لخدمة الرنمينبي الصيني.. باكستان تنزع التعامل بالدولار الأمريكي بمنطقة جودار الحرة
في خطوة قد تخدم تدويل الرنمينبي الصيني دوليا، قررت باكستان -التي ترتبط بشراكة استراتيجية وثيقة مع الصين- إلغاء التعامل بالدولار الأمريكي في مناطق ميناء جوادر الحرة، ما يسمح لجميع الشركات في المنطقة الحرة بممارسة معاملاتها التجارية بالعملة الباكستانية بدلا من الدولار الأمريكي.
وينظر الكثيرون إلى تطوير ميناء جوادر على أنه مشروع رئيسي للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وبموجب القواعد الجديدة، فإن شروط المعاملات بالدولار بين منطقة جوادر الحرة ومنطقة التعريفة الجمركية (أسواق وصناعات باكستان التي تعمل خارج الولاية القضائية لمنطقة جوادر الحرة) قد أزيلت. ويمكن الآن أن تقوم منطقة جوادر الحرة ومنطقة التعريفة الجمركية بأعمال تجارية بالعملة الباكستانية.
وقال مسؤول في شركة الصين لما وراء البحار القابضة (COPHC) إن المستثمرين والمشغلين في المنطقة الحرة أشادوا بالتطور الجديد باعتباره لحظة فاصلة في تقدم منطقة جواد الحرة.
ويسمح الإجراء الجديد لملايين التجار الباكستانيين الذين يقومون بأعمالهم في مناطق التعريفة الجمركية بتوسيع تجارتهم مع شركات منطقة جوادر الحرة. وبالتالي لن يحقق تجار منطقة التعريفة الجمركية أرباحا جيدة فحسب، بل أيضا التجار في المناطق الحرة في جوادر سيقومون بأعمال تجارية كبيرة.
ويضم جزء من منطقة جوادر حاليا، والمعروفة أيضا باسم المرحلة الثانية وتغطي 2221 فدانا، شركات صينية كثيرة بينها شركتين قائمتين على التصدير بدأتا عملياتهما، وهما اغفين برايفين ليمتد، وهي شركة مصدرة للأسمدة، وشركة "هانغينغ" وهي حديقة صناعية زراعية تضم مصانع زراعية وعز ونسيج وزيوت وغيرها.
ويرى المراقبون إن هذا الإجراء سيحمي تداولات كلا الجانبين من تقلبات الدولار، حيث سيتيح للشركات الصينية والباكستانية التعامل بعيدا عن العملة الأمريكية. وتسببت هيمنة الدولار الأمريكي في مشكلات متزايدة لاقتصادات مثل باكستان التي تعاني من نقص في هذه العملة الصعبة.
ووقّع بنك الشعب الصيني، البنك المركزي، في 2022 مذكرة تعاون مع البنك المركزي الباكستاني لإقامة ترتيبات مقاصة الرنمينبي في باكستان. وهذا الترتيب يسمح للشركات والمؤسسات المالية في البلدين بإجراء معاملات عبر الحدود باستخدام الرنمينبي، وبالتالي تسهيل التجارة والاستثمار على الصعيد الثنائي.
وتحاول الصين كسر هيمنة الدولار وتدويل عملتها دوليا. وطبقا لهذا، تلتزم وزارة التجارة الصينية وبنك الشعب بمواصلة دعم المؤسسات الاقتصادية والتجارية الأجنبية لتوسيع استخدام الرنمينبي عبر الحدود لتعزيز تيسير التجارة والاستثمار.
وعلى الرغم من أن الرنمينبي الصيني يمثل حصة صغيرة نسبيا من المعاملات الدولية، فقد اكتسب قدرا أكبر من الأرض على مدى العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، شهد اليورو والين انخفاضا في الاستخدام. وفقا لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT) اعتبارا من عام 2022، احتل اليوان المرتبة الخامسة، بحصة سوقية تزيد على 2% متقدما قليلا على الدولار الكندي وخلف الين.
وحققت الصين تطورا كبيرا في تسوية غالبية مدفوعاتها عبر الحدود باليوان. في الأشهر القليلة الأولى من عام 2010، شكلت التسويات بالعملة المحلية أقل من 1.0٪ من مدفوعات الصين عبر الحدود، مقارنة بنحو 83.0٪ بالدولار الأميركي. ومنذ ذلك الحين تمكنت الصين من سد هذه الفجوة. وفي مارس 2023، تجاوزت حصة الرنمينبي في التسويات الصينية الدولار الأمريكي لأول مرة.
واعتبارا من مارس 2024، تمت تسوية أكثر من نصف المدفوعات الصينية (52.9٪) بالرنمينبي بينما تمت تسوية 42.8٪ بالدولار الأمريكي. هذا هو ضعف الحصة من خمس سنوات سابقة. ووفقا لبنك جولدمان ساكس، فإن رغبة الأجانب المتزايدة في تداول الأصول المقومة بالرنمينبي ساهمت بشكل كبير في التخلص من الدولار لصالح العملة الصينية. أيضا، في أوائل العام الماضي، أعلنت البرازيل والأرجنتين أنهما ستبدآن في السماح بالتسويات التجارية بالرنمينبي.
ووسط العقوبات الأمريكية، يرى مراقبون أنه إذا استمر الارتفاع العالمي للرنمينبي، فإن قبضة الدولار على التجارة الدولية يمكن أن تتضاءل بمرور الوقت.