مصير المواد المخدرة المضبوطة على ذمة قضايا تهريب وتجارة الكيف فى مصر
تعد «الأحراز» أقوى دليل لإثبات أو نفى التهم عن مرتكبي الجرائم، فهي «روح القضية» والتاريخ الأسود للمتهم، الذي يلازمه لسنوات طويلة، بالأحراز تبدأ القضية رحلتها منذ لحظة الضبط، حتى وصولها إلى أخر مراحل التقاضي أمام محكمة النقض، وبدونها تصبح القضية في إطار العدم، وباختفائها تتعرض الجهة المسئولة عن تأمينها للمساءلة القانونية، لذا يطلق عليها «روح القضية»، حيث تختلف الأحراز حسب طبيعة كل قضية والجهة المختصة بضبطها.
طرق التخلص من المواد المخدرة المتحفظ عليها من عمليات التهريب والاتجار
وفي هذا الصدد، تسلط «النبأ الوطني» الضوء على أحراز المواد المخدرة المتحفظ عليها من عمليات التهريب والاتجار، خاصة أن القاعدة تكشف أن المخدرات بأنواعها يتم مصادرتها وإعدامها، وهو الأمر الذي يثير تساؤلًا حول كيف يتم التخلص من المواد المخدرة وفقًا للقانون؟، وأين أماكن إعدامها؟ وهل هناك أضرارًا بيئية من طريقة إعدامها؟، وما هو مصير بعض الأنواع التي تعود بالنفع والفائدة على الدولة مثل: الأفيون والعقاقير المثبتة بجدول المخدرات؟.
في البداية، المواد المخدرة التي يتم ضبطها تظل تحت سلطة النيابة العامة حتى يصدر حكم نهائي بعد استنفاذ جميع درجات التقاضي وصولًا لمحكمة النقض، ويتم التفتيش عليها من حين لآخر، بجانب أنها تكون تحت إشراف النيابة العامة وصولًا إلى التخلص منها بإعدامها في محرقة خاصة، حسب الدكتورة صابرين أحمد مصطفى، المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة.
وتقول «صابرين»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إن القانون حدد خطوات للتخلص من أحراز المواد المخدرة بداية من ضبطها والتحفظ عليها في مخازن خاصة تتبع النيابة العامة، وتظل طوال فترة نظر القضية، وتتولى خدمات أمنية مسؤولية حراستها وتكون في عهدة تلك الخدمات وأمناء المخازن وبإشراف مباشر من النيابة المختصة، وألزم القانون النيابة العامة بالقيام بالتفتيش على الأحراز الموجودة بمخازن محرقة المخدرات بالإسكندرية، حتى يجرى إصدار حكم نهائي من المحكمة.
وتوضح أن عملية نقل الأحراز المضبوطة تمر بداية من ضبطها وحتى إعدامها بعدة مراحل يحكمها القانون، حيث ترسل المواد المخدرة من الأجهزة الأمنية للنيابة العامة محرزة بمعرفة أحد مأموري الضبط القضائي، ثم تقوم النيابة بفض الأختام الموضوعة عليها في حضور المتهم أو وكيله، وترسل إلى إدارة المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي لفحصها وتحليلها بعد إثباتها في المحضر ومعرفة أوصافها ونوعها ووزنها.
وتشير المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إلى أن المادة رقم 481 من قانون مكافحة المخدرات تنص على أنه إذا وردت المواد المخدرة المضبوطة للنيابة محرزة بمعرفة أحد مأموري الضبط القضائي، فعلى عضو النيابة أن يفض الأختام الموضوعة عليها، بحضور المتهم أو وكيله ثم يعيد تحريزها ويثبت ذلك في المحضر، وعند إرسال عينة للكشف عليها، فيجب أن لا يزيد وزنها على 10 جرامات، ويتم إرسالها إلى الطب الشرعي، وتقوم مصلحة الطب الشرعي بحفظ متخلفات تحليل المواد المخدرة بمخازنها إلى أن يتم التصرف في القضية، أو الفصل فيها نهائيا ويثبت ذلك كله بالمحضر، والغرض من التحليل هو معرفة نوع المادة.
وفيما يخص إعدام المخدرات المضبوطة، يقول اللواء رأفت الشرقاوي، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، إنه يتم تشكيل لجنة للإعدام تضم رئيس نيابة، ولواء شرطة، ومسؤولا عن مخازن الأحراز، بعد ذلك تنقل إلى المخزن العام في ميناء الإسكندرية، ويتم إعدامها حرقا في أفران خاصة، بعد جردها والتأكد من مطابقتها للبيانات المثبتة في محاضر التسليم والتسلم سواء كانت بانجو أو حشيش.
