في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة شيخ الأزهر عبد الحليم محمود
تحتفل الطرق الصوفية وبالتحديد في اليوم الثاني عشر، الذكرى الـ 114 على ميلاد شيخ الأزهر الأسبق وأبو العارفين الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود، حيث حرص كبار علماء الأزهر ومحبيه، أمس الجمعة، على إحياء الذكرى من مسجده بمحافظة الشرقية.
وفي السطور التالية، نرصد محطات في مسيرة أبو العارفين:
و "أبو العارفين"، أمر عرف به الصوفية الإمام الأكبر عبد الحليم محمود وهو عندهم رائد مدرسة الفكر الإسلامي والتصوف في العصر الحديث، فالتصوف عنده صفاء ملائكي يتطلب سلوك طريق من الإيمان والإخلاص والصفا والبحث عن الدرجات العليا في التقرب إلى الله، حيث يقول عنه: نظام الصفوة المختارة، إنه نظام هؤلاء الذين وهبهم الله حسا مرهفا، وذكاء حادا، وفطرة روحانية، وصفاء يكاد يقرب من صفاء الملائكة، وطبيعة تكاد تكون مخلوقة من نور.
وحول رحلته إلي عالم التصوف، يشير الإمام الأكبر عن نفسه بعد إعداده رسالة الدكتوراه: “بعد تردد بين هذا الموضوع أو ذاك، هداني الله - وله الحمد والمنة - إلى موضوع التصوف الإسلامي، فأعددت رسالة عن (الحارث بن أسد المحاسبي) فوجدت في جو (الحارث بن أسد المحاسبي) الهدوء النفسي، والطمأنينة الروحية، هدوء اليقين، وطمأنينة الثقة، لقد ألقى بنفسه في معترك المشاكل، التي يثيرها المبتدعون والمنحرفون، وأخذ يصارع مناقشا مجادلا، وهاديا مرشدا؛ وانتهيت من دراسة الدكتوراه، وأنا أشعر شعورا واضحا بمنهج المسلم في الحياة، وهو منهج الاتباع”.
محطات في حياة شيخ الأزهر
ولد عبد الحليم محمود في قرية أبو الحمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ= 12من مايو 1910م)، ونشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، وكان أبوه ممن تعلم بالأزهر لكنه لم يكمل دراسته فيه. بعد أن أكمل الصبي حفظ القرآن الكريم التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1351هـ=1932م) ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي في باريس، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في التصوف الإسلامي، عن الحارث المحاسبي في سنة (1359هـ= 1940م).
وبعد عودته إلى مصر عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية، وتدرج في مناصبها العلمية حتى عين عميدا للكلية سنة (1384هـ= 1964م) ثم اختير عضوا في مجمع البحوث الإسلامية، ثم أمينا عاما له، ثم اختير وكيلا للأزهر سنة (1390هـ= 1970م) ثم وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر.
وللدكتور عبد الحليم محمود أكثر من 60 مؤلفا في التصوف والفلسفة، بعضها بالفرنسية، ومن أشهر كتبه: أوربا والإسلام، والتوحيد الخالص أو الإسلام والعقل، وأسرار العبادات في الإسلام، والتفكير الفلسفي في الإسلام، والقرآن والنبي، والمدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي.
كانت حياة الدكتور عبد الحليم محمود جهادا متصلا وإحساسا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه، فلم يركن إلى اللقب الكبير الذي يحمله، أو إلى جلال المنصب الذي يتقلده، فتحرك في كل مكان يرجو فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأحس الناس فيه بقوة الإيمان وصدق النفس، فكان يقابل مقابلة الملوك والرؤساء، بل أكثر من ذلك؛ حيث كانت الجموع المحتشدة التي هرعت لاستقباله في الهند وباكستان وماليزيا وإيران والمغرب وغيرها تخرج عن حب وطواعية لا عن سوق وحشد وإرهاب.