خبير دولي: انضمام إسبانيا لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل يشكل ضغطًا دوليًا لوقف الانتهاكات
أشاد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي باعلان إسبانيا بالانضمام للدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بشأن انتهاك الأخيرة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرًا إياه خطوة هامة لتعزيز موقف القضية الفلسطينية أمام أعلى هيئة قضائية أممية.
وفي تصريحات صحفية أوضح الدكتور مهران أن إعلان وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل لباريس عن نية بلاده التدخل في القضية، يأتي في سياق تنامي الدعم الأوروبي للحقوق الفلسطينية، لا سيما بعد اعتراف مدريد رسميًا بدولة فلسطين نهاية مايو الماضي، إلى جانب أيرلندا والنرويج.
كما أشار الخبير الدولي إلى أن انضمام إسبانيا سيمنح زخمًا قويًا للدعوى، حيث تُعد من الدول المؤثرة في الاتحاد الأوروبي، ولها ثقل سياسي ودبلوماسي كبير، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تعكس قناعة متزايدة لدى المجتمع الدولي بضرورة تحميل إسرائيل المسؤولية القانونية عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ووضع حد لإفلاتها من العقاب.
هذا وأكد الدكتور مهران أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والمصادق عليها اكثر من 152 دولة، تُجرم الأفعال المرتكبة بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكًا كليًا أو جزئيًا، مشيرًا إلى أن الممارسات الإسرائيلية الممنهجة في قطاع غزة المحاصر، من قتل وتشريد وحصار وتدمير للبنية التحتية المدنية، ترقى لمستوى هذه الجريمة الدولية الخطيرة.
وأضاف أستاذ القانون الدولي أن المادة التاسعة من الاتفاقية تسمح لأي دولة طرف بإحالة أي نزاع بينها وبين طرف آخر بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ الاتفاقية إلى محكمة العدل الدولية، مؤكدًا أن انضمام دول أخرى يُعزز الحجج القانونية للدعوى ويزيد من فرص صدور حكم لصالح الفلسطينيين.
وبين الدكتور مهران أن هناك دول عديدة سبقت إسبانيا في التدخل بالقضية، ومنها نيكاراجوا وكولومبيا وليبيا وتشيلي والمكسيك وفلسطين نفسها، فيما أعلنت دولًا أخرى كتركيا ومصر والمالديف وأيرلندا وبلجيكيا نيتها للانضمام، معتبرًا أن مشاركة هذا العدد من الدول يعكس حجم التأييد الدولي المتنامي للقضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وحث الخبير في النزاعات الدولية جميع الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، على حذو إسبانيا والانضمام لدعوى جنوب إفريقيا، باعتبار ذلك واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا في ظل استمرار إسرائيل في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، مشددًا على أن تعاظم الدعم الدولي للقضية سيشكل ضغطًا هائلًا على الاحتلال لوقف انتهاكاته.
كما ناشد الدكتور مهران الدول التي لم تصادق بعد على الاتفاقية، بالمسارعة للانضمام إليها حتى تتمكن من لعب دور أكبر في مساندة الحق الفلسطيني، معتبرًا أن مكافحة جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره، ولا يمكن التغاضي عنها بأي حال.
ونوه استاذ القانون إلى إنه في حال صدور حكم محكمة العدل الدولية لصالح الفلسطينيين، سيشكل ذلك سندًا قانونيًا دامغًا يُلزم إسرائيل بوقف ممارساتها الإجرامية، ويدفع مجلس الأمن والجمعية العامة والمنظمات الدولية لاتخاذ خطوات عملية لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومحاسبة مرتكبي الجرائم، مؤكدًا أن اللجوء للقانون الدولي سيظل سلاحًا مهمًا بيد الفلسطينيين لاسترداد حقوقهم المشروعة بالتوازي مع كفاحهم لنيل حقوقهم كاملة.