نصيحة على جمعة لقبول القضاء والقدر
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن التوكل الحقيقي على الله أن تترك مرادك لله، أي ترضى وتسلم بما فعل الله فيك، فمن علامات النجاح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات يعني إذا صحت، فالله تعالى شديد المحال يعني شديد القدرة، فالحول معناه أنه قادر أن يفعل من جميع الجهات وهذا لا يكون إلا لله تعالى.
فالقدرة من كل جهة هي معنى الحول، فالله قادر أن يفعل من كل جهة وأنت لا تستطيع أن تفعل من أي جهة، لأنه هو وجود محض واجد لا ينعدم، فهو باق ولا يفنى، وأنه لا بداية له فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت بخلافه فأنت حادث وفاني وتحتاج إلى غيرك، ومن عرف نفسه يعني بالاحتياج والتقصير والقصور عرف ربه بالكمال، ومن عرف نفسه بالضعف عرف ربه بالحول وهكذا.
فمن علامات النجاح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات، فإذا كنت في بداية طريقك قد أرجعت نفسك إلى الله ورجعت إليه؛ فإن هذا يبشر بأن الله سوف يفيض عليك من أنواره ويكشف لك من أسراره ما تستطيع أن تختم به حياتك ختامًا حسنًا.
والذي يختم في الحقيقة هو الله ولكن هذه بشرى إذا كنت قد حفظت نفسك في الصغر حفظ الله عليك جوارحك في الكبر، وإذا كنت قد حفظت خاطرك وقلبك في الصغر فإن الله يملئه نورًا في الكبر، وإذا كنت قد عمرت أوقاتك وأنت صغير وفي البداية في طاعة الله فإنه يعمر أوقاتك وأفعالك بطاعته في النهاية.
فالعلامة لا تربط بين الشيء وبين ما يترتب عليه إنما هو ظاهرة علامة يعني مرسل وليس دليل قاطع وبرهان لا تتخلف أبدًا،لا قد تتخلف ولذلك هذه وإن كنا نستبشر بها إلا أن هذا الاستبشار لا يصل بك إلى أن تأمن مكر الله على حد كلام سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: "لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها، ما أمنت مكر الله"، فيجب على الإنسان أن يكون عاقلًا والعاقل خصيم نفسه.