ويؤكد مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، في تصريحات خاصة لـ«النبأ الوطني»، أن المخدرات المضبوطة تنقسم إلى أقراص مخدرة وحشيش، والأقراص يتم تخزينها بمخازن التموين الطبي التابعة لوزارة الصحة بالعباسية، والنيابة العامة هي صاحبة التصرف فيها، حتى يتم إحالة القضية للمحكمة، فينتقل إلى تصرف المحكمة حتى الفصل في القضية.
ويكمل: بينما يتم إعدام الصنف الثاني من المواد المخدرة والذي يتمثل في (جوهر الحشيش) في غرفة مخصصة، تسمى (غرفة إعدام المخدرات)، والتي تكون في الغالب موجودة بأماكن بعيدة عن الكتلة السكنية، وترسل الأحراز سواء (البانجو أو الحشيش) إلى إدارة مكافحة المخدرات، ثم تعاود إرسالها إلى مخازن (المحرقة) بمصلحة الجمارك بالإسكندرية للتحفظ عليها حتى تخطر النيابة العامة المصلحة بإعدامها في أفران خاصة بالتخلص منها بعد إصدار حكم نهائي في القضية، بعد جردها والتأكد من مطابقتها للبيانات المثبتة في محاضر التسليم والتسلم.
واستطرد قائلًا: أما «الأفيون» المضبوط في قضايا المخدرات فإنه يرسل إلى وزارة الصحة لاستخراج بعض المشتقات منه وإدخالها في صناعة الأدوية، خصوصًا مسكنات الألم ونفس الشيء بالنسبة للأدوية والعقاقير المدرجة في جداول المخدرات بعد التأكد من صلاحيتها.
ويشير «الشرقاوي»، إلى أن المخدرات المضبوطة يتم التعامل معها بصورة مختلفة، فإذا كانت كميات كبيرة يتم أخذ عينات منها بواسطة الطب الشرعي والاحتفاظ بباقي الكمية، فيتم حفظها في مخازن خاصة بالأحراز موجودة في أقسام الشرطة، ولا يمكن التصرف فيها إلا بناء على قرار من النيابة العامة، حيث خصص القانون بابا بأكمله تحت عنوان "طرق التخلص من المضبوطات" حدده من المادة "481:487"، تتضمن أنه بالنسبة للمواد المخدرة بكافة أنواعها، يتم حفظها في مخازن خاصة تحت تصرف النيابة العامة والمحاكم المختلفة، وبحراسة من الشرطة لحين انتهاء القضايا الخاصة بها بصدور حكم نهائي وبات، بعدها تصدر النيابة العامة أو المحكمة المختصة قرارا بإعدام المواد المخدرة الخاصة بتلك لقضايا.
ويوضح أنه بعد حصر وتدقيق المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الخطرة المضبوطة أو الصادر بإعدامها أحكام قضائية نهائية، يجري إعدام المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الخطرة، بإشراف اللجنة عن طريق إحدى شركات معالجة النفايات، أو بأي طريقة أخرى مناسبة، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية قد أنشأت إدارة مختصة لمكافحة المخدرات، منذ عام 1929، لتكون سباقة دون غيرها فى هذا المجال بل وأبرمت اتفاقيات ثنائية مع معظم الدول المعنية لمكافحة تلك الجريمة الآثمة التى تضر بالوطن والمواطنين، ويتم التركيز فيها على الشباب عماد أى أمة للقضاء عليها.
ويرى أن هذا النوع من الجرائم يعد من قبيل الجرائم المنظمة التي تخترق حدود الدول وتسعى إلى تدميرها بكافة الأنواع سواء المخدرات الطبيعة التي ترد من خارج البلاد أو من خلال المخدرات المخلقة التى يلجأ إليها تجار المخدرات حال تجفيف المنابع عليهم، فضلًا عن أن قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته ينص على عقوبات الإعدام فى حالة الجلب أو التصدير أو الزراعة أو الاستخراج أو التصنيع أو الفصل أو إعداد بقصد الاتجار وتهيئته مكان للتعاطي بمقابل مع الغرامة من مائة ألف جنيه إلى خمسمائة ألف جنيه، والمصادرة وكذلك كل من شكل أو ألف عصابة لهذا النشاط ولو كانت فى الخارج.
ويتابع: «كما شدد القانون حالات الاتجار بقصرها على الإعدام إذا اقترن بها ظرف مشدد مثل البيع أمام الأندية والجامعات والمدارس أو المعسكرات أو السجون أو الحدائق العامة أو دور العبادة أو الأحداث أو إذا أرغم أحد على تعاطى المخدرات بطريق الغش أو التدليس، وقد أعطى قانون العقوبات للقاضي سلطة التخفيف فى حالات التعاطى؛ حرصا على ظروفه الاجتماعية والأسرية ولتمهيد الطريق له بالإقلاع عن هذه الجريمة حفاظا على نفسه وأسرته ووطنه ليصبح عنصرا فعالا، وليس عالة على المجتمع وذويه».