لغز التراخى فى سحب الأدوية غير المطابقة للمواصفات من الصيدليات وتهديد حياة المرضى
أصدرت هيئة الدواء على مدار نصف عام، العديد من المنشورات التي تفيد بسحب أدوية غير مطابقة للمواصفات والمضرة بصحة المواطن، وبالرغم من هذا الاهتمام بالإعلان عن سحبها لبعض الأدوية بشكل مستمر وحرصها على صحة وسلامة المواطنين، إلا أنها في حالة تقاعس وتظل هذه الأدوية في السوق لفترات كبيرة حتى تصل هذه المنشورات للصيادلة؛ مما يضر بصحة المواطن ويتسبب في مضاعفات أو وفاة المريض.
ويشتكى الكثير من الصيادلة بسبب تأخر سحب الأدوية من السوق التي تم الإعلان عنها من قبل هيئة الدواء، ووصول منشورات السحب، مؤخرا، مؤكدين أن عدد الصيادلة مفتشي هيئة الدواء قليل للغاية مقارنة بأعداد الصيدليات في مصر، بمعنى أنهم لا يستطيعون تغطية كل هذه الصيدليات وإبلاغها لسرعة السحب، مطالبين بالاهتمام أكثر بمنظومة التتبع الدوائي.
وفي وقت سابق، كشفت هيئة الدواء عن تفاصيل مشروع تفعيل نظام التتبع الدوائي مع هيئة الشراء الموحد وذلك لضمان توفير دواء آمن وفعال للمريض، بالإضافة إلى تتبع الأصناف التي يتم إنتاجها في السوق المحلية واستبيان العبوات الأصلية من المغشوشة.
وقالت الهيئة، إن نظام التتبع الدوائي أحد الأنظمة التقنية، والذى يستخدم لتتبع الأدوية من نقطة الإنتاج حتى وصولها إلى المستهلك النهائي، ويهدف هذا النظام إلى ضمان سلامة الأدوية وجودتها، وذلك من خلال مراقبة سلسلة التوريد، ومنع دخول الأدوية المزيفة أو المنتهية الصلاحية إلى السوق.
وتابعت أن مذكرة التفاهم مع هيئة الشراء الموحد تهدف إلى تعميم منظومة التتبع الدوائي على كافة الجهات ذات الصلة، وذلك من خلال توفير البيانات والمعلومات اللازمة، والعمل على التطبيق وفق القواعد المنظمة لذلك.
تعميم منظومة التتبع الدوائي
وفي السياق، قال الدكتور ياسين رجائي، مساعد رئيس هيئة الدواء والمتحدث الرسمي لشئون الإعلام والتواصل المجتمعي ودعم الاستثمار، «إننا نحرص فى هيئة الدواء على المضي قدما في تنفيذ وتعميم منظومة التتبع الدوائي، والتعاون مع كافة الجهات ذات الصلة بهذا الشأن وذلك كأحد الأدوات التكنولوجية التى تضمن نظافة السوق بشكل دائم من الأدوية منتهية الصلاحية والمغشوشة، بالإضافة إلى بناء نظام معلوماتي دقيق حول العبوات الدوائية المستخدمة فعليا في السوق وليست المصنعة».
وأضاف «رجائي»، أن النظام الجديد لا يشمل المصانع فقط وإنما يشمل الصيدليات والمخازن لتكون وحدة متكاملة نستطيع من خلالها رؤية الأصناف المباعة والمنتجة فعليا في السوق.
وتابع أن نظام التتبع ورصد الدواء يهدف إلى تتبع عمل سير الأدوية من التصنيع حتى وصولها للمستهلك، وذلك لضمان سلامتها ومنع تأخر سحب الأدوية المعلن عنها بأنها غير مطابقة للمواصفات.
وأشار إلى أن أهم أهداف النظام مكافحة الغش الدوائي، وتحقيق الأمن الدوائي من خلال تتبع حركة الدواء، وتوافر الأدوية في جميع أنحاء الجمهورية، ومتابعة حالة الأدوية المستدعاة والمسحوبة.
وأكد أن الهيئة تطبق منظومة التتبع الدوائي بهدف إحكام الرقابة على سلسلة الدواء، والتصدي لظاهرة الأدوية مجهولة المصدر، بالإضافة إلى توفير الدواء لمستحقيه، منوها إلى أن ذلك يأتي في ضوء تفعيل الاختصاصات الرقابية والتنظيمية لهيئة الدواء، ووضع القواعد اللازمة لحوكمة تداول الأدوية، والتي تضمن تداول مستحضرات ذات جودة وفاعلية ومأمونية عالية.
توفير الوقت والجهد
ومن جهته، قال شهاب علي، صاحب صيدلية، إن الصيادلة يطالبون بشكل دائم بالاهتمام بمنظومة التتبع الدوائي، حيث إنها تعمل على توفير الوقت والجهد والمال على جميع الصيادلة.
وأضاف «علي»، أن الصيدلي تصل إليه منشورات سحب الأدوية، مؤخرا، بعد الإعلان عنها من قبل هيئة الدواء، لافتا إلى أن الحل في التتبع الدوائي.
وأكد أنه في حالة بيع الصيدلي للأدوية التي تم الإعلان عنها من قبل هيئة الدواء بسحبها يكون دون علمه أساسا بالمنشور.
جريمة مكتملة
ومن جانبه، قال الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، إنه منذ أيام نشرت هيئة الدواء على موقعها ما يشكل جريمة مكتملة الأركان معتادة عليها منذ سنوات.
وأضاف «فؤاد»، أن هيئة الدواء حذرت الجمهور من 11 صنفا؛ بسبب عدم المطابقة وبعضهم أصناف خطيرة على الحياة، لافتا إلى أن الرقابة على الدواء سابقة للاستخدام، متابعا: «بمعنى أن الأصل أن التشغيلة تأخذ الموافقة وينزل السوق للاستخدام مثل كل دول العالم، إنما في مصر تتنبه الهيئة بعد نزول الأدوية واستخدامها من المرضى وتبدأ تحذر الجمهور».
وتابع: «نحن في جمعية الحق في الدواء مع تكرار المنشورات لا نجد أصنافا يتم سحبها بل إن أكثر من 80 ألف صيدلية لا تعرف».
وأشار إلى أن العشرات من منشورات الهيئة بعدم المطابقة يؤكد فساد ظاهر قد يؤدي لنتائج وخيمة واعتراف رسمي من الحكومة بفشلها في مراقبة مراحل تصنيع الأدوية.
وأكد المدير التنفيذي لمركز الحق في الدواء، أن فساد الغذاء قد يؤدي للتسمم إنما فساد الدواء يؤدي إلى الموت المحقق، متسائلا: «إلى متى تستمر هذه المأساة؟».
ولفت «فؤاد»، إلى أن عشرات التحذيرات والجمهور لا يعلم أو يدفع الثمن من أذى للمرضى أو مضاعفات وهو لا يعرف.
تأخر سحب الأدوية من السوق
وفي السياق ذاته، قال الدكتور كريم كرم أمين صندوق المركز المصري للحق في الدواء، إن قرار السحب بعد نزول أصناف الأدوية السوق له أبعاد أخرى.
وأضاف «كرم»، أن الاهتمام بحل مشكلة في سحب الأدوية غير المطابقة للمواصفات من البداية قبل نزول السوق مما يوفر وقتا ومجهودا وأضرارا كثيرة من خسارة للشركة والصيادلة، وتفادي أي أذى أو مضاعفات للمريض.
وتابع أن تأخر سحب الأدوية من السوق بعد صدور قرار سحبه بسبب أن عدد الصيادلة مفتشي هيئة الدواء قليلين جدا مقارنة بعدد الصيدليات في مصر وهو نحو 1500 صيدلي.
وأكد أن حل الأزمة نهائيا يكمن في التتبع الدوائي، لافتا إلى أنه يجب العلم بخروج ودخول الصنف الشركة المنتجة للتوزيع ووصولا للصيدلي.
وأشار أمين صندوق المركز المصري للحق في الدواء، إلى أن هذه الأزمة ليست في مصر فقط ولكنها توجد في دول كثيرة ولكنهم يمتلكون طرقا أسرع للحل.