كواليس استيقاف المواطنين في «الكمائن» بسبب كارت المعلومات الجنائية.. (خاص)
تُشكل عملية «الاستيقاف» للأشخاص في أحد الأكمنة الأمنية بسبب حكم قضائي صادر ضده أو للاشتباه لصدور أحكام قضائية سابقة عليه، أزمة عاصفة لهم عند تحركاتهم.
وعلى الرغم من انتهاء كل تلك القضايا أمام المحاكم وجهات التحقيق بالطرق القانونية، سواء بالحصول على براءة أو الطعن والمعارضة أو الحفظ أو الاستبعاد من الاتهام، إلا أن بيانات تلك القضايا لا تزال مسجلة على كمبيوتر وزارة الداخلية، الأمر الذي يحدث أزمة للشخص عند تحركاته، و«ما يزيد الطين بلة» هو ظهور هذه المعلومة -أيضا- للأبناء والأحفاد عند التقديم لكلية الشرطة أو الحربية أو الهيئات القضائية وهو ما يحرمهم من الالتحاق بهذه الجهات ويتم استبعادهم.
كيفية إزالة المعلومات الجنائية من الحاسب الآلي لوزارة الداخلية؟
السطور السابقة تثير عدة تساؤلات حول كيفية إزالة الأحكام الجنائية من الحاسب الآلي لوزارة الداخلية؛ للتخلص من عملية الاستيقاف المتكررة، ورفع اسم الشخص من عداد المُسجلين جنائيًا ومحو المعلومات المُسجلة باسمه من قاعدة بيانات التسجيل الجنائي؟، وما تأثير هذه المعلومات الجنائية المسجلة على الشخص وباقي أفراد أسرته؟، هل هذه المعلومات تجعلهم في موضع شبهة بأعين ضباط المباحث وتساهم في حرمانهم من الالتحاق بكليات الشرطة أو الحربية أو التعيين بالهيئات القضائية؟.
وتعليقًا على ذلك، يقول اللواء رأفت الشرقاوي، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، إن بعض الأفراد يتعرضون أثناء السفر أو في الأكمنة أو الارتكازات الأمنية أو عند استخراج تصريح العمل أو السفر أو تجديد الرخص المرورية أو التواجد بالجهات الحكومية أو بالأماكن الخدمية إلى القبض عليه للاشتباه في وجود معلومات جنائية أو أحكام مسجلة له على الحاسب المركزي بقطاع الأمن العام عن قضية قد تكون انتهت منذ فترة سواء كانت بالبراءة أو التصالح أو الإدانة وتم تنفيذ العقوبة.
ويوضح مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام السابق، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن كارت المعلومات الجنائية أو كارت التسجيل الجنائي أو شبكة المعلومات الجنائية بالبحث الجنائي بمديريات الأمن هو عبارة عن كارت معلومات للمتهم مدون فيه الاسم الشخصي واسم الوالدة، وشهرته والسجل الجنائي ودرجة خطورته ومواصفاته الجسدية، والغرض منه التعرف على المسجلين خطر، ويتم تسجيله حينما يخرج المتهم بكفالة أو براءة.
حكم بإلزام الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في كارت المعلومات الجنائية
ويشير إلى أن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، أصدرت حكما ألزمت فيه وزارة الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في «كارت المعلومات الجنائية» إلا بالنسبة للخطرين على الأمن العام، وأن تراعي التحديث المستمر للبيانات التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية (النيابة العامة أو المحاكم الجنائية).
ويكمل: «قد يختلط الأمر لدى البعض بين الأحكام المطلوب تنفيذها والمعلومات الجنائية، والأحكام المسجلة بصحيفة الحالة الجنائية، حيث إن كارت المعلومات الجنائية يُعد صحيفة سوابق المتهم الذى سبق أن صدر حكم قضائي ضده في قضية ما، وذلك سواء قضاه أم لم يقضه، وفى كثير من الأحيان يكون سبق اتهام شخص ما من قبل النيابة العامة في قضية ما دون صدور حكم ضده، إلا أن هذا الأمر يظل عالقًا بجبين المتهم طيلة حياته يحمل همه؛ لماذا؟، لأنه لا يُمحى من صحيفته بقسم التسجيل الجنائي بسجلات قطاع الأمن العام، الأمر الذى يُعرض معه بعض المواطنين للضرر، ويجعلهم غالبًا موضع شبهة في أعين ضباط المباحث».
ويؤكد «الشرقاوي»، على أهمية الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية والإحصاء بقطاع الأمن العام من جانب، والإدارة العامة لمباحث تنفيذ الأحكام بقطاع الأمن العام من جانب آخر، موضحًا أن الأولى لا تختص فقط بالمعلومات الجنائية وإجراءات التسجيل الجنائي بدرجاته الثلاثة؛ لكن تشمل عدة مهام أخرى، لا تقل أهمية عن دور التسجيل الجنائي - فلديها إدارة الغياب والجثث المجهولة والأشخاص المطلوبين - وإدارة المتابعة الجنائية لكل الحوادث والقضايا وتصنيفها والظواهر الإجرامية والبؤر الإجرامية وتطرح الحلول للقضاء عليها - وإدارة الإحصاء الجنائي التي تصنف معدل ارتكاب الجريمة يوميًا وشهريًا وربع سنوي ونصف سنوي وسنوي ومقارنتها على نفس الشهر من السنوات السابقة، كما تشرف على جميع إدارات المعلومات الجنائية بإدارات البحث الجنائي بمديريات الأمن والإدارات العامة.
