أسرار رحيل الوزراء «العتاولة» من حكومة مصطفى مدبولى الجديدة
مرت عملية تشكيل الحكومة الجديدة للولاية الرئاسة الثالثة لـ«السيسي» بعثرات وجدلا واسعا على مدار شهر كامل منذ تكليف الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيل الحكومة الجديدة وسط حالة من الغضب لدى المواطنين لتأخر الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد.
وأرجع عدد من الخبراء والمراقبين للسياسة الداخلية، سبب تأخر عملية إسدال الستار عن التشكيل الوزاري الجديد لعدة أسباب، أبرزها عزوف الكوادر والمرشحين عن تقلد المناصب الحكومية، خلال الفترة الحالية، لما لها من مسئولية كبيرة لا سيما مع مرور مصر بأزمات داخلية متتالية بداية من الأزمة الاقتصادية وعدم توفر العملة الصعبة وصولا إلى غلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء المتكرر بسبب عدم توافر الغاز التي تحتاجه محطات توليد الكهرباء للعمل بكفاءة عالية في ظل وصول درجات الحرارة بالبلاد لنسب هي الأعلى في تاريخ مصر.
وأثار الإعلان بشكل رسمي عن التشكيل الوزاري الجديد بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي، العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وكواليس رحيل عدد كبير من الوزراء، وأهم الملفات المطروحة على مكاتب الوزراء الجدد عقب الانتهاء من أداء اليمين الدستوري.
وتصدر دمج وزارتي النقل والصناعة بالتغيير الوزاري وإسناد مهامهما إلى الفريق كامل الوزير، المشهد، خلال الساعات القليلة الماضية، ليطرح المواطنين تساؤلات حول فلسفة القرار.
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر مطلعة لـ«النبأ»، أن صناع القرار وجدوا ضرورة في إجراء إصلاح هيكلي لـ«دولاب العمل الحكومي» بداية من أسماء الوزراء المرشحين وصولا إلى السياسات وطبيعة عمل كل وزير.
وأوضحت المصادر، أن قرار دمج وزارتي الصناعة والنقل جاء رغبة من القيادة السياسية في إحداث تطور كبير ونقلة نوعية في ملف توطين الصناعات خاصة صناعة القطارات والجرارات بأنواعها وهو ما حقق فيه كامل الوزير نجاحا كبيرا خلال توليه حقيبة وزارة النقل.
وأضافت المصادر، أن الفريق كامل الوزير عرف عنه الجدية والانضباط في العمل والقضاء على الروتين داخل الهيئات الحكومية لخلفيته العسكرية وعمله لفترة طويلة بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، علاوة على التفكير بطرق غير تقليدية في عقد الصفقات المتعلقة بتوطين الصناعات، مشيرا إلى أن تعيين الفريق كامل الوزير نائبا لرئيس الوزراء يأتي نتيجة ما أثبته «الوزير» من قدرات هائلة في إنجاز الملفات المكلف بها من القيادة السياسية بشكل مباشر، خلال فترة تواجده داخل أروقة وزارة النقل.
وعكس التوقعات المطروحة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، فوجئ شريحة كبيرة من المواطنين بقرار رحيل الدكتور رضا حجازي، عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، خاصة أن الحركة جاءت بالتزامن مع إجراء امتحانات الثانوية العامة.
وأكدت مصادر مطلعة داخل وزارة التعليم، أن عدم سيطرة الوزارة، خلال الأيام الأخيرة، على منصات الغش الجماعي وتسريب امتحانات الثانوية العامة، وتداول أوراق الامتحانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت السبب الرئيسي وراء «زعزعة» استقرار «حجازي» وتفضيل رحيله وضخ دماء جديدة للوزارة من خلال الاستعانة بالدكتور محمد عبد اللطيف، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العاملة في مجال التعليم والتي تدير واحدة من أشهر المدارس الخاصة.
