رئيس التحرير
خالد مهران

علي جمعة يفسر قول النبي " إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس"

النبأ

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن الله عزوجل لم يُطلع عباده على ما في قلوب بعضهم بعضا‏،، فليس من سنته سبحانه وتعالى أن تنكشف القلوب للناس‏. 

إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: «من أطلعه الله من الأنبياء على قلوب عباده فإنه لم يأمره أن يعمل بذلك‏،‏ بل أمره بالعمل بالظاهر، ولذلك أبى رسول الله ﷺ أن يقتل من علم أن في قلبه نفاقا، وقال: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس، [البخاري]»

وتابع علي جمعة: وجه ﷺ أصحابه رضي الله عنهم إلى معاملة الغير بما يظهر من حاله، وعدم العمل بالظن والقرائن غير الجازمة الدالة على باطن مخالف للظاهر، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - فِى سَرِيَّةٍ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِىِّ - ﷺ -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: « أَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ: « أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ ». وعلى ذلك وجب على المسلمين العمل بالظاهر والتثبت من الحقيقة، فلا تكون أحكامهم مبنية على ظنون وأوهام أو دعاوى لا يملكون عليها بينات، وهذا من رحمة الله وتيسيره على عباده، ومن باب تكليفهم بما يطيقون ويستطيعون.

ولفت علي جمعة إلى أن خلاف الظاهر هو الظن وقد قال تعالى: (وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)، ومحاولة الكشف الباطن ضرب من التجسس، وقد قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا).

وشدد علي جمعة: بذلك تعلم أن قاعدة الحكم بالظاهر قاعدة عظيمة ؛ لو وعاها المسلمون وعملوا في جميع الميادين في الحكم بين الناس وفي الحكم عليهم وفي تقويم إعمالهم، لأثر ذلك أكبر الأثر في استقامة المجتمع بإزالة البغضاء ونشر الأخلاق الفاضلة، ولكن من الناس من يحسبون أنهم أذكياء ومن ذوي البصائر النافذة التي تخترق القلوب فتستخرج ما فيها، وتقرأ الغيب في ملامح الوجوه، ولا يعترض هنا معترض بأن الفراسة والتوسم حق; لأننا نقول إن الفراسة أهلها من الذين نور الله قلوبهم بالعلم والإيمان، وهي مع ذلك لا يجوز الحكم بها; لأن صاحب الفراسة مهما علا شأنه فلن يبلغ رتبة النبي ﷺ الذي كان يقضي ويحكم بالظاهر، قال الإمام النووي –رحمه الله-: (القاعِدةُ المعروفةُ في الفِقهِ والأصولِ: أنَّ الأحكامَ يُعمَلُ فيها بالظَّاهِرِ، واللهُ يتولَّى السَّرائِرَ) [المنهاج شرح صحيح مسلم]، قال ابن حجر العسقلاني –رحمه الله -: (وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر) [فتح الباري شرح صحيح البخاري]. فاللهم وفقنا لما يرضيك عنا، واجعلنا ممن يطيعونك فيما تأمر وتنهى.