، حيث دخلت هذه المبالغ الجمعية وخرجت دون أن يعلم أحد عنها أي شيء، بعد أن تم عمل المشروع في قرية كفر أيوب بدلًا من بلبيس، والاستعانة بكشوف أسماء وهمية ضمنت نحو 77 أسمًا تحت مسمى تشغيلهم في المشروع، حسب تأكيدات أعضاء بالجمعية العمومية.

كما تجاهل التقرير الأصول والتبرعات التي جاءت للجمعية، لكن مجلس الإدارية لم يتم إدراجها في ضمن أصول الجمعية، الأمر الذي يهدد بضياع أصول وتبرعات الجمعية، ومن تلك الأصول منزل بمساحة 100 متر بناحية العدلية مركز بلبيس الذي تبرعت به  السيدة «زينب صقر» للجمعية، لكن لم يتم إدراجه ضمن أصول الجمعية.

وفي الختام تؤكد «النبأ» أنها لا تسيء لأحد ولا تسعى لصنع عداوات مع الجهات المذكورة، ولكنها في الوقت نفسه تمارس دورها المهم في تغطية الأحداث في كل القطاعات على مستوى الجمهورية، في إطار دور الجريدة وصحفييها في كشف الحقائق، وتنتظر الجريدة أي رد إعمالًا بأن حق الرد مكفول بالقانون.

 الفساد يلتهم ملايين الجنيهات من أموال جمعيات تنمية المجتمع
 الفساد يلتهم ملايين الجنيهات من أموال جمعيات تنمية المجتمع
 الفساد يلتهم ملايين الجنيهات من أموال جمعيات تنمية المجتمع