ويشير اختيار «عبداللطيف» إلى فلسفة واهتمام القيادة السياسية خلال الفترة القادمة في إجراء تغييرات شاملة وموسعة بقطاع التعليم لما يتمتع به «عبداللطيف» من خبرات واسعة في مجال التعليم وتبنيه مشروع كامل يتعلق بربط التعليم بسوق العمل وخلق أجيال جديدة من الشباب مؤهلين لتلبية احتياجات سوق العمل.
وأثار خروج السفير سامح شكري، من وزارة الخارجية، علامات استفهام كبيرة تتعلق بتوقيت الرحيل لانخراطه في عدد من الملفات الحساسة المتعلقة بالأمن القومي المصري بشكل مباشر في ظل أوضاع إقليمية حرجة تمر بها الحدود المصرية في كل من قطاع غزة والسودان وليبيا، علاوة على ملف سد النهضة الذي لا يزال يشكل خطرا كبيرا على الأمن المائي للبلاد بالتزامن مع استعداد إثيوبيا للملء الخامس للسد.
وعلمت «النبأ» من مصادر مطلعة، أن مغادرة «شكري» لوزارة الخارجية جاء بناء على رغبته الشخصية في الاكتفاء بما قدمه للدبلوماسية المصرية خلال الفترة الماضية، وعدم قدرته على الاستمرار في منصبه الوزاري.
ويأتي اختيار السفير بدر عبد العاطي، وزيرا للخارجية خلفا لـ«شكري» لما يتمتع به من علاقات قوية مع دول الاتحاد الأوروبي وقدرته على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع العديد من الدول الأوروبية لعمله سفيرا في بروكسل، كما شغل منصب سفير مصر لدى ألمانيا لفترة طويلة، علاوة على خبراته الطويلة في التعامل مع ملف شئون الهجرة والمغتربين في ظل دمج وزارتي الخارجية والهجرة في حقبة وزارية واحدة.
ومن أبرز الوزراء الراحلين عن التشكيل الوزاري الجديد، الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، الذي طلب بشكل واضح من القيادة السياسية إعفاءه من منصبه الوزاري بسبب ظروفه الصحية وعدم قدرته على مواصلة العمل الحكومي.
وعلمت «النبأ» من مصادر مطلعة داخل وزارة الكهرباء أن «شاكر» تقدم باستقالته مرتين في وقت سابق وتم رفضهما.
وتُعد مهمة وزير الكهرباء الجديد ثقيلة لما سيكلف به بشأن إنهاء أزمة انقطاع الكهرباء وضرورة توفير الطاقة اللازمة لوقف العمل بخطة تخفيف الأحمال بنهاية العام الجاري 2024 وفقا لما وعد به الدكتور مصطفى مدبولي المواطنين خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي.
وجاء اختيار وزير الدكتور محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال في الحكومة المستقيلة، لتولي مسئولية وزارة الكهرباء والطاقة لما يتمتع به من علاقات وخبرات واسعة في مجال الطاقة والبترول لعمله في العديد من الشركات العربية والأجنبية كشركة قطر للبترول وأبو ظبي لتسييل الغاز، كما شغل منصب مدير الشرق الأوسط بشركة بيبرل آند فوكس، ومستشارا لشركة يونيون فينوسا لتسييل الغاز بدمياط؛ ما يمكنه من العمل بوتيرة سريعة لاستيراد شحنات كبيرة من الغاز المسيل لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء.
وجاء ضمن قائمة الراحلين الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين؛ لما شهدته فترة ولايته من أزمات كبيرة في ملف السلع التموينية وثبوت تورط عدد من قيادات الوزارة في قضايا فساد.
وجاء اختيار الدكتور شريف فاروق، رئيس هيئة البريد؛ لنجاحاته الكبيرة في هيكلة عدد من البنوك والمؤسسات المالية وتطوير العمل وتأهيل المديرين وتدريب العمالة، وهو ما يشير إلى تكليفه الجديد داخل وزارة التموين بالعمل على وضع دراسة كاملة ومشروع مُحكم؛ من أجل تحويل الدعم العيني المقدم للمواطنين في هيئة سلع تموينية إلى دعم نقدي.