هشام زكي يكتب: الصناعة مطلب اقتصادي
تشير التقارير الاقتصادية حول آفاق الاقتصاد العالمي إلى أن شركات السيارات العالمية وفي مقدمتها شركة تسلا تعاني من الصعود المتزايد لشركات مركبات الطاقة الجديدة، بما في ذلك السيارات الكهربائية والهجينة الصينية، والمتوقع نموها بنسبة ٢،٣ مليون سيارة بنهاية العام الحالي وبداية عام ٢٠٢٥، ذلك النمو الذي تقوده شركات مثل "بي واى دي"، و"أيتو"، و"لي أتو"، وهي الشركات المعنية بصناعة السيارات الكهربائية الصينية.
وتشير التقارير إلى أن هذا النمو يعني خسارة شركات صناعة السيارات الأمريكية والأوروبية حصتها السوقية، الأمر الذي استدعى تدخل سريع من ماما أمريكا التي أرسلت وزير خارجيتها أنتوني بلينكن في زيارة عاجلة إلى الصين للاجتماع مع نظيره الصيني "وانغ يي"، وتعد هذه الزيارة الثانية للوزير بلينكن إلى الصين خلال عام واحد.
وركزت الزيارة بشكل مباشر على النمو المتصاعد لصناعة السيارات الكهربائية وبالتالي نمو الاقتصاد الصيني بما في ذلك العملة الصينية، وتطرقت الزيارة على استحياء إلى بعض القضايا العالقة بين العملاق الصيني والولايات المتحدة الاميركية وحلفائها في القارة الاوروبية، وفي مقدمتها رفض ماما أمريكا التام لمحاولات ضم جزيرة تايون، إلى جانب دعم الصين اللامحدود لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهنا نلحظ إن السياسة جاءت في المقام التالي بعد الاقتصاد، فالاقتصاد ثم الاقتصاد هو المحرك الأول والرئيس للعلاقات الدولية، والمكون الاكثر اهمية من السياسة في العلاقات بين الدول.
ولأن من الطبيعي أن يستفيد الإنسان من تجارب الآخرين، ويستفيد مجتمع.
من الآخر علينا أن نقف نظرة تأمل لمساعي الدول الكبرى للحفاظ على اقتصادها ونموه، وكيف يمكن لتلك الدول أن تجيش الجيوش (السياسية، والعسكرية) للدفاع عن الاقتصاد وقاطرته الصناعية، علينا أن نتعلم من تلك التجارب ونسعى لبناء قلاع صناعية حقيقية تساهم في توطين التكنولوجيا وزيادة الإنتاج، وفي إيجاد فرص عمل لأجيال وأجيال في ظل العدد الهائل من الشباب الذي يصل لنحو ٣٠ مليون شاب في سن العمل، ولعلنا نتعلم أيضا ضرورة الحفاظ على المكتسبات الصناعية التي كانت تاج مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كمصانع الحديد والصلب في التبين وحلوان، ومصنع النصر للسيارات وغير ذلك من المصانع التي احتاجت في حقبة سياسية معينة إلى مزيد من الاهتمام من الدولة للاستمرار في قيادة قاطرة الصناعة، بدلا من اهمالها لسنوات طويلة مما أدى إلى إيقاف خطوط الإنتاج، مثلما حدث مع شركة النصر للسيارات التي زودت السوق المصري بسيارات مثل الشاهين، والنصر، وريجاتا، ولاقت تلك السيارات اقبالًا كبيرا من المصريين خاصة بعدما وفرت شركة النصر للسيارات قطع الغيار اللازمة لتلك السيارات.