رئيس التحرير
خالد مهران

جدل أمريكي بشأن استئناف مبيعات الأسلحة إلى السعودية

السعودية
السعودية

أثارت تعليقات غربية الجدل، بشأن قرار الولايات المتحدة باستئناف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، باعتباره تحول مقلق للغاية وخطير محتمل في السياسة الأمريكية تجاه دول الخليج.

كان وقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في عام 2021 خطوة حاسمة ردًا على الدور المدمر للمملكة في الصراع اليمني. كانت الضربات الجوية التي تقودها السعودية، والتي استخدمت أسلحة أمريكية الصنع، مسؤولة عن مقتل الآلاف من المدنيين، بما في ذلك الأطفال، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. 

وكان قرار الحد من مبيعات الأسلحة إلى الأسلحة "الدفاعية" خطوة ضرورية، وإن كانت غير كافية، نحو تحميل المملكة العربية السعودية المسؤولية عن أفعالها والإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تكون متواطئة في المزيد من الفظائع.

ولكن القرار الأخير باستئناف مبيعات الأسلحة الهجومية يمثل انقلابا صارخا على هذه السياسة، مدفوعا باعتبارات جيوسياسية متغيرة وليس تحسنا حقيقيا في سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. وفي حين صمدت الهدنة في اليمن إلى حد كبير منذ عام 2022، فإنها لا تمحو تصرفات المملكة العربية السعودية السابقة، ولا تضمن عدم استخدام هذه الأسلحة في صراعات مستقبلية ذات عواقب مدمرة على المدنيين.

وتبرر حكومة الولايات المتحدة هذه الخطوة بالإشارة إلى الدور المحتمل للمملكة العربية السعودية في حل الصراع في غزة والشراكة الاستراتيجية الأوسع بين البلدين. لكن هذا الأساس محفوف بالمخاطر. 

فمن خلال استئناف مبيعات الأسلحة الهجومية، تراهن الولايات المتحدة بشكل أساسي على أن المملكة العربية السعودية ستتصرف بمسؤولية في المنطقة - وهو الرهان الذي يشير التاريخ إلى أنه بعيد كل البعد عن الضمان. وعلاوة على ذلك، فإن هذا القرار يخاطر بزعزعة استقرار الشرق الأوسط بشكل أكبر، وتشجيع المملكة العربية السعودية على متابعة سياسات عدوانية بقدرات عسكرية متجددة.

وعلاوة على ذلك، ترسل هذه الخطوة رسالة خطيرة إلى دول أخرى في المنطقة وخارجها: مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة للتغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان إذا كان ذلك يتماشى مع مصالحها الجيوسياسية المباشرة. وقد يشكل هذا سابقة تؤدي إلى تآكل المعايير العالمية حول مبيعات الأسلحة والمساءلة، وتشجيع الدول الأخرى على انتهاك القانون الإنساني الدولي دون عقاب.

عواقب الصراع في غزة

العواقب المترتبة على الصراع الدائر في غزة مثيرة للقلق بنفس القدر. ففي حين قد تأمل إدارة بايدن أن تتمكن المملكة العربية السعودية من لعب دور بناء في حل الصراع، فلا يوجد ما يضمن أن يؤدي تورط المملكة إلى نتيجة سلمية. وبدلًا من ذلك، قد يؤدي تدفق الأسلحة الجديدة إلى تفاقم التوترات ويؤدي إلى المزيد من العنف، وخاصة إذا تم استخدامها بطرق تنتهك القانون الدولي.

وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يؤدي هذا القرار إلى تنفير الشركاء الرئيسيين في المنطقة الملتزمين بحقوق الإنسان وسيادة القانون. 

وقد يؤدي أيضًا إلى تأجيج المشاعر المعادية لأمريكا، ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن على مستوى العالم، حيث ينظر الكثيرون إلى الولايات المتحدة على أنها منافقة لأنها تبشر بحقوق الإنسان بينما تسليح الأنظمة ذات السجلات المزعجة.

بشكل عام، فإن استئناف مبيعات الأسلحة الهجومية إلى المملكة العربية السعودية يمثل خطوة إلى الوراء بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية. فهو يقوض التقدم المحرز في محاسبة المملكة على أفعالها في اليمن ويخاطر بزعزعة استقرار منطقة متقلبة بالفعل. 

ويجب على إدارة بايدن إعادة النظر في هذا القرار وإعطاء الأولوية للجهود الدبلوماسية التي تؤكد على حقوق الإنسان والاستقرار الطويل الأجل على المكاسب الجيوسياسية قصيرة الأجل، حيث لا يستطيع العالم أن يتحمل صراعًا كارثيًا آخر تغذيته مبيعات الأسلحة غير الخاضعة للرقابة.