ويتابع: «أما الإدارة العامة لمباحث تنفيذ الأحكام فدورها يبدأ عقب انتهاء دور الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية والإحصاء، بصدور الأحكام ضد المتهمين سواء في الجنايات أو الجنح أو المخالفات وبدرجات التقاضي المختلفة لحين صدور أحكام نهائية ضد المتهمين وإيداعهم منظومة الإصلاح والتأهيل؛ تمهيدا لدمجه في المجتمع بعد انتهاء فترة العقوبة».
شبكات وزارة الداخلية للمعلومات
من ناحيتها، تقول الدكتورة صابرين أحمد مصطفى، المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إنه في البداية يجب توضيح أن الأحكام الجنائية ثابتة في ثلاثة أماكن تابعة لوزارة الداخلية، وهي: شبكة وزارة الداخلية التابعة للسجل المدني، وشبكة إدارة تنفيذ الأحكام التابعة للأمن العام، وشبكة المعلومات الجنائية أو كارت التسجيل الجنائي.
وتوضح المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، خلال حديثها لـ«النبأ»، أن شبكة وزارة الداخلية التابعة للسجل المدني؛ يظهر عليها الأحكام النهائية التي نفذها فعليًا المتهم، وهذه هي الأحكام التي تظهر في صحيفة الحالة الجنائية المعروف بـ«الفيش الجنائي»، دون غيرها، وفي هذه الحالة تكون طريقة مسح الحكم منها عن طريق طلب رد الاعتبار، وهذا الطلب يتم تقديمه لمحكمة الجنايات التابع لها سكن المتهم بشرط أن يكون مضى على تنفيذ الحكم المدة القانونية، مع الأخذ في الاعتبار أن أول جنحة لا تظهر في الفيش.
وتضيف الدكتورة صابرين أحمد مصطفى: «أما شبكة إدارة تنفيذ الأحكام التابعة لقطاع الأمن العام، تظهر عليها أي قضية أخذت حكم حتى لو لم ينفذ فيها المتهم الحكم، وهذه هي التي تكون مسجلة في الكمائن والأقسام لكن ما تنزلش في الفيش الجنائي حتى لو لم ينفذ المتهم فيها الحكم ولو عليه عشر قضايا، لكن عندما يحتاج المتهم لعمل فيش ويتوجه لعمله من الممكن عند الاستلام؛ يتعرض أن يكشف عليه ضباط المباحث ويقبضون عليه في هذه الحالة».
وتكمل: «ولكي تمحو هذه القضايا من الحاسب الآلي الخاص بشبكة إدارة تنفيذ الأحكام التابعة لقطاع الأمن العام، عليك أن تحضر شهادة من الجدول، وتتوجه بها إلى مديرية الأمن أو الأمن العام وحدة تنفيذ الأحكام في طرة، ويتم الاستعلام عن صحة هذه الشهادة من خلال بطاقة الرقم القومي، فإذا كانت سليمة يسجلونها وتمضي بأن الشهادة سليمة».
وتشير المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إلى أن شبكة المعلومات الجنائية أو كارت التسجيل الجنائي هو عبارة عن كارت معلومات للمتهم فيه اسمه واسم والدته وشهرته وسوابقه ودرجة خطورته ومواصفاته الجسدية، وهذا الأمر الغرض منه التعرف على المسجلين خطر، وهذه المعلومات يتم جمعها من خلال المعلومات التي يتم تسجيلها في عرض المباحث بعد خروج المتهم سواء بكفالة أو براءة، لذا يتم إرسال المتهم لمديرية الأمن من أجل أن يسجل أنه متهم فى قضية كذا ويخرج في عرض المباحث.
وتكمل: «والحقيقة أن في هذه الحالة يكون من الصعوبة إزالة اسم المتهم من عليه، لأن وزير الداخلية أصدر كتابا دوريا رقم 7 لسنة 2013 بشأن الشروط الواجب توافرها لكى يزال ويمسح اسم من المعلومات الجنائية، وهى أن يمر خمس سنوات على آخر اتهام دون صدور حكم، بعد ذلك تُعقد لجنة في الأمن العام كل 3 أشهر تُقدم لها الطلب، وفى الغالب اللجنة المشكلة تقوم برفض عملية الإزالة، وذلك لأن المتهم يكون مسجل خطر، ولأجل هذا يقوم المحام بإقامة دعوى قضائية في مجلس الدولة تسمى محو وشطب المعلومات الجنائية من كارت المعلومات الذكي، وهناك العديد من الأحكام التي صدرت لصالح المتهمين في هذا الشأن، لكن أخذت وقتا.
وتوضح «مصطفى»، أن دعوى محو المعلومة الجنائية هي تلك الدعوى التي يقيمها المتضرر من هذه المعلومة بطلب محوها وإزالتها من سجلات وزارة الداخلية، وينعقد الاختصاص بنظر هذه الدعوى لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وترفع الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، ويشترط توافر الصفة والمصلحة ولا بد أن يسبق رفع الدعوى التقديم بطلب إلى لجنة فض المنازعات بوزارة الداخلية حتى لا يصدر حكم بعدم القبول لعدم اللجوء للجان فض المنازعات طبقا للقانون 7 لسنة 2000.