«الإفتاء» تحسم الجدل بشأن التبرك بقبور الأنبياء والصالحين
قالت دار الإفتاء، في إجابتها على سؤال: هل يجوز المسح على قبور الأنبياء والصالحين وتقبيلها؟ إن المسح على قبور الأنبياء والصالحين وتقبيلها جائزٌ شرعًا؛ فهذا من قبيل التبرك بصاحب القبر وتعظيمه واحترامه، ولا مانع منه شرعًا؛ فهذا ما دلت عليه الأدلة، وجرى عليه عمل المسلمين عبر الأزمان والبلدان.
ونقل الإمام الصالحي أيضًا في "سبل الهدى والرشاد" (12/ 398): [وذكر الخطيب ابن جملة أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف.. قال: ولا شك أن الاستغراق في المحبّة يُحمَل على الإذن في ذلك، والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم، والناس يختلف مراتبهم في ذلك، كما كانت تختلف في حياته، فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم، بل يبادرون إليه، وأناس فيهم أناة يتأخرون، والكلّ محل خير. وقال الحافظ: استنبط بعضهم من مشروعية تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل كلّ من يستحق التعظيم من آدميّ وغيره] اهـ.
وعلى ذلك جرى فعل السلف والمحدثين وهو المعتمد عند أصحاب المذاهب الفقهية المتبوعة؛ قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/ 388، ط. مطبعة دائرة المعارف النظامية): [قال الحاكم (صاحب المستدرك) في "تاريخ نيسابور": سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة مع جماعة من مشايخنا، وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس، قال: فرأيت من تعظيمه، يعني ابن خزيمة، لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا] اهـ.
ووجَّه السادة الشافعية الإباحة بأن التقبيل إنما يُقصَد به التبرك بصاحب الضريح، وهو بهذا القصد لا يوجد ما يمنعه في الشرع؛ قال العلاَّمة الشمس الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 34، ط. دار الفكر): [إن قصد بتقبيل أضرحتهم التبرك لم يكره كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى] اهـ، قال الشيخ الرشيدي في "حاشيته عليه": [(قوله: نعم إن قصد بتقبيل أضرحتهم التبرك إلخ) هذا هو الواقع في تقبيل أضرحتهم وأعتابهم فإن أحدًا لا يقبلها إلا بهذا القصد كما هو ظاهر] اهـ.
وقال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11/ 212، ط. مؤسسة الرسالة): [أين المتنطع المنكر على أحمد، وقد ثبت أنَّ عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويمس الحجرة النبوية فقال: "لا أرى بذلك بأسًا".. وختم الإمام الذهبي كلامه بقوله: أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع] اهـ.