هشام زكي يكتب: لعلنا نتعلم!!!
عشية المؤتمر السنوي لمجلس الشعب الروسي العالمي المنعقد في الكرملين، شهر نوفمبر 2023، طرح الفيلسوف وعالم الاجتماع والسياسي الشهير.
ألكسندر دوغين مفهوم العالم الروسي، وارتباط هذا المفهوم بانهيار العالم، وراح الكسندر دوغين يشرح وجه نظرة حول العالم الروسي معتمدا على الحضارة والتاريخ والثقافة والفنون، وقدرة الدولة على استيعاب الأعراق والإثنيات الأخرى لتصبح شعبا يشمل جميع الطبقات والفئات، بما فيهم الأسلاف الشرقيين، والروس الغربيين (البيلاروس، وروسيا الصغرى) وكافة المجموعات العرقية غير السلافية التي شكلت الإمبراطورية الروسية بداية القرن الثامن عشر، مؤكدا إن هذا النسيج الشعبي وما يحمل من موروث هو القوة العظمى التي تواجهه بها روسيا حاليا أعدائها الذين يحاولون النيل من سيادتها ومكانتها العالمية.
ولعلنا نلحظ هنا إن فلسفة الكسندر دوغين العالم الروسي لم تعتمد على القوة العسكرية التي تمتلكها روسيا التقليدية والنووية، ولم تعتمد على مكانتها العالمية والاقتصادية وموقعها في العالم، إنما اعتمدت على الإنسان صانع الحضارة وصانع المعجزات، وبالتالي ليس من المستغرب أن يلتهم الدب الروسي ١/٥ أوكرانيا بعد عامين من حرب لا يواجه فيها الدب دولة واحدة وإنما يواجه عداءً دوليًا من أكثر من نصف دول الكرة الأرضية بعدتهم وعدادهم وألاعيبهم وحصارهم، ومع ذلك يسير الدُب الروسي بخطى ثابتة لتحقيق هدفه الأمني غير آبه بما يدور حوله من مؤامرات.
الإنسان هو اللبنة الأساسية والرقم الثابت في معادلة النجاح، وهو المقياس الحقيقي للحضارات واستمرارها، وهذا ما أدركته الدول المتقدمة التي استوعبت إن ثروتها الحقيقية وتقدمها وازدهارها مرتبط ارتباطا وثيقا بتأهيل الإنسان التأهيل الروحي والنفسي أو بمعنى أخر التأهيل المعنوي الصحيح الذي يؤهله بدوره إلى استيعاب التاهيل العلمي والثقافي، ومن ثمَ التأهيل والتنشئة الاجتماعية القويمة.
إننا لا نخترع العجلة عندما نطالب ان يكون الإنسان هو محور اهتمام الدولة، ولا نخترع العجلة عندما نطالب بالبناء في البشر وليس البناء في الحجر، لا نخترع العجلة عندما نطالب بمنظومة تعليمية متكاملة تعتمد على إستراتيجية واضحة المعالم تضع في أولوياتها احتياجات سوق العمل الحقيقية، مثلنا مثل الدول المتقدمة التي لا تتغير فيها المنظومة التعليمية بتغيير وزير أو حكومة، ولا نخترع العجلة عندما نُطالب بمنظومة صحية متكاملة وخطط خمسيه أو عشرينيه أو غير ذلك من السنين على إن يتم تنفيذها بعيدا عن متغيرات السوق ومتغيرات التصدير والاستيراد، وايضًا لا نخترع العجلة عندما نطالب ببرامج تعيدنا إلى مركزنا الطبيعي بين الأمم.