اكتشاف أقدم موطأ قدم للإنسان في المملكة العربية السعودية
ترك الإنسان القديم وراءه العديد من الآثار في الكهوف بالمملكة العربية السعودية، ويقول العلماء إنه قد يكون هناك الآلاف مثله في شبه الجزيرة العربية.
وعندما توغل البشر القدماء في شبه الجزيرة العربية، وجدوا عالمًا يتميز بالصهارة، وقد اندلعت مساحات منها من البراكين، تاركة مشهدًا طبيعيًا من الحفر وتدفقات الحمم البركانية المتجمدة، والعديد من هذه الحقول البركانية التي تبدو وكأنها من عالم آخر مزينة ببقايا أثرية - من المساكن الصغيرة إلى الهياكل الضخمة التي تتجمع فيها الحيوانات والتي تسمى الطائرات الورقية - والتي يعود تاريخها إلى آلاف السنين.
ولا يُعرف سوى القليل عن هويات وحياة هؤلاء البشر، ولكن دراسة نشرت يوم الأربعاء في مجلة PLOS One كشفت أن احتلالهم لهذا العالم البركاني امتد تحت الأرض، حيث اكتشف علماء الآثار في موقع شمال غرب المملكة العربية السعودية أنبوب الحمم البركانية، وهي بقايا جوفية مجوفة بشكل طبيعي لتدفق الحمم البركانية.
منطقة أم جرسان السعودية
وفي منطقة الحمم المسمى أم جرسان، والأول الذي يتم التنقيب عنه في المملكة العربية السعودية، اكتشفوا شظايا أدوات حجرية وبقايا حيوانات وعظام بشرية، يبلغ عمر أقدمها ما يقرب من 7000 عام.
وقال ماثيو ستيوارت، عالم الحفريات بجامعة جريفيث في أستراليا وأحد مؤلفي الدراسة: "هذا في الواقع أول دليل واضح على وجود أشخاص يسكنون هذه الكهوف".
ويبلغ إجمالي طول أنفاق أم جرسان حوالي 5000 قدم، ولم يتم فحص سوى أجزاء صغيرة منها، بدلًا من أن يكون موطنًا دائمًا، ربما استخدم البشر الأوائل هذا الكهف البركاني كمحطة على الطريق أثناء الهجرات بين الواحات. وقال الدكتور ستيوارت: "كانت أم جرسان توفر مكانًا جميلًا للجوء" من الظروف المناخية المتغيرة في كثير من الأحيان.
وقال الدكتور ستيوارت إنه مع وجود الآلاف من الكهوف البركانية الإضافية مثل أم جرسان في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، حيث تظهر الدراسة الجديدة أنها "تحمل وعدًا كبيرًا" لفهم هجرة البشر الأوائل.
وكانت شبه الجزيرة العربية موقعًا للهجرة البشرية والاحتلال لمئات الآلاف من السنين، وفي استطلاعات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة، رصد العلماء الملايين من المعالم الأثرية (مثل المواقد على ضفاف البحيرة) والهياكل (مثل المقابر ومواقع تجمع الطقوس) التي تركها هؤلاء الناس وراءهم.
وقالت ميليسا كينيدي، عالمة الآثار في جامعة سيدني والتي لم تشارك في العمل الجديد: "فيما يتعلق بالبراكين نفسها، هناك علم آثار"، حيث يعود تاريخ العديد من هذه المواقع إلى الأوقات التي كانت فيها الأدوات الحجرية رائجة.
ولا يزال توقيت وطبيعة المهن المختلفة في المنطقة غير مفهومة جيدًا، وإحدى المشكلات هي أن حرارة الصحراء والرياح تؤدي إلى تدهور العظام والمواد العضوية الأخرى، ولكن الجيولوجيين السعوديين، الذين رسموا خرائط شاملة لأنابيب الحمم البركانية في بلادهم، لاحظوا وجود بقايا أثرية، مما يشير إلى أن هذه الكهوف قد تحافظ بشكل أفضل على المواد الهشة.