رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يسأل: إلى متى يستمر هذا العبث بالتاريخ في البرامج التليفزيونية

النبأ

منذ الثلاثينات من القرن 20م المنصرم بدا الأديب نجيب محفوظ عقب تخرجه من كلية الآداب الجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) أولى إنتاجه الروائي الأدبي من خلال ثلاثيته التاريخية (كفاح طيبة_ رادوبيس_ عبث الاقدار) والأولى كانت ستصبح عملا دراميا تحت اسم أحمس للفنان عمرو يوسف إلا أنه لم يتم بعد أن أثيرت ضده انتقادات كثيرة
على السوشيال ميديا وعلى صفحتنا على الفيسبوك؛ والرواية الثالثة تحولت إلى مسلسل تحت اسم الاقدار فقط للفنان الراحل عزت العلايلي؛ وهذه الروايات الثلاث لاعلاقة لها بالتاريخ الحقيقي ووقائعه إلا من حيث الأسماء الرئيسة في كل رواية منها؛ ولكن ركبت عليها أحداث لاتمت للتاريخ بصلة فضلا عن إضافة شخصيات أخرى غير تاريخية   سواء اسمائها أو الأحداث الخيالية المرتبطة بها والتي لا علاقةلها  بالتاريخ من قريب أو من بعيد.

واليوم يفاجئنا الدكتور زاهى حواس برواية خرافية من هذا القبيل تحت مسمى خوفو وذات
العيون الذهبية (وهي  فلاحة مصرية) وهي الأخرى لاعلاقة لها بالتاريخ  من قريب أو من بعيد؛ ومع ذلك ربما نفاجئ بتحويلها إلى عمل درامي في رمضان القادم ويقولون لنا إنها من وحي التاريخ  وليست وثيقة تاريخية على غرار ما قيل بشأن  مسلسل الحشاشين الفاشل تاريخيابكل المقاييس العلمية والتاريخية.

فإلى متى يستمر هذا العبث بالتاريخ واحداثه ووقائعه سواء على مستوى البرامج  التليفزيونية؛ فإن من يقدمها أو تتم إستضافتهم بها  ممن لا علاقة لهم بالتاريخ اصلا فهم من المحامين (وليد فكري) والاطباء(لميس جابر _ وسيم السيسى _ خالد منتصر)  وغيرهم أمثال إبراهيم عيسى ويوسف زيدان؛  وبالتالي هل كل من يقرأ كتابا أو حتى عشرة كتب يصبح مؤرخا ومحللا تاريخيا؛؛؛ ومما زاد الطين بله كتاب الدراما  في إيران وتركيا وسوريا ومصر وغيرذلك الذين يقومون   بعمل إسقاط على الوضع الراهن أو الأحداث الجارية أو إيصال رسائل كامنة معينة  من خلال  ما يطلقون عليه اسم الدراما التاريخية؛ ولما كانت الأحداث لاترتبط بتاريخ الشخصيات الرئيسة ولا الشخصيات المضافة غير التاريخية فإن المؤلف والمخرج وصناع العمل  يقولون ان هذه الأعمال ليست تاريخية وإنما مستوحاه من التاريخ أو إنه ا من وحي التاريخ كماهو  الحال في مسلسلات يوسف وسمرقند والملحمة والمؤسس عثمان والب ارسلان وقيامة ارطغرل  وحريم السلطان وبربروس  وممالك النار والإمام الشافعي والحشاشين؛ ومن الافلام واإسلاماه والناصر صلاح الدين والرسالة والمهاجر والمصير وغير ذلك كثير.

يا سادة يا كرام  في السينما والتليفزيون  يا إما تنقلوا التاريخ كما حدث بالفعل وبالتالي تساهمون في نشر الوعي التاريخي (  العالمي أو القومى أو الوطني)   ومن ثم تكون لكم بصمة واضحة في القضاء على ظاهرة الأمية الثقافية المنتشرة في عالم اليوم ؛ أو تبتعدوا عن مثل هذه الأعمال نهائيا ما متم لاتلتزمون المصداقية التاريخية
والأمانة العلمية؛ اما إذا اردتم انتاج أعمال بغرض الإسقاط والتوجيه لاتجاه معين أو وجهة معينة فلا غبار في ذلك ما دمتم لا تذكرون اسماء شخصيات تاريخية حقيقية في العمل وهو ما نجح فيه الكتاب السوريون من خلال  أعمال  الفانتازيا التاريخية مثل البواسل والكواسر  وغيرها؛ وكذلك المصريون واخر ماشاهدناه من هذا النوع مسلسل  جودر من الف ليلة وليلة في رمضان  2024م ولم يعترض احد بل العكس استمتع الجميع بالمشاهدة والتصوير والملابس والديكور والخدع والمؤثرات السمعية البصرية المعالجات الدرامية والإخراج؛ ويرجع ذلك ببساطة إلى أن المسلسل ليس تاريخيا ولايحوي شخصيات حقيقية  فكله تأليف في تأليف وخيال في خيال؛ وعلشان كده محتاجين  تشريع ملزم يمنع العبث بالتاريخ  روائيا وإعلاميا وسينمائيا وتليفزيو نيا وإعطاء العيش لخبازينه من المؤرخين والعلماء والباحثين وليس لكل من هب ودب.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة عميد كلية آثار القاهرة سابقًا وأستاذ الحضارة الإسلامية