رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

علي جمعة يكشف أسباب النجاة من الهلاك الدنيوي

النبأ

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الاستمرار والدوام هو سبب النجاة؛ فعن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». 

وَقَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» وعن عائشة أيضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنه لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا إِلَى اللَّهِ، وَإِنْ قَلَّ»، وكان كما وصفته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، «كان عمله دِيمَة» (البخاري)، أي دائمًا مستمرًا، والديمومة ركنٌ من أركان عمارة الأرض، ونجاح العمل، والشخص الذي يعمل تارة ويترك تارة يقول فيه رسول الله ﷺ: «ولا أحب أن تكون مثل فلان كان يقوم الليل، ثم تركه»، بل إنه يريد الحفاظ ولو على القليل، لأن هذا من شأنه أن يربي الملكات، ومن شأنه أن يربي الصدق مع الله، ومن شأنه أن يستجيب الله سبحانه وتعالى معه لمناجاة العبد.

أما التدبر والتأمل، وقد حُرِمْنا في عصرنا هذا كثيرًا من التدبر والتأمل، فالمناجاة تحتاج أن تتحدث مع ربك بعد تفكرٍ وتدبر: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، ويمدح الله تعالى هذه الملكة فيقول سبحانه: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فهؤلاء دعوا الله تعالى بعد الذكر والفكر، فالمناجاة لا بد أن تشتمل على الفكر، والفكر إما أن يكون في كتاب الله المنظور، وهو الكون، وما يشمله، فيتفكر في السماء، والأرض، في النبات، والحيوان، بل في ذات الإنسان.

قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)، وإما أن يكون في كتاب الله المسطور وهو القرآن، قال تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا). إن التفكر نعمةٌ حُرمنا منها، فأصبحت الحياة سريعة لا نقف أمامها ولا نتفكر في أحداثها ومقتضياتها، وأصبحت الأحداث متتالية، فتقدم السعي قبل الوعي، ومراد الله منا أن يتقدم الوعي قبل السعي، قبل أن تسعى يجب أن تتدبر، وأن تتأمل، وأن تتفكر؛ وترقب قول الغزالي في كتابه الإحياء: (كثر الحثّ في كتاب اللّه تعالى على التّدبّر والاعتبار والنّظر والافتكار، ولا يخفى أنّ الفكر هو مفتاح الأنوار ومبدأ الاستبصار، وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم، وأكثر النّاس قد عرفوا فضله ورتبته لكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره).