دراسة جديدة لماعت تكشف موقف الجامعة العربية بشأن انتشار الأسلحة
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان دراسة جديد بعنوان "دور جامعة الدول العربية في الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في المنطقة العربية.. تقييم الآليات ومجابهة التحديات".
وسلطت الدراسة فيها الضوء على تقاعس الجامعة العربية عن التصدي لظاهرة انتشار الأسلحة التقليدية في الدول العربية لا سيما في المناطق التي تعاني من النزاعات المسلحة والحروب الأهلية.
وكشفت الدراسة، عن عدم نجاح الجامعة العربية في وضع حدّ لمعاناة المدنيين الناجمة عن وصول الأسلحة إلى الأيادي الخاطئة بما في ذلك الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة وبعض الأطراف المشاركة في النزاعات المسلحة، فمن خلال الرصد والتحليل التي قامت به مؤسسة ماعت لأكثر من 2782 قرارًا صادر عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، اتضح تهميش الجامعة للقضايا المرتبطة بمكافحة انتشار الأسلحة، فمن بين هذه القرارات لم يناقش إلا 20 قرارًا موضوع الحد من انتشار الأسلحة منهم 3 قرارات بشكل مباشر و17 قرار بشكل غير مباشر.
وأشارت الدراس إلى أنه حتى وقتنا هذا لم تقدم أي مقترحات مجدية لمنع تدفق الأسلحة بشكل غير شرعي للجماعات المسلحة أو الارهابية، حيث اكتفت بالشجب والإدانة، ولم تتخذ إجراءات ملموسة تتناسب مع حجم القضية وخطورتها.
وأكدت الدراسة أن إدارة الحد من التسلح ونزع السلاح في الجامعة العربية لم تتخذ جهودًا كافية لرفع كفاءة أجهزة إنفاذ القانون داخل الدول العربية للتصدي لظاهرة انتشار الأسلحة التقليدية، حتى أن التدريبات التي قدمتها للحد من انتشار الأسلحة بشكل غير شرعي لم تشمل عدد من الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة، واقتصرت في بعض الأحيان على التدريبات المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة دون النظر إلي بعض الأنواع الأخرى والتي تستخدمها الجماعات المسلحة في المنطقة العربية، إضافة إلي نقص الدراسات والأبحاث والبيانات الصادرة عن الجامعة وعدم وجود أي قاعدة بيانات تابعة لها منشورة على الإنترنت متعلقة بحجم انتشار الأسلحة التقليدية في الدول العربية، وتقاعسها عن التواصل مع منظمات المجتمع المدني التي لها تأثير في مجالات نزع الأسلحة، الأمر الذي جعلها غير قادرة حاليا على أداء مهامها بصورة مجدية.
وفي هذا الشأن، قال أيمن عقيل الخبير الحقوقي ورئيس مؤسسة ماعت أن الجامعة العربية لم تنجح في إعداد بروتوكول عربي موحد للحد من انتشار الأسلحة في المنطقة العربية منذ العام 2013.
وأضاف عقيل أن عدم توافر البيانات والمعلومات المتعلقة بمكافحة انتشار الأسلحة التقليدية داخل الجامعة العربية فيما يتعلق بانتشار الأسلحة في المنطقة العربية يؤثر على إيجاد حلول جذرية للحد من هذه الظاهرة، فعلى سبيل المثال لم تنشر الجامعة القانون النموذجي العربي بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والمواد الخطرة، والإستراتيجية العربية لمكافحة الانتشار غير المشروع للسلاح في المنطقة العربية.
وأشار عقيل إلي عدم تعاون جامعة الدول العربية مع منظمات المجتمع المدني، حيث لا توجد آلية رسمية لمشاركة منظمات المجتمع المدني في اجتماعات الجامعة، مطالبًا بوضع مبادئ توجيهية تضمن مشاركة منظمات المجتمع المدني في جميع الأعمال المتعلقة بعمل جامعة الدول العربية في مجال الأسلحة.
من جانبه طالب محمد مختار مدير وحدة القانون الدولي الإنساني بمؤسسة ماعت إدارة الحد من التسلح ونزع الأسلحة في جامعة الدول العربية بضرورة وجود منصة إلكترونية تتضمن المعلومات المتعلقة بتجارة الأسلحة في المنطقة العربية، على أن تتضمن تلك المنصة المعلومات عن حجم الأسلحة غير المشروع في الدول العربية، وكذلك معلومات عن مخازن الأسلحة المسروقة وأماكن انتشارها، وأهم التيارات الإرهابية التي تمتلك الأسلحة في المنطقة العربية.
في الأخير قدمت الدراسة رؤية إصلاحية لتعزيز دور جامعة الدول العربية في الحد من انتشار الأسلحة في المنطقة العربية، من بينها: ضرورة إصلاح الإطار المؤسسي والقانوني للجامعة العربية فيما يخص قضايا الحد من انتشار الأسلحة التقليدية، وذلك ليشمل عدد من المرتكزات في طليعتها ضرورة وجود مبادئ توجيهية وصكوك وقرارات وقوانين إقليمية عربية متعلقة بمكافحة انتشار الأسلحة التقليدية، على أن تتضمن تلك القوانين كافة جوانب الظاهرة، مع تعزيز التواصل مع أصحاب المصلحة المؤثرين في مجال نزع الأسلحة لا سيما منظمات المجتمع المدني، وبناء قدرات الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بمجالات نزع الأسلحة والحد من التسلح على نحو متساوي، مع ضرورة وجود بيانات ومعلومات عن حجم تجارة الأسلحة وتداولها مع مختلف الجهات، وضمان التنفيذ الفعال للاتفاقيات المتعلقة بنزع الأسلحة على المستوى العالمي، ويتطلب ذلك إدخال تعديلات في إطار عمل الآليات المسؤولة عن الحد من انتشار الأسلحة التقليدية في جامعة الدول العربية، على وجه التحديد إدارة الحد من التسلح ونزع السلاح داخل قطاع الشؤون السياسية الدولية في الجامعة، ومجلس الجامعة على مستوى القرارات الوزارية، والمجالس الوزارية المتخصصة بالتحديد مجلسي وزراء الداخلية وزراء العدل العرب.